منذ عشرات السنين تتوسع الدولة فى إنشاء جامعات حكومية، وكليات ومعاهد عالية لاستيعاب أكبر عدد ممكن من طلاب مصر فى مرحلة التعليم العالى، مع دعمها المحدود لبرامج الدراسات العليا، وأنشطة البحث العلمى. وهذا التوجه القومى يحقق هدفا واحدا من أهداف استراتيجية التعليم العالى فى مصر، ألا وهو التوسع الأفقى الكمى، ولا يحقق الأهداف الرأسية الكيفية ومن أهمها الجودة، سواء فى التعليم العالى أو الدراسات العليا أو البحث العلمى، ويبدأ التعليم الناجح بالمعلمين الأكفاء، كما يعتمد المجتمع الناهض اعتمادا جوهريا على خريجى الجامعات والمعاهد العليا المتخصصين فى جميع المجالات: كالطب بأنواعه، والصيدلة، والهندسة والتكنولوجيا، والعلوم الأساسية، والسياسة والاقتصاد، والقانون والآداب، والتربية واللغات، والزراعة والصناعة والتجارة، والإعلام والفنون... وغيرها من المجالات الحيوية. وتعتمد جودة التعليم الجامعى على الأستاذ الجامعى، فهو محور العملية التعليمية، وموجهها ومحركها الأول، وهو المنوط بوضع برامج الدراسات العليا، وخطط البحوث العلمية، ومتابعة الانشطة البحثية والإشراف عليها، وللأسف الشديد اهتمت الدولة اهتماما كبيرا بالتوسع فى إنشاء العديد من المؤسسات التعليمية دون الاهتمام بتوزيع أعضاء هيئات التدريس بنسب متكافئة تتناسب مع أعداد الطلاب فى كل قسم ومعهد وكلية وجامعة، مما تسبب. على مر السنين. فى تكدس الآلاف من الأساتذة المتخصصين بكثير من أقسام الجامعات القديمة نسبيا، ومنها القاهرة، وعين شمس، والإسكندرية، وأسيوط، وانحسار أعدادهم فى الأقسام المناظرة بالجامعات النائية والإقليمية مثل العريش، وجنوب الوادى، وسوهاج، وطنطا، والمنوفية، ودمنهور، وحلوان، وكفر الشيخ، وبنها، وغيرها من الجامعات الحديثة، كما تسبب هذا التقصير فى العديد من المشكلات التعليمية والبحثية، وانخفاض معدلات الجودة الحقيقية، وضعف الخريجين بما يفى بمتطلبات سوق العمل، ومواكبة التطور والتكنولوجيا الحديثة، وضعف مخرجات وتطبيقات البحوث العلمية. وإننى أناشد المسئولين بوزارة التعليم العالى والبحث العلمى، والمجلس الأعلى للجامعات عمل إحصائيات دقيقة لعدد الطلاب والدارسين، وأعضاء هيئات التدريس ومعاونيهم، بكل قسم علمى مناظر بالكليات الجامعية، ووضع ضوابط ولوائح تكفل التوزيع الأمثل لأعضاء هيئات التدريس بما يحقق جودة الأداء المنشودة، ورفع كفاءة الخريجين، والارتقاء بمستوى البحث العلمى. د. بلال محمد على ماهر