استعرضت الأهرام فى الحلقة الأولى من ملف «الإخوان .. أخطبوط الشر» التواجد العنكبوتى للجماعة الإرهابية فى مختلف دول العالم، وبخاصة تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا، وما آلت إليه أوضاعها بعد سنوات من الصعود والهبوط، والاعتراف والحظر. واليوم، نستعرض جانبا من الألاعيب الإخوانية فى الدول العربية من المحيط إلى الخليج، بداية من مركز التآمر الرئيسى فى الدوحة، ومرورا بتواجد سياسى نافذ فى دول عربية عديدة، ونهاية بظهور على استحياء فى دول أخرى، بجانب الدول التى حظرت الجماعة نهائيا وصنفتها «إرهابية». ---------------------------------------------------------- من الرباط إلى الدوحة .. لجماعة الشيطان وجوه كثيرة اختراق ممنهج لمؤسسات التعليم والاقتصاد والإعلام بدول الخليج
العزب الطيب الطاهر فى مقابلته المهمة مع برنامج 60 دقيقة على شبكة «سى بى إس نيوز» الأمريكية فى مارس الماضي، وعشية قمته مع الرئيس دونالد ترامب، تعهد الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى بالقضاء الكامل على ما تبقى من فكر عناصر جماعة الإخوان، الذى غزا المدارس السعودية حسب تعبيره وأكد أنه سيتم القضاء عليهم «فى القريب العاجل». ولم يمر أقل من شهر على هذا التعهد حتى صرح وزير التعليم السعودى أحمد بن محمد العيسى بأن بلاده تعمل على تجديد مناهجها التعليمية للقضاء على أى أثر لنفوذ جماعة «الإخوان»، مما شكل اعترافا واضحا بحجم ومدى ونوعية التأثير والنفوذ والتغلغل الذى تمكنت منه الجماعة، ليس فقط فى المجتمع السعودي، ولكن فى المجتمع الخليجى ككل. والمفارقة أن التعليم بشقيه العام والجامعى كان البوابة الملكية التى اخترقتها عناصر الإخوان بدول الخليج، لا سيما السعودية والإمارات والكويت، وإلى حد ما البحرين، بعد فرارها من مصر فى العام 1965 إثر الكشف عن مخططهم التخريبى للسيطرة على الحكم وإزاحة نظام ثورة يوليو 1952. بيد أن الحقائق التاريخية تشير إلى أن الجماعة أدركت مبكرا أهمية نقل فكرها أو بالأحرى نشاطها إلى منطقة الخليج، وهو ما تجلى فى محاولة مؤسسها ومرشدها الأول حسن البنا، والذى رتب مقابلة مع الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية عام 1936، وطلب إنشاء فرع للإخوان فى السعودية، إلا أن الملك رفض هذا المطلب مدركا بحصافته مخاطره، وأبلغه بحسم : «كلنا مسلمون وكلنا إخوان فليس فى دعواك جديد علينا»، بيد أن ذلك لم يمنع تسللهم كأفراد وعناصر فيما بعد، بالذات بعد الخلافات مع جمال عبد الناصر ليشكلوا تيارا فكريا له حضوره القوي، والذى تماهى فى بعض المراحل مع الفكر الرسمى للدولة، كما تمتعوا بنفوذ كبير داخل المملكة فى مراحل تاريخية لاحقة. وعلى الرغم من أن كل دولة خليجية لها حكايتها الخاصة حول البداية الفعلية لنشاط الجماعة، وطبيعة ومستوى تشكيلاتها، وذلك حسب أوضاعها، فإن دول منظومة مجلس التعاون الخليجى شكلت وحدة جغرافية واحدة لفروع تنظيم الجماعة، التى طبقت إستراتيجية تكاد تكون موحدة فى التغلغل داخل المجتمعات الخليجية، مستغلين المدارس والمعاهد الدينية والجامعات، فضلا عن الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاقتصادية سواء خاصة أو عامة، ومما ساعد على رواج المشروع الإخواني فى دول المنطقة، تشرب الطلاب ورجال الأعمال الخليجيين الذين زاروا مصر فى الأربعينيات بأفكار الجماعة، حيث عادوا إلى بلادهم متأثرين بما شهدوا، محاولين تطبيقه فى مشاريع حركية ودعوية فى أوطانهم. وظلت العلاقة بين دول الخليج وجماعة الإخوان قائمة على الإيواء والاستفادة من قدرات الإخوان التعبوية والإدارية، فقد سيطرت عناصر الجماعة على المناحى التعليمية فى الجامعات تحديدا فى عقدى السبعينيات والثمانينيات، وكذلك على العديد من المنابر الإعلامية ومنابر الدعوة، وكونوا تنظيمهم وشعبهم تحت أعين الحكومات الخليجية فى معظم الأحيان، التى لم تدرك وقتها أنها تأوى خطرا حقيقيا يهددها، وفق قناعة مؤداها أن «مزيجاً من الدعم والاستيعاب يمكن أن يضمن لهذه الدول مناخا مستقرا». لم يدرك أهل الخليج وقتها أنهم يحولون بلادهم إلى منطقة تمركز وانطلاق جديدة لتنفيذ مخططاتهم، وعلى سبيل المثال فإن التنظيم الدولى للجماعة كان يعقد اجتماعاته فى مكة والمدينة فى موسم الحج كما قال يوسف القرضاوى نفسه. وتجسد قطر الأنموذج القائم على التماهى الكامل مع فكر ومخططات جماعة الإخوان، وبالذات فى ظل ما يمكن وصفه بالهيمنة الروحية للقرضاوي، والذي تمكن من صنع قاعدة قوية له فيها، منذ فراره إليها من مصر فى ستينيات القرن الفائت وقيامه بالتدريس فى المعهد الديني، ثم فى جامعة قطر بعد حصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة الأزهر خلال فترة المصالحة الإخوانية مع السادات. ولاشك فى أن فاعلية الدور القطرى فى تقديم الإسناد السياسى والمالي والإعلامى عبر قناة الجزيرة لجماعة الإخوان، كان السبب الرئيس وراء اندلاع أزمة الدوحة مع الدول الأربع : مصر والسعودية والإمارات والبحرين فى يونيو 2017، غير أنها ظلت متمسكة بمنهجية عنادها رافضة التخلى عن الجماعة أو غيرها من جماعات الإسلام السياسى التى تتبنى الإرهاب لفرض توجهاتها رغم تعارض ذلك مع مصالحها الحيوية بالذات فيما يتعلق بتماسك منظومة مجلس التعاون الخليجى التى تشكلت منذ 1981.
أقرأ أيضا: * «نهضة» تونس .. براجماتية وتناقضات مكشوفة http://www.ahram.org.eg/NewsQ/672719.aspx
* ليبيا .. علاقات مشبوهة مع «داعش» http://www.ahram.org.eg/NewsQ/672720.aspx
* إخوان سوريا .. يدا بيد مع الجماعات الإرهابية http://www.ahram.org.eg/NewsQ/672721.aspx
* اليمن .. اللعب على كل الحبال
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/672722.aspx
* سقوط إمبراطورية الإخوان فى موريتانيا http://www.ahram.org.eg/NewsQ/672723.aspx
* النار تحت الرماد فى الأردن http://www.ahram.org.eg/NewsQ/672724.aspx