حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قولوا لأولادكم وأحفادكم وحياة أكتوبر نقدر!
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 10 - 2018

الشعوب تحتفي وتحتفل بذكري انتصاراتها سنويًا.. لتبقيها دائرة ضوء متوهجة.. لا تخطئها عين مهما ابتعدت.. ومنارة هداية للطريق الصحيح.. وإلهامًا يحفظ مكونات الانتصار.. وقدوة لعقول وقلوب أطفال وشباب.. هم غد وكل غد أي وطن..
ونحن هذه الأيام نعيش الذكري ال45 لحرب أكتوبر.. نعايشها مثل كل سنة.. تأدية واجب!. وإن كان علي الاحتفال.. احتفلنا.. وخلي السلاح صاحي سمعنا.. والرصاصة لا تزال في جيبي.. شُفْنَا.. ولا أظن أننا فيما تبقي من أكتوبر.. سنفاجئ أنفسنا بما يجب أن تكون عليه احتفالاتنا كشعب.. بأعظم ما حققناه في تاريخنا!.
نعم.. علينا أن نفعل.. لأنه علينا أن نفخر.. ونُبْقي علي هذا الفخر ونُزِيد عليه.. جيلًا بعد جيل!. علينا أن نعيش الزهو والشموخ والفخر.. لأننا ولا أحد غيرنا.. من حوّل قمة اليأس.. إلي طاقة أمل جبارة!. من جعل من أسوأ هزيمة.. أعظم انتصار!. نحن ولا أحد غيرنا.. من أثبت للدنيا كلها.. أننا وطن لا يعرف مستحيلًا.. ونقاط ضعفه هي مصدر قوته.. وأن قدراتنا وصبرنا وجلدنا بلا نهاية.. وأن جيشنا خاض أصعب مرحلة تدريب وإعداد واستعداد.. عاشها جيش في الدنيا.. وحقق.. ما أجمع كل جنرالات العالم علي أنه مستحيل.. وهو ده الإعجاز!.
الشعوب اللي عملت في تاريخها انتصارًا.. جعلت منه طاقة نور لا ينطفئ..
و«إحنا» البلد الوحيد «اللي» صنع الإعجاز واكتفي.. ويوم احتفال كل سنة.. وكفي!.
فعلنا هذا بنفسنا في نفسنا.. رغم أن الإعجاز «اللي» عندنا.. يغطي الدنيا كلها.. أملًا وتفاؤلًا وثقة!.
الإعجاز «اللي» حققناه.. غطي كل المجالات وشمل كل التخصصات!.
الإعجاز.. إعجاز فكر وتخطيط وإدارة وثقة وعزيمة وإصرار وصبر ومثابرة!. إعجاز شعب ليس له «كتالوج».. تصوروا أن الهزيمة ستمزقه.. فوجئوا به صلبًا كالفولاذ!. إعجاز جيش أثبت أن السر في الإنسان لا السلاح وأحدث طائرات وأقوي دبابات لا تؤمّن نصرًا.. أثبت أن المقاتل المصري هو الإعجاز!.
فكر وتخطيط جيش مصر.. حوّل أكبر هزيمة.. لأكبر انتصار!. فكر وتخطيط جيش مصر.. تفوق باكتساح علي من يخططون للجيش الذي لا يقهر.. وداخل الكيان الصهيوني وخارجه!. خارجه هذا هم أقوي دول العالم بقيادة أمريكا!.
علي فكرة.. خطة الهجوم المضاد للعدو علي قواتنا التي اقتحمت سيناء يوم 6 أكتوبر.. الخطة وضعها جنرالات أمريكا الكبار.. وطار بها وفد عسكري رفيع المستوي لإسرائيل.. وكيسنجر وزير خارجية أمريكا.. أوقف عقارب الساعة إلي ما بعد 8 أكتوبر.. أي إلي ما بعد هجوم العدو المضاد.. اللي خططوا له في أمريكا.. ومفروض إنه ينتهي باحتلال العدو للإسماعيلية والسويس.. وبعدها يجتمع مجلس الأمن.. ليقرر رأيه فيما يحدث في الشرق الأوسط!.
وعلي فكرة أيضًا.. العدو قام بهجومه المضاد الذي وضعته أمريكا.. بثلاث فرق مدرعة.. في الموعد المحدد بالضبط.. وهذا هو الجزء الوحيد الذي تحقق من الخطة!.
الجيش الثاني الميداني بقيادة اللواء سعد مأمون.. صنعوا إعجازًا!. الفرقة الثانية بقيادة اللواء حسن أبوسعدة.. نصبوا فخًا للعدو.. وبمعني أوضح .. فكر وتخطيط المصريين.. اكتسح فكر وتخطيط جنرالات أمريكا!. خطتنا دفاع صندوقي.. يستدرج دبابات العدو للدخول في أكبر مصيدة دبابات صنعها جيش في العالم!. الخطة العبقرية المصرية.. فتحت الخط الأمامي للمصيدة التي علي شكل صندوق!.
العدو لم يجد مقاومة في خط دفاعنا الأمامي.. اندفع بأقصي سرعة.. لأجل أن ينفذ خطته باحتلال السويس والإسماعيلية!. العدو عندما وصل إلي الحد الممنوع تخطيه.. فوجئ بالجحيم من كل جهة يحاصره!. معركة أظنها أكبر معركة دبابات في حرب بالعالم!. نهايته.. مذبحة بكل ما تحمله الكلمة من معني.. وكيف لا تكون ونحن دمرنا للعدو 400 دبابة في أقل من ساعة.. الهجوم المضاد انتهي بفضيحة.. للخطة الأمريكاني.. اللي فيها ضباط وجنود العدو ماتوا.. زي ما دباباتهم ماتت!. فضيحة شاهد عليها.. العقيد عساف ياجوري.. قائد لواء دبابات.. فقد كل دباباته ووقع أسيرًا!.
عفوًا للإطالة في حدوتة الهجوم المضاد.. لكن أردت لنا.. أن نتذكر كلنا ونعي جميعًا.. أننا حققنا بكل المقاييس.. إعجازًا في كل شيء!. إعجاز عقول فكرت وخططت وتفوقت علي فكر وتخطيط الغرب!. إعجاز مقاتلين لا يعرفون الخوف!.
أردت أن نتذكر حقيقة لا تقبل نقاشًا.. نتذكرها ونستدعيها.. لتبقي نورًا لنا وحافزًا لنا وتذكرة لنا.. لكل واحد منا في أي مجال.. ليثق في قدراته ويعرف أنه يقدر علي النجاح وتكرار النجاح بل وصناعة الإعجاز!.
المصريون فكروا وخططوا ونفذوا وانتصروا علي عدو تدعمه أمريكا وحلفاؤها..
حقيقة.. حققناها نحن المصريين.. وأيضًا نسيناها نحن المصريين!.
حرب أكتوبر.. أول انتصاراتها جاء بعد الهزيمة بثلاثة أسابيع في 1 يوليو ومعركة رأس العش!. حرب أكتوبر.. وانتصارات أكتوبر.. وإعجاز أكتوبر.. في كل قرار وكل مهمة وكل عملية من بعد هزيمة يونيو 1967!. أول قرار عبقري بعد الهزيمة مباشرة كان الصمود لإعادة البناء ووضع الهيكل الدفاعي عن غرب القناة!. هذا القرار أعطي الفرصة لالتقاط الأنفاس وتجميع الوحدات المنسحبة من سيناء!. مطلوب إبقاء الأوضاع علي ما هي عليه.. وعدم الاستفزاز والاستدراج لأمور ليس هذا وقتها!. هذا القرار لم يعجب المقاتلين.. لأنهم في نظر العالم مهزومون.. وفي قرارة أنفسهم أنهم لم يحاربوا أصلًا حتي تُحسب عليهم هزيمة.. ومن هنا رغبة الانتقام هائلة.. والصمود لا يشفي غليلها!.
الذين فكروا وخططوا ونفذوا خطة الدفاع الاستراتيجي مصريون!. حقيقة.. مثلها مئات.. تبرهن وتؤكد عبقرية المصريين.. وفاتت وكأنها لم تحدث أو أنها شيء عادي.. والحقيقة أنها إعجاز!.
فكرة خداع عبقرية.. عبقريتها.. أنها طويلة الأمد علي مدي سنوات.. لا عرف الصهاينة حقيقتها ولا كشفت أقوي دولة في العالم طلاسمها!. في الحياة.. واحد ممكن يضحك علي التاني.. ولامؤاخذة يستغفله.. مرة واتنين وتلاتة.. وأكيد في الرابعة.. التاني هياخد باله.. لكن أخدعك سنين وتكمل بحرب مستحيلة وانتصار إعجاز..
فهذه عبقرية مصرية فذة.. كان يجب أن نجعلها ونبقيها طاقة أمل لا ينضب.. لأجيالنا!.
طاقة أمل لكل مصري في كل مجال.. أن يثق بأنه قادر علي النجاح والإبداع بل والإعجاز.. يثق تمامًا في هذا.. لأنها جينات المصريين التي أثبتت حرب أكتوبر وجودها..
إنها جينات إعجاز جيش.. في أكتوبر.. وعاودت ظهورها بعد 30 يونيو 2013.. رأينا الإعجاز يجري في دماء جيش مصر..
الإعجاز الذي رأيناه من 45 سنة تكرر ويتكرر في التصدي للإرهاب والانتصار علي الإرهاب وفي حماية وطن وإنقاذ الوطن من أكبر فتنة اتدبرت علي مدي تاريخه.. في معركة بناء مصر.. طرق وكباري ومحاور ومحطات كهرباء ومشروعات عملاقة..
الإبقاء علي إعجاز أكتوبر منارة للأجيال سهل.. ونسيانه أسهل!.
..............................................................
عفوًا كل منصات التهميد والتيئيس علي التواصل الاجتماعي.. كيف تجرؤ علي الكذب بكل هذه الوقاحة.. في شهر السنة الوحيد الشاهد علي عبقرية شعب وإعجاز جيش.. وعليه!.
أسترجع هنا مع حضراتكم شهادات وحقائق ومعلومات وأرقامًا موثقة.. أغلبية المصريين نسيوها وبعضهم لم يعرفها أصلًا.. لأن أحدًا لا يتناولها رغم أنها الأساس الذي تقوم عليه أي احتفالات بذكري انتصارات أكتوبر!.
أبدأ الكلام بأعظم شهادة لأعظم جيش.. شهادة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.. يقول:
«إذا فتح الله عليكم مصر.. فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا.. فذلك الجند خير أجناد الأرض»، فقال له سيدنا أبوبكر: «ولم ذلك يا رسول الله؟». قال الرسول الكريم: لأنهم في رباط إلي يوم الدين.
نابليون بونابرت قال: «لو كان عندي نصف هذا الجيش المصري لغزوت العالم».
الجنرال فارار هوكلي.. مدير تطوير القتال في الجيش البريطاني قال: إن الإنجاز الهائل الذي حققه المصريون.. هو عبقرية ومهارة القادة والضباط الذين تدربوا وقاموا بعملية هجومية جاءت مفاجأة خاصة للطرف الآخر.. رغم أنها تمت تحت بصره.
مجلة نيوزويك الأمريكية: إن كل يوم يمر يحطم الأساطير التي بنيت منذ انتصار إسرائيل عام 1967 وكانت هناك أسطورة تقول أولًا إن العرب ليسوا محاربين وأن الإسرائيلي سوبرمان.. لكن الحرب أثبتت عكس ذلك.
ديبوي.. المؤرخ العسكري الأمريكي القريب من البنتاجون والصديق لإسرائيل في كتابه «الانتصار المجيد».. ترجمة هيئة الاستعلامات. قال: إن التخطيط الماهر الذي اتسم بالدقة الكاملة والسرية التامة وتحقيق المفاجأة الكاملة.. وكذا التنفيذ الكفء للخطط التي وضعت بعناية.. أدي كل ذلك إلي نجاح إحدي عمليات عبور الموانع المائية التي ستظل تذكر في التاريخ.
ديبوي في تصريح آخر قال: ليس هناك شك من الوجهة الاستراتيجية والسياسية في أن مصر قد كسبت الحرب.
ديبوي في كتابه «النصر المراوغ» قال: إن ما قامت به إسرائيل في عملية الثغرة.. هزيمة وعملية تليفزيونية.. أدت إلي تحقيق الهدف المصري في إطالة زمن الحرب.. ووضعت إسرائيل نفسها.. في وضع حصار لقواتها في الثغرة.. لم تنقذها منه إلا الولايات المتحدة الأمريكية في صفقة فض الاشتباك الأولي التي وقعت في 17 يناير 1974.
الجنرال الفرنسي بوفر والذي كان قائدًا للقوات الفرنسية في العدوان الثلاثي علي مصر (إنجلترا وفرنسا وإسرائيل سنة 1956) قال: لا يحق لأي جيش في العالم.. مهما كانت درجة تقدمه.. أن يدعي أنه كان بإمكانه أن يخطط أو ينفذ حربًا علي نفس الدرجة التي أدار بها الجيش المصري حرب 1973.
موشي ديان وزير دفاع إسرائيل في 1973.. عندما سأله الصحفيون عن رأيه في أول بيان للمتحدث العسكري المصري عن اقتحام جيش مصر قناة السويس وتدميره لبعض النقاط القوية وحصاره للأخري.. ديان قال: لا تقلقوا.. يومان للتعبئة.. ويومان للقضاء علي الجيش المصري.. ويومان لتهديد القاهرة!.
هذا الكلام قاله ديان بعد ظهر يوم 6 أكتوبر.. فماذا قال ديان يوم 8 أكتوبر أو يوم الاثنين الحزين.. قال في مؤتمر صحفي: نعتذر لأننا غير قادرين علي رد المصريين!. سوف أذهب إلي رئاسة الوزراء وأطلب الانسحاب إلي خطوط خلفية!. نحن غير قادرين علي مجابهة المصريين!. قتلانا كثيرون ونحن غير قادرين علي مواجهتهم!. دباباتهم كثيرة وصواريخهم فاعلة وتقتل دباباتنا!. صواريخ الدفاع الجوي أسقطت الكثير من طائراتنا!. معذرة أنا غير قادر علي مواجهة المصريين علي الجبهة الجنوبية!.
وقعت أزمة كبيرة بعد كلام موشي ديان!. جولدا مائير رئيسة الوزراء.. حظرت نشر وإذاعة مؤتمر ديان الصحفي.. خشية تدمير الروح المعنوية لجيشها وشعبها!. جولدا مائير قامت بتعيين حاييم هرتزيك مدير المخابرات السابق متحدثًا عسكريا ورقيبًا علي المعلومات المُصَرَّح بنشرها!.
موشي ديان في كتابه «حياتي» قال: القوات الإسرائيلية في الثغرة وما قبلها.. وقعت بها خسائر لم تكن في حسباننا.. وعندما ذهبت لأشاهد آثار المعركة التي دارت في المزرعة الصينية.. وجدت مئات الدبابات والعربات التي احترقت ومازال الدخان يتصاعد منها.. وتجولت لأجد لمن تتبع هذه الدبابات.. وكنت أتمني ألا أجد عليها العلامات الإسرائيلية.. لكن للأسف وجدت هذه العلامات كثيرة.. كثيرة جدًا!.
وعن نفس المعركة في نفس المذكرات.. قال ديان: وجدت الكولونيل عوزي مائير قائد اللواء المظلي.. في حالة نفسية سيئة ويكاد يبكي وهو يقول لوزير دفاعه: لماذا قمتم بدفعي لهذه المعركة؟ من يعوضنا عن مئات القتلي والجرحي؟. أنا غير قادر علي الدخول في معارك أخري.. إلا بعد إمدادي بقوات جديدة!.
أستأذن حضراتكم في التوقف عند شهادتهم عن المعركة الصينية.. لأنها واحدة من ملاحم الشجاعة والإقدام للمصريين.. وهي أيضًا واحدة من المعارك التي يستحيل علي العدو نسيانها.. ونسيان تفاصيلها المؤلمة وخسائرهم الفادحة ومعنوياتهم المحطمة!.
يوم 16 أكتوبر ليلة 17 أكتوبر.. العدو عاود هجومه علي نفس المنطقة.. التي تم ويتم ضربها بالمدفعية من ثلاثة أيام وفشلت كل محاولات المدرعات في السيطرة عليها.. في هذه الليلة العدو غيّر خطته وأزاح المدرعات جانبًا.. وأتي بلواء مظلي للقيام بالمهمة.. وبالفعل.. تم إبرار اللواء المظلي.. علي مسافة آمنة من الحد الأمامي للواء 16 الفرقة 16.
الإبرار تم وسط الليل.. وبعد أن رفعت مدفعية العدو ضربها للمنطقة.. وفي مثل هذه الظروف التي يكون فيها ضرب مدفعية.. المتوقع دائمًا أن يكون التالي هجوم بري للعدو!. علي كل الأحوال.. جيش مصر في حرب أكتوبر.. جاهز ومستعد ومتوقع أي اشتباك مع العدو.. علي مدي 6 سنوات من 5 يونيو 1967 وحتي 6 أكتوبر 1973..
المهم.. العدو وصل باللواء المظلي لحدود اللواء 16.. وكما ذكرت.. قواتنا.. يقينها أنها قريبة جدًا من بداية معركة!. استطلاع اللواء 16 المتقدم عن الخط الأمامي للفرقة 16 نجح في رصد اتجاه هجوم اللواء المظلي!. إنهم يهاجمون اللواء 16 من جهة الكتيبة 16.
قائد الكتيبة 16 جاهز للمعركة بقلب فولاذ!. التعليمات صمت نيراني تام.. إلي أن يدخل العدو أتون النيران الذي ينتظره!. الخطة.. ترك العدو يخترق حد الكتيبة الأمامي ويتقدم للأمام.. ترك العدو يقتنع أنه تخطي الدفاعات الموجودة أمامه.. والحقيقة أنه دخل بنفسه في مصيدة الكتيبة 16 التي هي مربع إلا ضلع.. فيه كل أنواع النيران..
العدو يتقدم ويتقدم والصمت النيراني مستمر.. إلي أن أصبح اللواء المظلي في قبضة الكتيبة 16 وفي مقتل من نيرانها.. التي انفتحت فجأة جحيمًا من ثلاث جهات علي العدو!.
هذه المعركة.. الذين علي قيد الحياة من اللواء المظلي أو أهالي من قتلوا.. صوروا فيلمًا يحكون فيه حكايتهم في المزرعة الصينية وما جري لهم في المزرعة الصينية.
هذا الفيلم قمت بترجمته وعمل دوبلاج له.. وإذاعته.. وقت عملي في قناة النهار!. هذا الفيلم فيه شهاداتهم هم عن المزرعة الصينية!.
في المزرعة الصينية.. الكتيبة 16 قتلت وأصابت 200 ضابط وجندي من اللواء المظلي!.
قصة المزرعة الصينية.. ملحمة صمود وملحمة شجاعة وملحمة قرارات.. مليئة بالتفاصيل التي كلها شجاعة وشموخ وصلابة وكبرياء.. فيها ما فيها من فخر واعتزاز يكفينا نحن المصريين ليوم الدين!.
خسائر العدو في المعركة الصينية.. دبابات وأفراد.. هائلة.. قادة جيش العدو.. اعترفوا بها وسجلوها في مذكراتهم وقبلها شهاداتهم في التحقيقات التي أجراها العدو بعد هزيمتهم في الحرب!.
الكتيبة 16 في اللواء 16 من الفرقة 16 التي تصدت للواء المظلي ودمرت اللواء المظلي وقتلت 200 من اللواء المظلي.. وأضافت إلي مجد جيش مصر مجدًا..
قائد الكتيبة 16 هو المقدم محمد حسين طنطاوي..
إوعوا تخافوا علي مصر وجيش مصر موجود.
تحية إلي جيش مصر العظيم في الأمس واليوم والغد وكل غد بإذن الله.
لمزيد من مقالات إبراهيم حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.