سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 19-6-2024.. استقرار ملحوظ    إيرادات قطاع الضيافة في ألمانيا ترتفع في أبريل    «الإسكان» تعلن استكمال تنفيذ مشروعات «حياة كريمة» في مختلف المحافظات    «بكم طن حديد عز؟».. سعر الحديد اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024 بالمصانع المحلية    محافظ الغربية يواصل جولاته ويوجه بعمل حملة مكبرة للنظافة ورفع الإشغالات    عاجل| مصدر رفيع يكشف حقيقة موافقة مصر على المشاركة في قوة عربية للسيطرة على معابر غزة    ماذا حدث في زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية؟.. بالونات وخيول بيضاء وأعيرة نارية    البحرية البريطانية: غرق سفينة استهدفها الحوثيون الأسبوع الماضي    مقتل ضابط سوري في ضربات إسرائيلية استهدفت القنيطرة ودرعا    نهائيان مبكران.. أبرز المباريات المرتقبة في الجولة الثانية من يورو 2024    بيراميدز يتحدى بلدية المحلة سعيا لتأمين صدارة الدوري    صباحك أوروبي.. عودة دي يونج.. قلق كامافينجا.. ورحيل شقيق مبابي    ذا صن: سرقة قطعتين من كأس الدوري الإنجليزي    مراكز شباب المنيا تواصل استقبال الأهالي في رابع أيام العيد    فحص طبي يحسم جاهزية عمر كمال لمباراة الأهلي والداخلية    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 36 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    وفاة 4 حجاج من الأقصر بعد انتهائهم من أداء المناسك    وفاة 20 حاجا من الغربية أثناء وبعد أداء مناسك الحج بالأراضي المقدسة    تعليمات مهمة لحل امتحان مادة اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة    «الصحة»: تقديم خدمات طبية ل19 ألف مصري في عيادات بعثة الحج    الداخلية: ضبط 365 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    رسالة من أحمد عز للسعوديين بعد نجاح «ولاد رزق 3» .. ماذا قال؟ (خاص)    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    السياحة: ⁠توافد كبير من الزائرين على المواقع الأثرية والمتاحف خلال إجازة عيد الأضحي    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    استشاري باطنة: المبادرات الصحية في مصر مبتكرة وساهمت في القضاء على أمراض متوطنة    منها «الثور».. 5 أبراج محظوظة ماليًا في النصف الثاني من 2024 (تعرف عليها)    «إكسترا نيوز» ترصد مظاهر الاحتفال بالعيد في قنا والقناطر الخيرية (فيديو)    لجنة التدريب ب«القومي للمرأة» تناقش خطة عملها الفترة المقبلة    «الصحة» تحدد أفضل طريقة لطهي اللحوم الحمراء: لا تفرطوا في تناولها    الصحة: تنفيذ 129 برنامجا تدريبيا ل10 آلاف من العاملين بالوزارة خلال 3 شهور    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    بعد تراجع الإمدادات الأمريكية.. هل تعود أوروبا لشراء الغاز الروسي؟    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    عصابة الماكس.. أفراد تخلت عنهم العائلة وجمعتهم الجريمة    أسعار البيض اليوم الأربعاء    ماذا تفعل عند زيارة مقام النبي؟.. 10 آداب واجبة ودعوات مستحبة في الروضة    «مصر للطيران» تبدأ جسرها الجوي لنقل حجاج بيت الله الحرام إلى أرض الوطن    القناة 12 الإسرائيلية: الجيش لا يزال بعيدا عن تحقيق مهامه برفح    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب المناطق الشمالية في باكستان    عاجل.. مفاجأة صادمة في تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري.. «جوميز في ورطة»    تنسيق الجامعات 2024.. قائمة الجامعات الخاصة المعتمدة بوزارة التعليم العالى    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    سعر الدرهم الإماراتي أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 19-6-2024    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟ دار الإفتاء المصرية تكشف مفاجأة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    اعترافات ومراجعات (60) السياسة والثقافة.. حاكم الشارقة نموذجًا    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا والأونروا والخلط بين السياسى والإنسانى
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 09 - 2018

ترتكز إستراتيجية الرئيس الأمريكى ترامب فى السياسة الخارجية على عقيدة الصفقة، كرجل أعمال جاء من خارج النخبة التقليدية، وتقوم على تعظيم المكاسب وتقليل الخسائر، والمزاوجة بين سياسة العصا، العقوبات وتصعيد الخطاب السياسي، وسياسة الجزرة، الحوار والمساعدات، وقد برزت تلك السياسة فى العديد من ملفات السياسة الخارجية مثل تجميد جزء من المساعدات العسكرية لمصر فى بداية عهد ترامب تحت مزاعم حقوق الإنسان واعتبارات الديمقراطية، ثم عودتها بعد أن غلبت المصالح الإستراتيجية بين البلدين واتضاح الصورة الحقيقية فى مصر، كذلك إلغاء 300 مليون دولار مساعدات لباكستان تحت دعاوى تقصيرها فى مواجهة التطرف والإرهاب، خاصة على الحدود الباكستانية الأفغانية، بينما السبب الحقيقى هو تنامى التحالف الصينى الباكستانى عبر ما يعرف بممر التنمية فى إطار طريق الحرير، مما اعتبرته واشنطن خروجا باكستانيا من العباءة الأمريكية والتقارب مع المنافس الإستراتيجى لها.
كما استخدمت أمريكا سياسة العصا مع كوريا الشمالية وممارسة سياسة أقصى الضغوط عبر العقوبات المشددة ثم سياسة الجزرة وعقد قمة مع الرئيس الكورى الشمالى كيم جونج أون، كذلك استخدام سياسة العصا مع إيران والانسحاب من الاتفاق النووى وإعادة فرض أقصى العقوبات لدفع إيران نحو الحوار وتقديم تنازلات جوهرية بشأن ملفها النووى وبرنامجها الصاروخى الباليستى ودورها الإقليمى فى دعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار.
كذلك الحال مع تركيا عندما فرضت عليها عقوبات ورسوما جمركية على سلعها لمطالبتها بالإفراج عن القس الإنجيلى الأمريكى وذلك لاعتبارات انتخابية خاصة بكسب أصوات الإنجيليين فى انتخابات التجديد النصفى ومعاقبة تركيا على توجهها نحو التحالف مع روسيا وإيران.
وفى معظم هذه الحالات فإن سياسة العصا والجزرة تتعلق باعتبارات سياسية قد تحقق أهدافها أو لا تحقق وفقا لمنطق الواقعية والمصلحة وجدوى تلك السياسة. لكن الإشكالية الكبرى عندما تطبق الولايات المتحدة تلك السياسة فيما يتعلق بالأونروا، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، فقد ألغت الإدارة الأمريكية المساعدات التى كانت تقدمها للوكالة وتقدر ب300 مليون دولار، مما تسبب فى أزمة كبيرة لها وضعتها فى مأزق وغير قادرة على تقديم خدماتها الأساسية لأكثر من 5.6 مليون لاجئ فلسطينى فى الأراضى الفلسطينية ولبنان والأردن وسوريا. الإدارة الأمريكية بررت خطوتها بوجود عيوب جوهرية فى برنامج عمل الوكالة، لكن السبب الحقيقى هو القضاء على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، الذى كفله قرار مجلس الأمن الدولى 194، وتقليل أعدادهم من ستة ملايين لاجئ إلى أقل من نصف مليون، يمكن تقرير مصيرهم ضمن أية مفاوضات قادمة، كجزء من مخطط شامل لإعادة هيكلة عملية السلام وفق للرؤية الأمريكية والإسرائيلية باستبعاد قضايا الوضع النهائى خاصة اللاجئين والقدس، بعد قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس واعتبارها عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، وذلك ضمن ما يعرف بصفقة القرن، وهو ما يمثل خطورة كبيرة فى القضاء على الثوابت الفلسطينية المتمثلة فى إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحق العودة لكل اللاجئين الفلسطينيين.
خطورة الخطوة الأمريكية هو الخلط ما بين السياسى والإنساني، فاللاجئون الفلسطينيون الذين دفعوا ثمنا غاليا عبر سبعة عقود نتيجة لإبعادهم عن أراضيهم الأصلية، يواجهون مأزقا إنسانيا حقيقيا يتمثل فى حرمان أكثر من نصف مليون طالب من اللاجئين تقوم مدارس الأونروا بتعليمهم، إضافة إلى تشغيل أكثر من مائة ألف لاجئ فى هيئات الوكالة المختلفة، حيث قامت بتسريح الآلاف منهم لعجزها عن دفع رواتبهم، وهو ما يفاقم المعاناة الفلسطينية الإنسانية فى ظل تدهور أوضاع المخيمات وافتقادها للخدمات الأساسية من صحة وتعليم وكهرباء وبنية أساسية.
تسييس الأونروا من جانب الولايات المتحدة لا يمكن أن يزيل حق العودة الذى تعد الأونروا شاهدا عليه وضمانة له، كما أن الوكالة أنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 وبموافقة 167 دولة، حيث وقفت أمريكا معزولة ومعها إسرائيل فى مواجهة المجتمع الدولى كله، كما حدث مع قرار القدس، حيث استنفرت الدول العربية والإسلامية والأوروبية والإفريقية وكذلك دول أمريكا اللاتينية ضد الخطوة الأمريكية واستنكرتها وسعت إلى مساعدة الأونروا كجزء من المسئولية الأخلاقية من المجتمع الدولى تجاه الشعب.
قرار إدارة ترامب يفقد الولايات المتحدة مصداقيتها وينزع عنها الجانب الأخلاقى فى معاقبة اللاجئين الفلسطينيين واستخدام هذه الورقة لأغراض سياسية لتمرير صفقة القرن والضغط على الجانب الفلسطينى للتخلى عن الثوابت الأساسية، لكن الذى لا تدركه الإدارة الأمريكية أن مثل هذه الخطوة تحمل تداعيات خطيرة ليس فقط فى ضرب عملية السلام وحل الدولتين، وإنما أيضا تهديد الأمن والاستقرار فى المنطقة، حيث تؤدى محاولات أمريكا لإلغاء الأونروا إلى انتشار الإحباط واليأس والتطرف، كما أنها تعطى الذريعة للجماعات المتطرفة والدول المارقة مثل إيران، للمزايدة وتوظيف المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطينى لخدمة أجنداتها، ولذلك فإن موقف الولايات المتحدة من الأونروا يكشف فشل سياسة العصا والجزرة التى تتبناها إدارة ترامب ويؤدى إلى عواقب وخيمة على الولايات المتحدة ذاتها وعلى مصالحها فى المنطقة.
لمزيد من مقالات ◀ د. أحمد سيد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.