من يقرأ بنود الفلسفة التربوية في إسرائيل يجد أنها ترتكز أساسا إلي الدين في سبيل تشكيل أجيال مؤمنة بالتوراة وأنه بدون إجادة اللغة العبرية سوف يكون من الصعب الحديث عن استمرار إسرائيل كأمة واحدة تجمع كل يهود العالم في أراضيها علي أساس الدين واللغة العبرية اللذين هما- علي حد تعبير إليعازر بن يهوذا زعيم الدعوة للعبرية- العنصران الأساسيان لإعادة صياغة الأمة اليهودية وفق الروح اليهودية والثقافة اليهودية!. ولكن عندنا في أمة العرب- وبين ظهرانينا- من يعتبرون الاستمساك باللغة العربية نوعا من التخلف والجمود ويتجاهلون أنها لغة حية لم تمت كما ماتت كثير من اللغات ويراد إحياؤها كما فعل اليهود مع لغتهم العبرية.. ثم إنها لغة القرآن الكريم الذي يجمع قلب هذه الأمة ويوحد صفوفها. إنه والله لعيب عظيم.. بل إنه لجرم جسيم أن يتواري اهتمامنا باللغة العربية التي هي أحد مصادر قوتنا وعزتنا وعلامة بارزة من علامات حضارة هذه الأمة في الوقت الذي توفر فيه إسرائيل الاعتمادات المالية الضخمة لإحياء اللغة العبرية من الموات الذي عاشته آلاف السنين لأنهم يعتقدون- واعتقادهم بلا شك صحيح- في أن اللغة هي سبيلهم الوحيد لتكوين مجتمع عضوي موحد من شتات اليهود الذين تجمعوا من كل بقاع الدنيا بلغات وعادات مختلفة ليقيموا إسرائيل التي هي حلمهم التاريخي. وليت الذين يرقصون- دون وعي- علي طبول ودفوف دعوات العولمة والتغريب والفرنجة يدركون أن النفوذ الواسع للجاليات اليهودية في أمريكا وأوروبا خاصة في مجال الإعلام والمال والذين يقودون حملات الترويج للعولمة والتغريب والفرنجة هم أنفسهم الذين يمولون اعتمادات إحياء اللغة العبرية داخل المجتمع الإسرائيلي وحماية ما يسمي بالتراث اليهودي!. ولم أكن في سطر مما كتبت أمس واليوم منطلقا من وعي وحس قومي فقط وإنما كنت أعبر- وبصدق عن إدراك لخطر مزدوج يتمثل في التداعيات السلبية التي يمكن أن تترتب علي استمرار إهمالنا للغتنا العربية الجميلة في الوقت الذي تسعي فيه إسرائيل لإحياء لغتها القديمة الميتة. إن الهوية واللغة هما أهم ساحات الصراع علي المدي الطويل حتي لو قدر لحلم السلام أن يصبح حقيقة واقعة!. خير الكلام: أولئك أبناء العروبة ما لهم عن الفضل منأي أو عن المجد منزع!. [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله