ملف مواجهة ارتفاع معدلات تلوث الهواء الحاد، والذى يعرف اعلاميا ب«السحابة السوداء»، هو ذلك الهاجس المفزع الذى يهاجم كل وزير جديد لوزارة البيئة فى مصر فى شهر سبتمبر من كل عام، وهو موسم حصاد محصول الأرز بالمحافظات. ويقاس نجاح الوزير أو فشله فى منصبه بكيفية إدارته لهذا الملف بالذات، ومرور موسم السحابة مرور الكرام دون ان يشعر المواطن به من حالات الاختناقات والامراض الصدرية من جراء حرائق قش الارز. ففى العام الماضى «2017» انتهجت وزارة البيئة سياسة كشف الحقائق اولا باول أمام المواطنين، وقامت بنشر صور نتائج الاقمار الصناعية من بدء المنظومة، وهى بيانات لاتتدخل الوزارة فيها، وإن كانت لا تعتبرها الوزارة مؤشرا لتقييم الموسم فى بدايته، إلا أن نشرها يأتى من باب تحفيز الجميع على المشاركة لتحقيق النجاح المأمول. المزارع الصغير وبذلت الوزارة كل الجهد فى التنسيق بين جميع الجهات، والسماع لشكاوى المزارعين وتوفير البدائل من مكابس ومعدات لمنع حرق قش الأرز، وتشجيع المزارعين على تحويل القش إلى سماد وأعلاف لصغار المزارعين، وهو ما يسمى ب«مشروع المزارع الصغير»، مما أدى الى طفرة غير مسبوقة العام السابق، حيث بلغ ما تم رصده فقط من تجميع الوزارة والاهالى لقش الأرز نحو 75% من اجمالى القش الناتج وال25% المتبقية موزعة بين تشوينات غير مرصودة للفلاحين وكميات تم حرقها، واتضح من بيانات القمر الصناعى انخفاض نسب الحرائق عن العام السابق، وهو ما انعكس على انخفاض عدد المحاضر التى تم تحريرها لهذا العام، حيث تم تحرير 10075 محضرا بمحافظات الدلتا، وذلك بانخفاض قدره نحو 17% عن العام الماضى 2016، الذى بلغ عدد المحاضر المحررة فيه 12181 محضرا. وقد طورت الوزارة على مدى العامين السابقين تعاملها مع حرائق قش الأرز بحيث كانت تتم الاستفادة من صور القمر الصناعى والوصول للحرائق فور رصدها، وهو ما ساعد على سرعة السيطرة على الحرائق فى مهدها وتحرير محاضر للمخالفين. من جانبها، تؤكد الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أن الوزارة من خلال لجنة تضم جهاز شئون البيئة وجهاز ادارة المخلفات الصلبة ستحشد الموارد والجهود البشرية للسيطرة على السحابة السوداء هذا العام «2018»، وأن هناك خطة استثنائية لمواجهتها بشكل علمى يعتمد على الوقاية قبلها وسرعة رد الفعل، والتعامل مع المشكلات على ارض الواقع. استعدادات مبكرة وأكدت أن الوزارة بدأت مبكرا خلال هذا العام فى الاستعداد لمواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة، وذلك بالتزامن مع اقتراب موسم حصاد الأرز، والذى بلغ فيه عدد المساحات المزروعة ما يقارب 725 ألف فدان، طبقا لقرار وزير الرى والمحدد فيه المساحات المزروعة من الأرز هذا العام. وأضافت وزيرة البيئة أن الوزارة تعمل على عدة محاور للتصدى لنوبات تلوث الهواء من خلال جمع وكبس وتدوير أكبر قدر من قش الأرز، حيث ستتم زيادة أعداد المعدات المستخدمة فى تلك العمليات وتوفير 225 معدة جديدة، منها 200 مفرمة و25 مكبسا، وتفعيل منظومة الفرم على رأس الحقل للحيازات الصغيرة، والتى يتعذر وصول المعدات إليها. وأشارت إلى أن الوزارة ستقوم بتوفير دعم مادى عن كل طن قش أرز يتم تجميعه، وذلك طبقا للبروتوكول الموقع مع وزارة الزراعة لدعم متعهدى قش الأرز فى محافظاتالشرقية والغربية والدقهلية والقليوبية والبحيرة وكفر الشيخ،والذى يتم من خلاله تجميع 350 ألف طن قش أرز، موضحة نجاح الوزارة خلال السنوات الماضية فى إيجاد سوق للطلب على قش الأرز من خلال استخدامه فى شركات الأسمنت كمصدر من مصادر الوقود البديل من المخلفات الزراعية، إضافة إلى استخدام المزارعين للقش كعلف للحيوانات. وأكدت الوزيرة مواصلة تكثيف عمليات إحكام الرقابة والرصد والمتابعة خلال هذا الموسم، وخفض انبعاثات غازات الهواء من خلال التحكم فى الاشتعال الذاتى للمقالب العمومية والعشوائية، وتوفير المعدات اللازمة للحد من الحرق المكشوف، إضافة إلى التنسيق مع المحافظات لوقف أنشطة مكامير الفحم غير المطورة ومصانع الطوب والمسابك، وتكثيف الحملات المرورية لقياس عوادم السيارات على الطرق الرئيسية بالقاهرة الكبرى والمحافظات. كما أكدت الاستمرار فى تنفيذ خطة التكنولوجيا الحديثة لعمليات مراقبة الحرق المكشوف، من خلال رصد نقاط الحرق بواسطة الأقمار الصناعية على مدار 24 ساعة واستخدام أنظمة الإنذار المبكر، وأنظمة مراقبة السيارات بواسطة أجهزة التتبع (GPS) لمراقبة وتوجيه سيارات حملات المرور على مناطق زراعات الأرز، وتفعيل خدمة الخط الساخن والموقع الإلكترونى للوزارة على شبكة الانترنت، إضافة إلى تطبيقات المحمول و«الواتساب» و«التليجرام» لاستقبال الشكاوى من المواطنين.