لقد أثبتت مسيرة أحوال الوطن عبر السنوات الماضية أن انهيار الأوطان تبدأ بهدم مؤسستها الرئيسية، وزعزعة الثقة فى أنظمتها السياسية، وتضليل قواعدها البشرية ونزع الثقة فى صدورها وبث الشائعات المغرضة فى أركانها، وهكذا يكون حال الوطن من حولنا إن جهاز الدولة الإدارى وسلطتها التنفيذية بوزاراتها المتعددة والتى يرأسها رئيس الدولة هو الجهاز القادر على حماية الوطن من مخاطر السقوط، فإذا كانت الثورات تقوم وتندلع بحثا عن الغد الأفضل والمستوى الإدارى الأرقى والحياة الكريمة فإننا نحسب أن تقوية الجهاز الإدارى للدولة هو حائط الصد الأول لمحاولات انهيار الدولة، لأنه هو القادر بمكوناته المختلفة على تحقيق آمال المواطنين فى التعليم الجيد والمستوى الصحى المناسب، والسكن اللائق بكرامة الإنسان وبفرص العمل المناسبة التى تقى من الفقر، والحماية الاجتماعية لأبناء الوطن الأقل دخلا، والرعاية التأمينية لمن أدوا واجبهم من كبار السن. إن بناء الأوطان لا تكون بالشعارات ولكن بالإنجازات. ومواجهة التحديات والشائعات، كما أن حماية الأوطان من خفافيش الظلام تحتاج إلى وعى وذكاء شديدين وقدرة على تحمل الأعباء، لأن البناء والتغير يحتاج إلى صبر وجلد وقدرة تحمل. إن رسالة الجهاز الإدارى للدولة متعددة الأبعاد ومتشعبة الاتجاهات، إنه المسئول عن التنمية المستدامة، اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، فالإصلاح الاقتصادى والإدارى لهما تبعاتهما فى العمل والجهد والعطاء وتحمل الصعاب المترتبة على سياسات الإصلاح الاقتصادى وأثرها الواضح على الجميع.. فإنها الدواء المر من أجل الشفاء، بل إنها الضرورات التى تبيح المحظورات.. والعناء المؤقت بغية الثراء القادم بمشيئة الله. إن الحديث عن تقوية بنيان الجهاز الإدارى للدولة له جوانب متعددة ومجالات متنوعة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي. مقاومة الفساد الإدارى والمالي، فإذا كانت مواجهة الرشوة فى الماضى بالحديث عن تعديل هيكل الأجور وزيادة الرواتب، فما بالنا بالرشوة بالملايين لدى رءوس الأجهزة والقادة من المسئولين. اننا فى حاجة إلى نقلة نوعية جديدة فى إدارة المحليات لتنشيط العمل وتحويل سواكن الأمور والدفع إلى أداء الواجبات والمسئوليات الوظيفية بهمة وجدية ونشاط وفاعلية، مع مواكبة التوقعات نحو التميز فى الأداء الحكومي. سوف تبقى رسالة التعليم والتدريب والتوعية والتثقيف والصحافة والاعلام هى المنقذ من مخاطر الانهيار، ويجب أن تحظى مؤسستها بالاهتمام من أجل دعم رسالتها فى حماية الوطن.