للنمسا مكانة خاصة في تاريخ العلاقات بين المسلمين والغرب حيث كانت أبواب النمسا مسرحا لمواجهة عسكرية ما بين جيوش الدولة العثمانية بقيادة كارا مصطفي باشا في العام1683 م وبين الجيوش النمساوية وهي المعركة التي شهدت تراجعا لجيوش العثمانيين وأوقفت فتوحاتهم في أوروبا علي منطقة البلقان. وعلي الرغم من هذا التاريخ الحربي إلا أن مسلمي النمسا يحظون باحترام من قبل السلطات النمساوية نظرا للدور الإيجابي الذي يحرص المسلمون علي القيام به داخل مجتمعهم النمساوي, كما يتمتع الاسلام في النمسا بوضع متميز بفضل الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي منذ عهد القيصر فرانس يوسف الذي أصدر ما عرف ب قانون الإسلام ز1912 والخاصة علي نفقة الدولة للطلبة المسلمين وهناك الهيئة الدينية الاسلامية ومعترف بها لدي السلطات النمساوية وكذلك المركز الاسلامي. ويبلغ عدد المسلمين في النمسا ما يزيد عن500 ألف نسمة يشكلون6% من اجمالي تعداد السكان ويعتبر الإسلام ثاني أكبر مجموعة دينية بعد المجموعة المسيحية البروتستانتية وفقا لدراسة أجرتها الجمعية النمساوية للتفاهم الدولي كما يوجد بالنمسا حوالي87 مسجدا منها27 في العاصمة فيينا. وقد أقامت الجالية المسلمة في النمسا احتفالا كبيرا في ساحة المركز الإسلامي بالعاصمة النمساوية فيينا وذلك بمناسبة مرور مائة عام علي اعتراف النمسا رسميا بالدين الإسلامي كدين رسمي في البلاد. كما سبق هذا الاحتفال احتفال رسمي أقيم بمقر بلدية فيينا وحضرته القيادات السياسية النمساوية وعلي رأسهم رئيس الجمهورية الدكتور هاينز فيشر. وقد حضر احتفال المركز الإسلامي عدد كبير من أبناء الجالية العربية والإسلامية في النمسا وأعضاء البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية الممثلين لبلادهم لدي النمسا وعدد من المواطنين النمساويين. كما نجد مظاهر الاحتفال بالاعياد والمناسبات الدينية مثل الاحتفال بشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الاضحي تأخذ طابعا مميزا فتتعدد مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم حيث يرتقب المسلمون في النمسا كما في سائر بلاد المهاجر غير المسلمة شهر رمضان الكريم للتزود بجرعة إيمانية تساعدهم علي الحياة في بلاد الغربة, ويقبل المسلمون في النمسا علي المساجد بكثافة وذلك من أجل أداء الصلاة وبخاصة صلاة التراويح والاستماع إلي الدروس الدينية. كما تبدأ المحلات والاسواق في عرض المنتجات الرمضانية التي يتميز بها شهر رمضان مثل الياميش والبلح وقمر الدين التي بدأت المحلات النمساوية تقتنيها عند اقتراب شهر رمضان لما وجدوه من اقبال علي هذه المنتجات خلال هذا الشهر الكريم. وتتحول المساجد الي مراكز لتعليم الابناء الصغار تعاليم دينهم وسماحه الاسلام وآدابه والتحلي بالاخلاق الكريمة فهناك من يعتمد علي الدعاة المقيمين في البلاد, وهناك من يستقدم الدعاة من البلاد الأخري مثل الدعاة الأزهريين من مصر. ونجد ان هناك مشاركة فعالة من جانب رجال السياسة واعضاء الحكومة النمساوية وعلي رأسهم الدكتور هاينز فيشر رئيس جمهورية النمسا الذي يحظي بشعبية كبيرة لدي اوساط الجالية الاسلامية لانتهاجه سياسة معتدلة تجاه المسلمين الذين كان لهم دور في تأييده في انتخابات الرئاسة النمساوية وفوزه بدورة رئاسية ثانية حيث تشارك الجالية الاسلامية والعربية في الحياة السياسية النمساوية ومن هذا كله نجد ان الجالية الاسلامية استطاعت ان تحجز لنفسها مكانا متميزا داخل المجتمع النمساوي.