التفكير فى المستقبل هو الحل الوحيد الذى يملكه الراغبون فى إعادة بناء بلادهم وتصويب مسارها الحضاري, فالمستقبل هو مجال الممكن والحرية كما أنه المجال المتاح لفرض ارادتنا على الواقع المٌر الملئ بالمشكلات والتحديات، وبناء دولة متقدمة ينبغى أن يقوم على التخطيط بعيد المدى. لقد كانت الدولة المصرية فيما مضى من سنوات تكتفى بالمسكنات للألم دون العلاج الجذرى للمشكلات، ولذلك سرعان ماكانت نفس المشكلات تتكرر ونظل ندور فى دوائر مفرغة وتظل المشكلة على حالها دون حل جذرى يستأصل المشكلة ويسير فى طريق الحل الناجع لها، سار الأمر هكذا فى مشكلات التعليم والصحة والطرق والزراعة والصناعة والسكة الحديد وغيرها وغيرها!. أما الآن فقد اختلف الأمر حيث حبا الله مصر قيادة واعية متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى تدرك أن تحسين الحاضر مبنى على التفكير فى المستقبل، وأن مواجهة تحديات الحاضر ووضع الحلول لمشكلاته يبدأ من التفكير فيما ينبغى أن يكون عليه مستقبل الأمة المصرية فى ظل ماتملكه مصر من ثروات طبيعية هائلة لم تستطع الادارات الحكومية السابقة ادارتها والاستفادة منها بالشكل الأمثل وماتملكه من ثروة بشرية عظيمة قوامها الشباب الذى أٌهمل ولم تحسن الحكومات السابقة استثماره لأنها أهملت تعليمه وتأهيله وتدريبه. لقد أصبحت هناك ارادة سياسية حقيقية لمواجهة مشكلاتنا المزمنة مواجهة حقيقية دون خوف أو مواربة، ولاشك أن هذه المواجهة الشاملة لمشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى آن واحد وبالتوازى تتطلب امكانات ضخمة وتضحيات أضخم ينبغى للجميع أن يتحملوها متحلين بالصبر والحكمة آملين فى مستقبل يحمل الخير للجميع. إن الحالمين ببناء المجد الحضارى لأمتهم كثيرا مايواجهون بمثل ماتواجهه القيادة السياسية الحالية من شائعات مغرضة وانتقادات لاذعة لأنهم فى سبيل تحقيق حلم التقدم الشامل لأمتهم يضطرون لمواجهة أصحاب المصالح الآنية الضيقة، فضلا عن مواجهة الجمود والبيروقراطية، ولكن إذا ما ساندت الارادة الشعبية الارادة السياسية ودعم كلاهما الآخر يكون النصر دائما لارادة التقدم ويتحقق النهوض الحضارى المنشود. وهذا الدعم المتبادل بين الارادتين ينبغى أن يقوم على الحرص على العدالة والشفافية والانصاف إذ ينبغى أن تعدل ميزان العدالة الاجتماعية المقلوب لصالح الفئات الأكثر ثراء حيث ينبغى اللجوء لنظام الضرائب التصاعدية الذى يلزم الفئات الأكثر ثراء بتحمل جزء من تكاليف العدالة الاجتماعية وتوفير الحماية للطبقة الدنيا، كما ينبغى الكف عن إعطاء المزيد من الاعفاءات الضريبية والتسهيلات الائتمانية لمن لايستحقونها حتى تتمكن الدولة فى النهاية من أن تعطى لكل ذى حق حقه الذى يتناسب مع قدراته ومؤهلاته ومايقوم به من عمل خلاق فى خدمة الدولة ولاتغفل بديهية أن لكل فعل رد فعل وأن العطاء ينبغى أن يقابله التقدير المادى والمعنوى المناسب. كما أن على الشعب أن يقابل صدق وارادة الإصلاح لدى القيادة السياسية بمزيد من الاخلاص فى العمل ومراعاة الجودة فى كل صغيرة وكبيرة فى ظل مراعاة أخلاقيات المهنة التى ينتمى لها والتوقف عن كافة صور الاهمال ومضيعة الوقت السائد فى الكثير من المصالح الحكومية فيما لاطائل من ورائه والكف عن ترديد عبارات غير أخلاقية ولاتليق بشعب متحضر مثل: على أد فلوسهم وفوت علينا بكره والدنيا مش طايره. إن القيام بالعمل على خير وجه وفى التوقيت المناسب لآداء الخدمة إنما هو واجب قومى كما أنه واجب أخلاقى وهو قبل ذلك وبعده التزام ديني. إن هذا التلاقى بين ارادة الإصلاح، وضرورة النهوض والتقدم لدى القيادة السياسية والشعب يعنى أن الثقة فى المستقبل المشرق للأمة المصرية لن يكون مجرد حلم بل سيصبح واقعا ملموسا فى السنوات القليلة القادمة، لأن صناعة المستقبل مرهونة بارادة صٌناعه. لمزيد من مقالات د. مصطفى النشار