عمرو الورداني: الالتجاء إلى الله سنة لمواجهة الكوارث وتحقيق التوازن النفسى    "فسيولوجيا فيه مشكلة".. نجل شقيقه يكشف أسباب عدم زواج عبد الحليم حافظ    أحمد موسى: مصر تفتتح أكبر سوق جملة لضبط الأسعار أكتوبر المقبل    إيران: الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا تهدد السلم في المنطقة    عباس: الفلسطينيون في لبنان لن يكون لديهم أي نشاط خارج إطار القانون اللبناني    63 شهيدا في غزة جراء غارات وقصف الاحتلال منذ فخر الأربعاء    وزيرا خارجية الجزائر وألمانيا يبحثان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك    حشيش وشابو وفرد روسي.. مباحث الأقصر تضبط عنصرين إجراميين بالاقالتة تخصصا في تجارة المخدرات    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    مصطفى شحاتة ينضم لفريق عمل فيلم بنات فاتن    شركة مياه الشرب تعلن بدء عودة المياه لمدينة المنيا    هيئة الدواء: تلقينا 12 ألف استفسار منذ تفعيل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    باريس: استهداف وفد دبلوماسي في جنين تصعيد مرفوض ونطالب بتفسير عاجل    بعد توصيل أطفاله للمدرسة.. اغتيال مسؤول أوكراني متعاون مع روسيا في إسبانيا (ما القصة؟)    تشكيل بتروجيت لمواجهة سيراميكا في كأس عاصمة مصر    الزمالك يعلن في بيان رسمي توقيع اتفاقية لتسهيل تجديد العضويات    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي 2025 في محافظة الجيزة (فور إعلانها)    "الوفد" يعلن رؤيته بشأن قانون الإيجار القديم ويطرح 4 توصيات    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    بيع 6 قصور.. اتهامات متبادلة بين أحفاد نوال الدجوي بشأن الثروة    الشباب والتعليم تبحثان استراتيجية المدارس الرياضية الدولية    هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح    هل يجوزُ لي أن أؤدّي فريضة الحجّ عن غيري وما حكم الحج عن الميت؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مصدر: التعليم الثانوي ينطلق بمرونة لمواكبة التخصصات الحديثة    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    مصر تدين إطلاق النار من قبل الجانب الإسرائيلي خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    «غيّر اسمه 3 مرات».. حقيقة حساب أحمد السقا غير الموثق على «فيسبوك»    فيتسلار الألماني يعلن تعاقده مع نجم اليد أحمد هشام سيسا    طولان: إلغاء الهبوط لم يكن بسبب الإسماعيلي.. بل لمصلحة ناد آخر    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    ماركو بونيتا: أسعى لتحسين تصنيف فراعنة الطائرة ولا أسمح بالتدخل فى اختيارات القائمة الدولية    وزير الخارجية يلتقى مع نظيره الزامبى على هامش الاجتماع الأفريقى الأوروبى    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية    فيديو يكشف طريقة سرقة 300 مليون جنيه و15 كيلو ذهب من فيلا نوال الدجوي    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالشرقية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    قبل مواجهة بتروجيت.. قرار من أيمن الرمادي بعد انتهاء معسكر الزمالك    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المرور اليوم.. زحام وكثافات بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    تحت ال50 .. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 21 مايو 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل موعد تسليمها فى نوفمبر المقبل..
أنفاق القناة .. إنجازات البشر يحكيها الحجر
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 10 - 2018

«عندما تبنى بيتا تجوع وتستدين سنة .. وعندما تسكن بالإيجار تعيش فى الجوع والديون طول العمر» جملة قالها أحد العمال الذين التقيتهم فى جولتى بأنفاق القناة وتدبرت فى معانيها كثيرا، ورغم بساطتها لكنها حكمة بليغة، فطنها العامل الصعيدى الذى يمثل قطاعا عريضا من أولاد البلد الكادحين، التقيته والعرق يتصبب فوق جبينه، لم يحاول تجفيفه كأنه يطفئ به لهيب الشمس، بفطرته لخص حال بلدنا فى طريقه نحو التشييد والبناء، وأجاب عن من يتساءلون عن جدوى هذه المشروعات وعائدها على المواطن البسيط؟ فالتقييم وتكوين الرؤية الواضحة لا يتأتى بالتنظير والبعد عن الواقع وإنما عبر المشاركة فى فاعلياته، أن تحذو حذو ملايين العمال من جميع التخصصات الذين سعوا للعمل والإنتاج فى هذه المشروعات وتركوا التخاذل والتكاسل خلف ظهورهم واللهاث وراء وظيفة مكتبية، وأصبحوا شعلة من الطاقة الايجابية المنيرة والفعالة وحققوا أرقاما قياسية فاقت توقعات الخبراء الأجانب، هذا جزء مما رصدته «تحقيقات الأهرام» فى زيارتها مشروع أنفاق قناة السويس.
فى موقع العمل بالانفاق التقينا المهندس هيثم جاويش مدير تنفيذى بمشروع أنفاق قناة السويس بالإسماعيلية فى أثناء متابعته اللحظية على شاشة المراقبة مراحل وخطوات العمل داخل الأنفاق، أوضح فى بداية حديثه أن المشروع عبارة عن نفقين تتولى شركتا كونكورد وبتروجيت تنفيذهما، ويصل طول النفق منهما بالحفر العميق إلى 4.8 م بالإضافة لحفر مكشوف لبدايته ونهايته ليبلغ طوله 5.5كيلو، ويبلغ قطر النفق 13 مترا ليكون الأكبر من نوعه فى مصر والشرق الأوسط وإفريقيا , إلى جانب أعمال يتم تنفيذها لأول مرة بمجال الأنفاق فى مصر، تتمثل فى فتح ممرات عرضية للطوارئ بين النفقين كل ممر على بعد كم من الآخر, نستخدم فى تنفيذه تقنية «تجميد التربة وتكسيرها» لشق وحفر هذه الممرات بطول 3.5 متر وعرض 2.5 متر لكل ممر لأمان عبور المواطنين داخل الأنفاق فى حال وقوع أى حادث أو عطل لإحدى السيارات وتوقف حركة المرور، وعبر هذه الممرات يستطيع المواطنون الانتقال للنفق الآخر، كما يقع أسفل هذه الأنفاق نفق آخر قطره 11.40 متر بارتفاع 3 أمتار يضم غرف طوارئ تيسر الوصول لأقرب الممرات العرضية بالإضافة الى احتوائه على خدمات النفق الرئيسي.
بأيد مصرية
جاويش أكد أن المميز فى المشروع أنه يتم بأيد مصرية، بعد أن كانت أعمال حفر الأنفاق حكرا على الأجانب، أما الآن فلا تتجاوز نسبتهم10% وتتمثل فى تصنيع الماكينات التى يتم استيرادها من الخارج سواء من ألمانيا أو ايطاليا, وفى بداية المشروع تم الاستعانة بالخبرة الأجنبية فى مجال حفر الأنفاق العملاقة وهو أمر حديث على نوعية وطبيعة أعمال معظم الشركات المصرية، فشركة كونكورد كانت تعمل فى الأنفاق الصغيرة، وأكبر نفق نفذته من قبل لم يزد قطره على 3.5 و4 م، وكان من الضرورى الاستعانة بالخبرات الأجنبية فى بدايات العمل بهذا المشروع العملاق ولفترة لم تتعد 8 أشهر من بداية العمل فى 25 /8 /2016 حتى مايو 2017، وبعدها استكملنا المشروع بمعدلات حفر مرتفعة عن معدل الحفر فى أثناء وجودهم والتى لم تزد على 7 م فى اليوم باجمالى حفرة 1300م، بينما وصلنا بعد رحيلهم إلى 19 م فى الوردية الواحدة، بل تمكنا من تسجيل رقم عالمى فى حفر الأنفاق،حيث وصل معدل الحفر38 م فى اليوم الواحد (212 م فى الأسبوع) والانتهاء من 4.8كم، وتعدت نسبة التنفيذ 80%، فالعمل بالموقع يتم على ورديتين على مدى اليوم ويتجاوز عدد العمال 2000 عامل بكل التخصصات من مهندسين ميكانيكا وكهرباء وعمال نجارة ولحام وخرسانة وبلغ حجم صبها فى الشهرين الماضيين فقط 800 م و 115 ألف طن أسمنت فى اليوم الواحد، وتصل كمية الحديد فى مقطع واحد مساحته 10 م بمدخل النفق إلى 200 طن.
تدريب متواصل
وعن نوعية التدريب سواء للمهندسين أو الفنيين والعمال بالمشروع، والتى أهلتهم لتحقيق هذه المعدلات التى تفوق ما أنجزه ذوو الخبرة من الأجانب، قال جاويش : كنت واحدا من الذين تم إرسالهم للتدريب فى ألمانيا قبل بدء المشروع، وفى أثناء تنفيذه وحتى الآن نرسل العمالة للتدريب فى الخارج على الرغم من الانتهاء من حفر الأنفاق، فالماكينات التى تشغل الأنفاق يلزم للتعامل معها تدريب مسبق، كنظام الحرائق الذى يعد من أعلى الأنظمة التقنية فى العالم، والكاميرات الموجودة فى النفق حساسة للسرعة والدخان ويتم متابعتها عبر غرفة مركزية بالجهة الأخرى للأنفاق وغرفتين عند مداخل النفق شرقا وغربا، كل هذا بالإضافة لبوابات التفتيش على أعلى نظم التأمين بأجهزة الإكس راي.
وإضافة للتدريب فى الخارج فالمشروع فى حد ذاته أفاد كل من شارك فى العمل به حتى ممن لديهم خبرة، لما تضمنه من تقنيات جديدة من ماكينات وأنفاق وممرات عرضية، فمثلا ماكينة تركيب الأرضيات الخرسانية للأنفاق، تم استيرادها من ألمانيا، وأول استخدام لها كان فى مصر ولم يسبق تشغيلها فى ألمانيا ذاتها، ومع ذلك تمكن المهندس المصرى «الحسينى» بكفاءته الكبيرة من تطوير هذه الماكينة الضخمة وتشغيلها، ويبلغ طولها 106 م بمعدل تركيب قطع أرضية وصل فى اليوم الواحد إلى 60 قطعة بما يعادل 90 م، بما يفوق بمراحل معدلات التركيب التى حددتها الشركة المصنعة ب24 قطعة، وهذا جعل الشركة الألمانية ترسل لنا خطاب شكر، نضعه فى لوحة شرف بموقع العمل، وإضافة لذلك سوف نستخدم هذه الماكينة العملاقة فى مشروع ازدواج نفق الشهيد بالسويس لتوفير اتجاهى سير للسيارات، وسيتم البدء فى الحفر مارس المقبل.
كفاءة المصرى
الواقع العملى بالموقع أثبت كفاءة العمال والمهندسين المصريين، وبالأخص فى مجال الصيانة، كما يقول جاويش حيث يتبعون فى الخارج نظاما مختلفا، وتعنى صيانة المعدات عندهم التغيير، بينما نحن نقيم نجاح مهندس الصيانة أو فشله بناء على التكلفة والجودة، وهذا مطبق عمليا فى حفر الأنفاق وتشغيل الماكينات التى أجرينا عليها تعديلات كثيرة باستخدام قطع غيار أخرى تم صنعها فى ورش خاصة فى مصر بكفاءة ومتانة أعلى وبتكلفة اقل من القطع المستوردة، ومثلا قمنا بتصنيع طلمبة الضغط الهيدروليكى من الحديد ولم تتعد تكلفتها 1000 جنيه على الرغم من أن نظيرتها الألمانية تتكلف 3000 يورو ومصنعة من الألمنيوم ولا تتحمل الضغط وتتلف بسرعة، فقاموا بتغييرها 6 مرات، وبعد رحيل الشركة الأجنبية أجرينا هذا التعديل ومن وقتها تعمل دون تغييرها، فالأجانب ليس لديهم استعداد للبحث عن البدائل ولديهم تعصب لمنتجهم ويسيطر عليهم مفهوم خاطئ عن المصريين أو العرب عموما أنهم أقل منهم ذكاء وليست لديهم القدرة على الفهم أو التفكير، إلا أن المشروع أثبت للأجانب تفوق المصريين وإبداعهم وتفانيهم وتحطيمهم الأرقام القياسية فى الجودة والكفاءة والتكلفة, وأبسط هذه الأرقام تمثل فى تجميع الماكينات بمصر والذى وضعت له الشركة الأجنبية 4 أشهر معدلا زمنيا لتركيب الماكينة، ولكننا قمنا بتجميعها خلال 36 يوما، وهذا التحدى والإصرار منحنا خبرة كبيرة لدرجة أننا حفظنا تفاصيل ومكونات الماكينة بما فيها عدد المسامير.
مقياس للمستقبل
بعد أن اطلعنا من المهندس جاويش على بعض ملامح العمل فى المشروع وتحدياته، توجهنا للنزول داخل الأنفاق ومشاهدة مراحل العمل فيها ونقترب من العمال فى مواقع عملهم، ورافقنا فى هذه الجولة المهندس زياد والى المسئول عن أعمال الكهرباء فى النفق، ولاحظنا ونحن نتجه صوب مداخل الأنفاق أنها يعلوها لافتة شعار «تحيا مصر» واكتمل العمل بها ولا ينقصها سوى اللمسات الأخيرة، يقول زياد إن الأنفاق التى نفذت بالإسماعيلية أو بورسعيد سوف تكون المقياس للأنفاق المقبلة من حيث قطر النفق ونظم الأمان والسلامة والتهوية، ونحن بشركة كونكورد بدأنا العمل منذ 3 سنوات ونسابق الزمن للانتهاء منها خلال شهرين، رغم حجم وضخامة العمل الذى يتطلب تنفيذه فترة من 8 الى 12 عاما، ووفق المعدل العالمى يستغرق 5 سنوات، بينما نفذناه نحن فى 3 سنوات دون انقطاع فى أجازات أو أعياد، وهذا مبعث فخر لنا نحن المصريين، ويسعى جميع العمال للانتهاء من المشروع فى الوقت المحدد له فى نوفمبر المقبل، ولهذا قامت الشركة بزيادة عدد العمال والمعدات لسرعة الانتهاء من التشطيبات النهائية.
ما أن اقتربنا من مدخل النفق الشرقى ومررنا عبره حتى وجدنا العمال منتشرين على جانبى النفق ولمسافة تزيد على 1.5 كم يعملون فى أعمال مختلفة من توصيلات كهربائية أو نجارة لغرف الطوارئ أو أعمال نجارة التسليح لقنوات الصرف فى الجانب الأيمن من النفق تنير لهم كشافات الإنارة، وتجدد المراوح التهوية بالداخل، كلهم يعملون بجدية رغم أن محاولة السير أو الحركة للفرد داخل النفق ليست بالأمر اليسير، بل تحفها المخاطر سواء من المعدات أو الأوناش أو سيارات النقل الثقيل التى تمر ذهابا وإيابا داخل النفق لتوصيل ونقل مستلزمات العمل بالنفق، وبالمضى قدما داخل النفق تزدحم بعض المناطق بالعمال بينما تتقلص أعدادهم فى المناطق التى قاربت الأعمال فيها على الانتهاء، و كل مهام العمل تتم فى أجواء تتسم بالتناغم الشديد والتنسيق والتنظيم المحكم للعمل.
وهذا ما أرجعه المهندس زياد لطبيعة ونوعية المشروع والتكنولوجيا المستخدمة فيه والخبرة الوفيرة التى تتحصل عليها العمالة بجميع التخصصات ويصعب أن يجدوها حتى فى الخارج، وأهم مميزات العمل فى المشروع تجسدت حين أتاح الرئيس عبد الفتاح السيسى الماكينات، وأطلق أيدينا للتعلم عليها، مما أسهم فى زيادة كفاءة وخبرة المهندسين بالموقع ويتم طلبهم من الخارج للاستعانة بهم وكل هذا تحقق فى عامين.
مهنة لها مكانتها
والتقينا أول مجموعة عمال داخل النفق وهم يقومون بتنظيف وجمع وتحميل الأخشاب بعد انتهاء صب خرسانة واحدة من غرف الخدمات، حيث قال عبد الرحمن محمد محمود مشرف عمال من أبناء محافظة الإسماعيلية، إنه علم بالمشروع وتوافر فرص عمل به من أحد جيرانه واصطحبه للموقع، وبعدها أتى بكل معارفه للعمل أيضا، وهم يتقاضون رواتب جيدة باليومية لا تقل عن 130 جنيها فى الوردية، ويقوم ال65 عاملا بمجموعته بنقل الخشب لغرف الطوارئ وأعمال النظافة بالموقع.
أما عم سعد عزمى فهو شخص يبعث فى النفس التفاؤل من روحه الجميلة والمرحة ووجهه المشرق الباسم، فرغم أن عمره 59 سنة، إلا أنه شعلة نشاط فى الموقع، أوضح لنا أنه يعمل فى الأنفاق منذ 6 أشهر فقط حيث عمل طوال حياته فى مجال المقاولات نجار مسلح، ورغم أن لديه ثلاثة أبناء منهم صيدلى ومحاسب، فإنه لم يكف عن العمل لحبه الشديد حرفة النجارة، التى على حد وصفه «مهنة لها احترامها ومكانتها فى مجال المقاولات»، وأكد سعادته البالغة لمشاركته فى تنفيذ هذا المشروع فى بلده.
استكملنا السير داخل النفق بحذر شديد خوفا من المعدات الثقيلة والأوناش المعلقة التى عادة ما يعلوها الفنيون لتركيب مرافق الكهرباء أو بعض أعمال اللحام، وفى أثناء ذلك التقينا مجموعة أخرى من العمال فى نوعية عمل مختلفة حيث أوضح محمود عبدالله إبراهيم أنه المسئول الفنى عن ميكانيكا الأنفاق من أبناء محافظة الاسماعيلية ويعمل فى المشروع من بدايته قبل 3 سنوات، ومهامه تنصب على عملية تركيب الكبارى بالموقع، هو ومجموعته بعد رفع قطع من أرضيات الخرسانة بالنفق لحين تركيب خزان لتجميع المياه التى تدخل فى النفق السفلى وتيسير حركة المرور وبعدها يتم فك الكوبرى وإعادة أرضية الخرسانة مرة أخرى، ويضيف محمود أن لديه 3 أبناء يحرص على إخبارهم بحجم وضخامة مشروع الأنفاق الذى يشارك فى العمل فيه، ويقول لهم إن تجاوز البر الشرقى فى 10 دقائق حلم عظيم وانجاز صار واقعا، بعد أن كانت المعديات تستغرق أياما لنقل السيارات والبضائع والمنتجات، كما يستوعب المشروع كل العمالة بالمنطقة والمحافظات الأخرى بل وتم البحث عن الراغبين فى العمل، وهذا بحد ذاته انجاز غير مسبوق.
رعاية العمال
وتركنا عم محمود وفريقه لاستكمال مهمتهم، التى أوضح لنا المهندس زياد أنها تتم فى نقاط محددة بمسار النفق الذى صمم على شكل W حيث ترتكز هذه النقاط فى قاعدة كل V ، وعن حجم ونوعية الخدمات والرعاية للعمالة ولاسيما مع صعوبة وخطورة العمل بالموقع، أوضح زياد أن العامل فى مقدمة أولويات الشركة، وبالإضافة لأجره الأساسى يمنح أجرا إضافيا كمحفز على الجودة والكفاءة بالعمل، كما نوفر له الرعاية الصحية الكاملة، فالشركة متعاقدة مع أكبر شركات تأمين فى مصر بمستوى خدمة طبية مميزة لأى حالة مرضية أو إصابة بالعمل حتى يتم شفاؤه وعودته للعمل، الى جانب حصوله على بدل الوجبة 1000 جنيه فى الشهر، بالإضافة إلى أن الهيئة الهندسية تقوم بصرف وجبات لهم فى كثير من الأحيان، والناس هنا سعداء ولديهم روح معنوية عالية لأنهم يحققون إنجازا لبلدهم ويتنافسون مع بعضهم على من يعمل أكثر ويتميز فى عمله.
أسفل القناة
وواصلنا السير داخل النفق حتى علمنا أننا نقف أسفل منتصف قناة السويس، يا له من إحساس رائع كونك من أوائل الذين خطوا بأقدامهم داخل هذه الأنفاق أسفل مياه قناة السويس حتى وصلنا لمجموعة عمل الممرات داخل النفق، وهى من أكثر الأعمال خطورة فى الموقع ومجموعة العمل فيها متنوعة وكبيرة وجميعهم يشرفون ويتابعون عملية الحفر داخل فتحة الممر حيث يقف خبير ايطالى بجوار ماكينة التكسير للتربة المجمدة يتابع سير العملية، وتقف مجموعة أخرى خاصة بالأمن والسلامة فى حالة تأهب شديد للتعامل مع أى موقف طارئ فى أثناء عملية الحفر وشق الممر بين النفقين بعد عملية التجميد، التقينا المهندس محمود سعيد المسئول عن ممرات الهروب، وأوضح أن الممرات تنفذ فى مساحة التربة بين النفقين وعرضها 13 م عن نفقين شمالى وجنوبى وقطر النفق 5م، وكل منهما على بعد 5 كم، مصممين للطوارئ عند وقوع حادثة أو حريق، حيث يوجد عدة طرق للهروب أولها طريق بسلالم توجه ل 4 أنفاق كممرات عرضية ننفذها الآن، ويتم حفرها بعد تجميد التربة بالفيريون عبر مواسير، بحيث لا نعتمد على الوقت إنما على درجة الحرارة المطلوبة، فعلى سبيل المثال من المطلوب تجميد التربة 20 درجة تحت الصفر والوصول لهذه الدرجة هو مقياس لبدء العمل وفترة التجميد ترتبط بنوعية التربة فهناك فرق التربة الطينية والرملية ومن الممكن أن تستغرق أياما حتى تصل بالمتابعة الدقيقة.
ويقول : أجواء العمل بالمشروع محفزة على العطاء والتفانى لإنجازه بأعلى جودة وأقصى سرعة، لإدراكنا جميعا حجم فوائده الاقتصادية للبلد، حيث يسهل التنقل إلى سيناء والمدن الساحلية مثل شرم الشيخ عبر 4 أنفاق بجانب نفق الشهيد.
سلامة الموقع
أما المهندس محمود حمدى المسئول عن الممرات العرضية بعد تجميد التربة فقال إنه قبل البدء فى عملية فتح الممر وتكسير صخر التربة المجمدة، نتأكد من أمان وسلامة الموقع وخلوه من المياه الجوفية ومتابعة درجة التجميد وبناء عليه نحدد إمكان البدء فى العمل أو إرجائه لعدم الإخلال بالأنفاق الرئيسية، التى ستسهم فى رفع اقتصاد بلدنا وتخفيف المعاناة فى نقل البضائع وسهولة التنقل.
فى الموقع لفت نظرنا المهندس سمير وهو يعمل على جهاز المساحة الذى يحدد به النقطة المركزية لمسار الحفر بين النفقين لضمان عدم انحرافه حتى نصل للنفق الآخر، وذلك عن طريق البيانات المحفوظة بجهاز المساحة التى يتم رصدها بالليزر ليستطيع العمال تحديد مساراتهم فى أثناء العمل.
أما المهندس هانى المسئول عن كهرباء سطح الأنفاق فقال مهمتى توفير الطاقة الكهربائية داخل النفق وحساب الأحمال التى يتطلبها العمل وتوفير المحولات التى نستخدمها فى تجميد التربة، وحل أى مشكلة أو أعطال وقطع كابلات بأسرع ما يمكن.
تركنا الموقع وعماله واستكملنا السير حتى بدأ يظهر عن بعد ضوء الشمس عبر فتحة الخروج من النفق، التى يتم استكمال الإنشاءات فيها وصب الخرسانة للانتهاء منها من قبل شركة بتروجيت التى تولت عمل المخارج، بينما قامت شركة كونكورد بإنشاء مداخل النفقين، وعن حجم التنسيق بين الشركتين القائمتين على تنفيذ نفقى الاسماعيلية، أوضح المهندس زياد أن العمل يتم بتنسيق على أعلى مستوى وتفهم شديد لحجم المسئولية، ونقوم بمساعدة بعضنا وكل شركة لديها معداتها الخاصة، وتحدينا الأول كيفية انجاز المطلوب فى الوقت المناسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.