الخطر الأكبر ليس فى ترامب شخصيا، وإلا لكان يمكن الصبر على محنة مجيئه حتى تنتهى ولايته ويمضي، وإنما الخوف فيما يتكشف عن القاعدة الواسعة التى تؤيده والتى تصرّ وسائل الإعلام الأمريكية الكبري، المعارِضة له من اليوم الأول، على التهوين من أثرها وعلى إظهاره وكأنه وحيد فى نقيض مع الثقافة الأمريكية ومع التيار السائد! وكأن قاعدته التى أوصلته إلى السلطة وهى عارفة بتوجهاته غير أمريكية! وكأنه لم يكن هنالك وجود قوى فى السلطة الأمريكية، وفى فترات قريبة، للأفكار التى يجاهر بها والسياسة التى يعتمدها! وأما خطورة تجاهل الواقع، ففى الإلهاء عما يجب أن ينال اهتماما كبيرا فى الدراسة لمعرفة مخاطره ومنابعه وعناصره وآلياته وتجلياته ومصادر قوته الحقيقية واحتمالات مآلاته فى المستقبل..إلخ. وقد يترتب على إهمال هذا أن تُتاح فرصة لترامب أن يفوز بفترة ثانية، أو أن ينجح شخص آخر يمثل نفس الخط. أول ما يمكن استخلاصه من الدراسة هو التشابه الكبير بين ترامب ودبليو بوش فى المضمون السياسي، رغم أن دبليو لم يرفع صراحة شعار أمريكا أولا، ولكنه كان يُطبِّقه عمليا. ولا تخدعنك الخلافات السطحية عن ثقة ترامب بغطرسته وفظاظته، مقارنة بدبليو فى أدائه الكاريكاتوري. ولا يتناقض مع التشابه أن يستخدم دبليو القوة الغاشمة، مثلما فعل فى العراق، وأن يكتفى ترامب، حتى الآن، وفى سبيل بلوغ نفس الهدف، بوسائل أخرى تتجلى بعض ملامحها فيما يفعله ضد العالم كله، مع تركيزه فى الأيام الأخيرة على تركيا بضربات غير مسبوقة لا تزال أساليبها غامضة على المحللين. بما يؤكد أنه يفهم الصداقة مع أمريكا بوجوب التبعية العلنية لأمريكا! وهو ما وضع أردوغان ورجاله هذه الأيام فى حيرة كان أوضح تعبير عنها ما قاله أردوغان بأنه يتلقى من أمريكا طعنات فى الظهر! وما أشار إليه وزير خارجيته شاويش أوجلو بأن أمريكا تصرَّفت معهم بما يتعارض مع تحالفهما! ويبقى أن ترامب لم يهمل الجيش فقد اعتمد له، فقط قبل يومين، أكبر ميزانية فى التاريخ! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب