حذر علماء الدين من حالة الإنقسام والخلاف التي تسود حاليا بين القوي والتيارات السياسية نتيجة الدعوة للتظاهر يوم24 أغسطس الجاري وما صاحبها من فتوي قتل المتظاهرين. ودعوات حرق مقرات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة, وقيام البعض بالدعوة لحشد المواطنين من أنصار تيار الإسلام السياسي في ميدان التحرير للرد علي تلك المظاهرات التي تنظمها القوي الليبرالية, وأكد العلماء أن مصلحة الوطن العليا تستوجب الوحدة ونبذ الفرقة والتنافس الشريف بين القوي والتيارات السياسية لتحقيق الخير للوطن وتجاوز تلك المرحلة المهمة التي نمر بها وأن هذا لن يحدث بدون الحوار الجاد والعاقل وتبادل الرأي بين الجميع. وقال الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو هيئة كبار العلماء, إن المصلحة العليا للوطن تتطلب وحدة الصف وجمع الكلمة وأن يكون الجميع علي قلب رجل واحد فمصر تمر بمرحلة مهمة في تاريخها ولدينا أولويات كثيرة لابد أن تتحقق حتي لا يضيع الوطن نتيجة الصراع بين القوي والتيارات السياسية, مشيرا إلي أن هناك رئيسا منتخبا من الشعب ولابد من العمل سويا لتحقيق طموحات المواطنين في الرخاء والأمن والإستقرار, وناشد جميع القوي والتيارات والأحزاب السياسية بضرورة الحوار العاقل الجاد من أجل مصلحة الوطن بدلا من الصراع والدعوة للمظاهرات والإعتصامات التي تضر بالوطن وتعطل الإنتاج, وليس لها أسباب واضحة بل إنها تضر بعامة المواطنين وتؤثر علي حياتهم اليومية. وطالب العلماء والدعاة والمفكرين بأن يعملوا جاهدين من أجل نشر الوعي والقيم الوطنية التي تساعد الناس علي فهم الحقائق, لأن هناك الكثير من التحديات التي تواجه مصر في الفترة الحالية وتتطلب أن يقوم كل إنسان بدوره فلابد من إعادة الأمن والأمان للشارع المصري حتي يعيش الناس في أمن وأمان وتتحقق التنمية نتيجة للإستقرار, ولابد أن يقوم الجميع بمساعدة الدولة التي تحارب جيوب الإرهاب الذي ما زال موجودا وأصبح يهدد أمن وسلامة الوطن, مشيرا إلي أن كل إنسان في هذا الوطن لابد أن يعرف دوره ومسئوليته وأن يقوم بها حتي لا تضيع مصر وسط كل هذه الإنقاسامات والإختلافات التي لا تراعي الصالح العام. وناشد وسائل الإعلام بعدم نشر الفتاوي التي تخرج من غير المتخصصين لأن فتوي قتل المتظاهرين والتي أحدثت حالة من الذعر في المجتمع خالفت المصلحة العليا للوطن ويجب ألا يتصدي للفتوي إلا العلماء, فلدينا في مصر الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء وهذه الجهات هي التي تتصدي للفتوي, ومطلوب من المواطنين عدم الأخذ بالفتاوي التي تصدر عن غير أهل الذكر, ولابد أن يكون واضحا أن التظاهر السلمي حق مشروع لكن مصلحة الوطن العليا تقتضي الحفاظ علي الممتلكات العامة والخاصة وعدم تعطيل مصالح الناس. من جانبه قال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق أن الإسلام لم يقيد الحريات والتظاهر السلمي حق مشروع وكل من يريد أن يعبر عن رأيه بالتظاهر السلمي عليه أن يفعل, لكن إذا تحول التظاهر للحرق والتخريب وتعطيل مصالح الناس والتعدي علي الممتلكات العامة والخاصة فعلي الدولة أن تطبق حد الحرابة علي من يفعل ذلك لأن هذا يعد إفسادا في الأرض, مشيرا إلي أن قطع الطرق وتخريب الممتلكات من الأمور التي لا يقرها العقل ولا الدين ولا الشرع, ولابد للدولة أن تضرب بيد من حديد علي هؤلاء وتفرض سيطرتها لتحقيق الأمن للناس ومحاربة البلطجية الذين ينتشرون في مثل هذه الأحداث, لكن في الوقت نفسه لايجوز المساس بأي حال من الأحوال بالمتظاهرين الذين يعبرون عن رأيهم بشكل سلمي فهذا نوع من التعبير عن الرأي والحرية تقتضي أن يحترم الناس من يختلفون معهم في الرأي. ويضيف أن الأزمة تتمثل في أن ثقافة التظاهر لدي البعض تعني التخريب والحرق والتعدي علي كل من يختلفون معهم في الرأي, وهذا يعد السبب الرئيسي في كثير من الأزمات التي مر بها الوطن في الفترة الأخيرة ولابد أن نأخذ العبرة والعظة من أحداث الماضي حتي لا نقع في نفس الأخطاء وتزداد المشاكل والأزمات ويحدث الخلاف بين أبناء الوطن, وإذا كان هناك خلاف في الرأي بين بعض القوي والتيارات السياسية فلابد أن يكون هذا الخلاف في إطار تحقيق المصلحة العيا للوطن لكن قيام هذه التيارات بحشد أنصارهم في الميادين المختلفة ليظهر كل طرف مدي قوته هذه كارثة لأن الوطن هو الذي يدفع ضريبة هذا الخلاف, كما طالب بإعلاء قيمة الحوار وأن تتوقف جميع القوي عن حشد المواطنين وبث الشائعات ونشر الفرقة بين أبناء الأمة.