تعرضت سوريا على مدار سبع سنوات لعملية تدمير يمكن وصفها بال"هرس" بذريعة وجود خلاف على ديمقراطية الحكم، ثم على تقاسم السلطة، ثم على اقتسام سوريا ذاتها!، وفى نهاية الأسبوع الأول من شهر أغسطس الحالى نظمت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (الإسكوا) لقاءً تشاوريًا على مستوى الخبراء، الهدف من الاجتماع كان عرض ومناقشة النتائج الأولية المتعلقة بتقييم الآثار الاجتماعية والاقتصادية للنزاع فى سوريا. تقديرات حجم الدمار فى رأس المال المادى وفق تقديرات خبراء الإسكوا تتجاوز 388 مليار دولار أمريكى، وتكلفة الدمار الفعلى 120 مليار دولار. وهذه الأرقام لا تشمل الخسائر على الصعيد البشرى ورأس المال غير المادى، المتعلق بالقدرات البشرية واليد العاملة الماهرة، التى كانت تعتبر إحدى أهم ركائز الاقتصاد السورى وفرت متخذة شكل النزوح والهجرة أو اختفت نتيجة القتل، ويقدر المراقبون عدد القتلى المعروف حتى الآن ب350 ألف شخص. وعندما تم طرح سؤال من سيدفع تكلفة إعادة الإعمار، أى تم الحديث عن المال ظهرت الحقيقة، فالغالبية لا تريد الدفع!. فقد اكتفت القوى المسلحة الأجنبية بمحاولات توزيع مناطق النفوذ والسيطرة داخل سوريا، ولكن الإنفاق للإعمار مستبعد طالما لم تكن لتلك الدول أنصبة رئيسة فى كعكة إعادة الإعمار. ولكن من المسئول الذى يمكن تحميله بما حدث فى سوريا؟، الإجابة واضحة والقائمة طويلة تحوى أسماء أشخاص ومؤسسات وطنية داخل سوريا ومؤسسات خارجية وشركات محلية ودولية متعددة ومتعدية للجنسيات، وصولا إلى دول وقادة عسكريين وسياسيين ممن يتحملون بالمسئولية عن إعطاء الأمر بضرب سوريا ودعم قوى عدم الاستقرار بها. الحل الأمثل والمنطقى هو إجراء محاكمة جرائم حرب دولية، على غرار محاكمات نورمبيرج فى ألمانيا عام 1945 ومحكمة الجزاء الدولية فى يوغوسلافيا السابقة عام 1993، ليحاكم أمامها كل من لعب دورا، من الشخصيات الطبيعية والاعتبارية والمعنوية العامة والخاصة، فى تفاقم الأزمة السورية؛ فيتحمل المخطئ بما ارتكبه من أخطاء ويقدم التعويض اللازم لقاء ما اقترفته يداه وأيدى قواته. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه اليوم: هل ستقبل دول العالم الكبرى، التى تشكل جوهر ما يسمى بالمجتمع الدولى، بكشف أخطائها بل وبمحاسبتها واستخلاص التعويضات منها؟!. الإجابة تتوقف على مدى تحضر "المجتمع الدولى" وأخلاقياته وعدالته، التى تعد حاليا موضع "شك" كبير فى أحسن الأحوال.. إلى درجة تتطلب محاكمة للمجتمع الدولى ذاته. لمزيد من مقالات طارق الشيخ