التغيير أصبح حقيقة فى حياة المجتمعات والمنظمات، والتغيير فى أبسط صوره يعنى التحرك من الوضع الحالى الذى نعيش فيه إلى وضع مستقبلى يكون أكثر كفاءة وفاعلية، ولقد أصبحت عملية إدارة التغيير من المهام التى يركز عليها ويقوم بها المدير فى العصر الحديث. وعلى الرغم من أننا فى حاجة ملحة إلى التغيير الشامل والمتكامل فى جميع المجالات... التغيير الهادف والمخطط وفق الأسس العلمية والموضوعية.. فإننا نرى أن هذا التغيير ما لم يواكب تغييرا فى سلوك الإنسان المصرى فإنه لا أمل إطلاقا فى نجاح هذا التغيير. ولقد تأكد أن مشكلاتنا ليست بالضرورة مشكلات اقتصادية ترجع إلى نقص فى الموارد والإمكانات المادية فحسب بقدر ما هى مشكلات سلوكية تكون ارتبطت أساسا خلال السنوات الماضية بتفشى العديد من الظواهر السلبية بأفراد المجتمع التى قلبت موازينه. ولعل أهم تلك الظواهر السلبية التى يعانيها المجتمع، والتى تصدت لها ومازالت تتصدى لها أجهزة الدولة المختلفة، هى التسيب وعدم الانضباط، وقلة الدافع للعمل، والاستقلال الوظيفي، والرشوة والفساد الوظيفي، والنفاق، وانخفاض قدرات والمهارات لدى العاملين، وانتشار ظاهرة الغياب والتمارض، وضعف القيادات الإدارية والافتقاد إلى القدوة الصالحة، وغير ذلك من الظواهر التى يصعب حصرها والتى أثرت بشكل كبير على كفاءة العمل الجماعى وفاعلية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية داخل الأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية. وفى ضوء الإنجازات التى قامت بها القيادة السياسية خلال السنوات الأخيرة وتأكيدها المستمر على أهمية دور المواطن المصرى فى دعم ومساندة جهود التنمية والبناء. وفى ضوء التغيير المنتظر لأداء الحكومة الحالية وأداء المحافظين الجدد لعدد كبير من محافظات مصر فإن التغيير ينبغى أن يتعدى التغيير المادى فى النظم والسياسات وأساليب العمل ليكون تغييرا، سلوكيا واجتماعيا للمواطنين يركز على حب الانتماء للوطن والمجتمع الذى نعيش فيه، الانتماء للوطن الذى أعطانا الكثير وينتظر أن نرد له العطاء بسخاء لكى يحيا أبناؤنا وأحفادنا فى مناخ يوفر لهم فى المستقبل الحياة السعيدة. نحن فى حاجة إلى تعميق وتأكيد العقائد الدينية والقيم الأخلاقية والإنسانية التى تهدف إلى القضاء على الأنماط السلوكية السيئة فى التعامل وتدعو إلى الإخلاص فى العمل وبذل الجهد والعطاء بإرادة قوية من أجل بناء مصر. إننا نتطلع إلى دور الأسرة فى التربية وغرس القيم التربوية الأصيلة لدى الأبناء، كما نتطلع إلى دور أجهزة التعليم بالمدارس والجامعات فى تزويد الطلاب بالمقومات الأساسية للمواطن الصالح، كما نتطلع أيضا إلى دور الأزهر الشريف فى تأكيد القيم الدينية ونشر الثقافة الإسلامية لدى الشباب، كما نتطلع إلى الدور الذى يمكن أن تقوم به أجهزة الثقافة والإعلام فى نشر القيم الإنسانية والاجتماعية وإبراز الجوانب الإيجابية فى المعاملات اليومية، وتنمية روح الانتماء لأرض مصر، والدعوة إلى بذل الجهد والعطاء والإسهام الجاد للمواطن المصرى فى صنع التقدم الاقتصادى والاجتماعي، لإحداث التغيير المنشود الذى نتطلع إليه ويترقبه جميع المواطنين. لمزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم