يحظى «المعتوه» هذه الأيام باهتمام واسع بين الأمريكيين. والكتاب سرد لذكريات وخواطر أوماروزا مانيجولت نيومان، نجمة تليفزيون الواقع فى التسعينيات وكبيرة مستشارى ترامب السابقة التى صارت لشهرتها تعرف باسمها الأول فقط. يغطى الكتاب فترة زمنية تعود إلى 1993، عندما دخلت أوماروزا عالم ترامب كمتسابقة فى برنامجه التليفزيونى «المتدرب»، ثم عملت ضمن حملته الانتخابية، فمستشارة له فى البيت الأبيض، قبل أن يتم فصلها فى يناير الماضي. يضم الكتاب حكايات مثيرة تفضح من يعملون فى الدائرة الضيقة حول الرئيس. وعن نائب الرئيس مايك بينس كتبت أوماروزا تقول إنه خلال الحملة الانتخابية صيف 2016، أتيحت لها فرصة لقاء بينس وأشقائه الثلاثة الذين يشبهونه جدا. وفى عبارة تشبه المزاح لكنها ليست مزحة، قال أحدهم «إن مايك كان دائما يطمح إلى منصب الرئيس، أعنى نائب الرئيس»، ثم كشفت لها الأيام أن بينس يهييء نفسه لمنصب الرئيس، فمساعدوه ينادونه فيما بينهم وبينه «سيادة الرئيس!» وهنا تتوقف المؤلفة لتحذر من يسعون لإقالة بترامب من منصبه من الواقع المر إذا تحققت أمنية بينس وصار بالفعل رئيسا للبلاد. وحظيت هوب هيكس رئيسة دائرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض بنصيبها من تشهير أوماروزا، فخلال فترة توليها مسئولية الإعلام بالبيت الأبيض، لم تدل هوب بأى تصريح أو كلمة فى مناسبة عامة لسبب بسيط هو أنها لا تملك القدرة على ذلك، وافتقادها للمهارات العملية، كان يقابله تمتعها بمؤهلات الجمال والجاذبية والأناقة. وتكرر أوماروزا فى هذا السياق ما تواتر عن أن ترامب يفضل العمل مع امرأة جميلة بلا كفاءات على العمل مع إمرأة متوسطة الجمال ذات ذكاء ومهارات. ويُذكر هنا أن شائعات قوية تتردد هذه الأيام حول احتمال عودة هوب إلى البيت الأبيض كرئيس لهيئة العاملين خلفا لجون كيلي، وهو منصب يوازى منصب رئيس الوزراء فى النظم الرئاسية الأخري. وفى "المعتوه" حكايات شتى عن أفراد أسرة ترامب، فعلى سبيل المثال ترى أوماروزا أن الابن الأكبر دونالد جونيور يخفق دائما فى انتزاع اعجاب والده رغم محاولاته، بعكس إيفانكا الأبنة الأثيرة عند والدها الذى كان انطباعه الأول عن زوجها جاريد كوشنر أنه شاذ! أما السيدة الأولى ميلانيا، فهى تختار ملابسها بعناية للتعبير عن مشاعرها التى لا تستطيع البوح به علنا. وفى الكتاب تصوب المؤلفة ماذُكر عن أن ملانيا كانت تبكى كمدا عند إعلان فوز ترامب فى انتخابات الرئاسة، فتقول : «لحظة فوز ترامب كانت من المناسبات القليلة جدا التى ظهرت فيها السعادة على ميلانيا قليلة الابتسام». وفى «المعتوه» تشكك المؤلفة فى قدرات رئيسها الذهنية، ومن هنا جاء عنوان الكتاب. تقول إنها لاحظت ذلك منذ الحملة الانتخابية. وبصرف النظر عما أثاره الكتاب من غضب ترامب، وهو ما كان متوقعا، فإن تقييم النقاد له جاء قاسيا، فإلى جانب افتقاده اللمسة الأدبية التى تغلب عادة على هذه النوعية من المذكرات، فقد كانت قصص أوماروزا متناقضة أحيانا وغير مقنعة، فقد صورت ترامب كعنصرى متسلط ومهين للنساء، لكنها مع ذلك رضيت بالعمل معه، ولم تقدم استقالتها بل أقيلت. يبقى أن أول لقاء بين ترامب وأوماروزا كان فى برنامج تليفزيون الواقع «المتدرب»، وكان دورها يفترض أن تتآمر وتتلون لكى يرضى عنها رئيسها ويمنحها فرصة العمل معه. المفارقة أنها قامت فى الواقع بذات الدور، وهى وإن صورت نفسها كضحية، فإن الضحية الحقيقية هى المناصب المهمة التى يشغلها أناس بلا كفاءة حقيقية.