روسيا تُحبط عملية تخريب للسكك الحديدية بأوامر أوكرانية شرق البلاد    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. تحذير جوى بشأن حالة الطقس: «ترقبوا الطرق»    بعد استقالتها من منصبها في الأمم المتحدة.. غادة والي تكشف أسباب القرار    محافظ الغربية: تجهيز 463 ساحة لصلاة العيد ورفع جاهزية المرافق والخدمات العامة    لينك نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة.. استعلم عنها بعد اعتمادها    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    الدولار ب49.68 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 2-6-2025    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    مصرع وإصابة 15 شخصا في حريق بمركز تأهيل مدمني المخدرات بالمكسيك (صور)    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    وزارة الحج بالسعودية توجه تحذير لحجاج بيت الله الحرام بشأن يوم عرفة    ضحايا فى هجوم على مركز تجارى بمدينة بولدر بولاية كولورادو    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتهامه بالاتجار فى المخدرات بالمنيا    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 2 يونيو 2025    ملك البحرين يستقبل وزير التنمية الاقتصادية لروسيا الاتحادية    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا والأونروا والخلط بين السياسى والإنسانى
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 09 - 2018

ترتكز إستراتيجية الرئيس الأمريكى ترامب فى السياسة الخارجية على عقيدة الصفقة، كرجل أعمال جاء من خارج النخبة التقليدية، وتقوم على تعظيم المكاسب وتقليل الخسائر، والمزاوجة بين سياسة العصا، العقوبات وتصعيد الخطاب السياسي، وسياسة الجزرة، الحوار والمساعدات، وقد برزت تلك السياسة فى العديد من ملفات السياسة الخارجية مثل تجميد جزء من المساعدات العسكرية لمصر فى بداية عهد ترامب تحت مزاعم حقوق الإنسان واعتبارات الديمقراطية، ثم عودتها بعد أن غلبت المصالح الإستراتيجية بين البلدين واتضاح الصورة الحقيقية فى مصر، كذلك إلغاء 300 مليون دولار مساعدات لباكستان تحت دعاوى تقصيرها فى مواجهة التطرف والإرهاب، خاصة على الحدود الباكستانية الأفغانية، بينما السبب الحقيقى هو تنامى التحالف الصينى الباكستانى عبر ما يعرف بممر التنمية فى إطار طريق الحرير، مما اعتبرته واشنطن خروجا باكستانيا من العباءة الأمريكية والتقارب مع المنافس الإستراتيجى لها.
كما استخدمت أمريكا سياسة العصا مع كوريا الشمالية وممارسة سياسة أقصى الضغوط عبر العقوبات المشددة ثم سياسة الجزرة وعقد قمة مع الرئيس الكورى الشمالى كيم جونج أون، كذلك استخدام سياسة العصا مع إيران والانسحاب من الاتفاق النووى وإعادة فرض أقصى العقوبات لدفع إيران نحو الحوار وتقديم تنازلات جوهرية بشأن ملفها النووى وبرنامجها الصاروخى الباليستى ودورها الإقليمى فى دعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار.
كذلك الحال مع تركيا عندما فرضت عليها عقوبات ورسوما جمركية على سلعها لمطالبتها بالإفراج عن القس الإنجيلى الأمريكى وذلك لاعتبارات انتخابية خاصة بكسب أصوات الإنجيليين فى انتخابات التجديد النصفى ومعاقبة تركيا على توجهها نحو التحالف مع روسيا وإيران.
وفى معظم هذه الحالات فإن سياسة العصا والجزرة تتعلق باعتبارات سياسية قد تحقق أهدافها أو لا تحقق وفقا لمنطق الواقعية والمصلحة وجدوى تلك السياسة. لكن الإشكالية الكبرى عندما تطبق الولايات المتحدة تلك السياسة فيما يتعلق بالأونروا، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، فقد ألغت الإدارة الأمريكية المساعدات التى كانت تقدمها للوكالة وتقدر ب300 مليون دولار، مما تسبب فى أزمة كبيرة لها وضعتها فى مأزق وغير قادرة على تقديم خدماتها الأساسية لأكثر من 5.6 مليون لاجئ فلسطينى فى الأراضى الفلسطينية ولبنان والأردن وسوريا. الإدارة الأمريكية بررت خطوتها بوجود عيوب جوهرية فى برنامج عمل الوكالة، لكن السبب الحقيقى هو القضاء على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، الذى كفله قرار مجلس الأمن الدولى 194، وتقليل أعدادهم من ستة ملايين لاجئ إلى أقل من نصف مليون، يمكن تقرير مصيرهم ضمن أية مفاوضات قادمة، كجزء من مخطط شامل لإعادة هيكلة عملية السلام وفق للرؤية الأمريكية والإسرائيلية باستبعاد قضايا الوضع النهائى خاصة اللاجئين والقدس، بعد قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس واعتبارها عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، وذلك ضمن ما يعرف بصفقة القرن، وهو ما يمثل خطورة كبيرة فى القضاء على الثوابت الفلسطينية المتمثلة فى إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحق العودة لكل اللاجئين الفلسطينيين.
خطورة الخطوة الأمريكية هو الخلط ما بين السياسى والإنساني، فاللاجئون الفلسطينيون الذين دفعوا ثمنا غاليا عبر سبعة عقود نتيجة لإبعادهم عن أراضيهم الأصلية، يواجهون مأزقا إنسانيا حقيقيا يتمثل فى حرمان أكثر من نصف مليون طالب من اللاجئين تقوم مدارس الأونروا بتعليمهم، إضافة إلى تشغيل أكثر من مائة ألف لاجئ فى هيئات الوكالة المختلفة، حيث قامت بتسريح الآلاف منهم لعجزها عن دفع رواتبهم، وهو ما يفاقم المعاناة الفلسطينية الإنسانية فى ظل تدهور أوضاع المخيمات وافتقادها للخدمات الأساسية من صحة وتعليم وكهرباء وبنية أساسية.
تسييس الأونروا من جانب الولايات المتحدة لا يمكن أن يزيل حق العودة الذى تعد الأونروا شاهدا عليه وضمانة له، كما أن الوكالة أنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 وبموافقة 167 دولة، حيث وقفت أمريكا معزولة ومعها إسرائيل فى مواجهة المجتمع الدولى كله، كما حدث مع قرار القدس، حيث استنفرت الدول العربية والإسلامية والأوروبية والإفريقية وكذلك دول أمريكا اللاتينية ضد الخطوة الأمريكية واستنكرتها وسعت إلى مساعدة الأونروا كجزء من المسئولية الأخلاقية من المجتمع الدولى تجاه الشعب.
قرار إدارة ترامب يفقد الولايات المتحدة مصداقيتها وينزع عنها الجانب الأخلاقى فى معاقبة اللاجئين الفلسطينيين واستخدام هذه الورقة لأغراض سياسية لتمرير صفقة القرن والضغط على الجانب الفلسطينى للتخلى عن الثوابت الأساسية، لكن الذى لا تدركه الإدارة الأمريكية أن مثل هذه الخطوة تحمل تداعيات خطيرة ليس فقط فى ضرب عملية السلام وحل الدولتين، وإنما أيضا تهديد الأمن والاستقرار فى المنطقة، حيث تؤدى محاولات أمريكا لإلغاء الأونروا إلى انتشار الإحباط واليأس والتطرف، كما أنها تعطى الذريعة للجماعات المتطرفة والدول المارقة مثل إيران، للمزايدة وتوظيف المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطينى لخدمة أجنداتها، ولذلك فإن موقف الولايات المتحدة من الأونروا يكشف فشل سياسة العصا والجزرة التى تتبناها إدارة ترامب ويؤدى إلى عواقب وخيمة على الولايات المتحدة ذاتها وعلى مصالحها فى المنطقة.
لمزيد من مقالات ◀ د. أحمد سيد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.