قبل 91 عاما، وفى مثل هذه الأيام، ( فى 23 أغسطس 1927 )، رحل عن عالمنا زعيم الأمة وقائد ثورة 1919 ، سعد زغلول. وكعادتها دائما منذ صدورها كانت صحيفة « الأهرام» – ولا تزال- ديوان الحياة المعاصرة لمصر والمصريين. وخلال مفاوضات زعيم الأمة مع الإنجليز فى لندن مع اللورد ملنر، والتى قادها باسم الأمة كلها، أجرت «الأهرام» فى مثل هذا اليوم (25 أغسطس 1920 قبل 98 سنة) هذا الحوار مع سعد زغلول حول سير المفاوضات. وقالت « الأهرام» على لسان من أجرى الحوار: يقيم سعد زغلول فى مدينة فيشى بفرنسا للراحة والانتفاع بمياهها المعدنية، وقد قابلته فى «أوتيل ماجستيك»، فسرنى أن رأيته على أتم صحة وعافية. وسألت سعد باشا عن نتيجة مفاوضاته ووفده مع لجنة اللورد ملنر فى لندن فاعتذر سعادته عن أن يشرح لى ما تم بين الوفد واللجنة بالتفصيل الوافى، وعلل لى اعتذاره بقوله: إنى لا أضن عليك بالتفاصيل لولا أن الوفد يكتم التفصيل الآن سريًا، ولكنى أقول لك على وجه الإجمال إنه وضع مشروع اتفاق بين مصر وإنجلترا بعد أخذ ورد طويلين، واعتبرت أنا أن فى هذا المشروع خروجًا عن دائرة المهمة المحددة لى، فلهذا السبب وحده رفضت توقيع مشروع الاتفاق، ولكن بما أن المشروع يتضمن بعض مزايا مفيدة لبلادى رأى رفاقى وأصحابى أن من الأفضل أن يعرض مشروع الاتفاق على زعماء الأمة ليبدوا فيه رأيهم. وقد سألت سعد باشا بعد هذا القول عن رأيه الشخصى فأجاب: «أما رأيى الشخصى، بصفتى واحدًا من أفراد الأمة المصرية، فلا أرى أن الوقت قد حان لإبدائه، وإنى لأحفظ لنفسى حق إبداء هذا الرأى بعد أن تتم استشارة زعماء الأمة». وقد ظلت «الأهرام» تتتبع أخبار زعيم الأمة، وتنشر كل ما يتعلق بالأمة وثورتها مدافعة عن حق الشعب ونضاله ضد المحتل الغاشم، وبقيت الجريدة معه وهو يترك رئاسة الحكومة ويعود إلى صفوف الجماهير، وحتى عندما انتهى المطاف إلى المنفى بقى ثابتًا على المبدأ.. لذلك عندما غادر دنيانا حزنت جموع الشعب حزنًا شديدًا وكتبت مى زيادة رثاء له على صفحات الجريدة قالت فيه: «ثمانية أعوام هى أعوام اليقظة.. حقًا إن سعد شاعر اليقظة، وبطل اليقظة، وخطيب اليقظة، وزعيم اليقظة، وفى اليقظة جميع عوامل الحياة وأملها وشعائرها وأسرارها». « لقد أحسن مجلس الوزراء، بل هو قام بالواجب فيما قرره بالأمس لتخليد ذكرى الفقيد تخليدًا حكوميًا (إن صح الوصف) على الوجوه التى ارتآها، فتمثال سعد يجب أن يكون قائمًا فى ميدان عظيم فى كل من القاهرة والإسكندرية، ولابد أن يقوم كذلك فى مسقط رأسه، ويجب أن يعالج المرضى فى مستشفى سعد، وأن تسمى المدارس والملاجئ باسمه، والبيت الذى ولد فيه (بيت الأمة) يجب أن يكون في عداد الممتلكات العمومية، وأن يجمع فيه كل ما تناولته يد سعد فى حياته على أن تبقى كل أداة فى موضعها، ولا يتغير شىء فى مكتبه وغرفته عما كان يوم وفاته».