بدأت بصمة السيدة أودرى ازولاى مدير عام اليونسكو تظهر على أنشطة وقرارات المنظمة الدولية التى ترأسها منذ نوفمبر الماضي، حيث قامت اليونسكو بالمشاركة مع منظمة الأمن والتعاون الاوروبى بإصدار منشور بعنوان درء معاداة السامية من خلال التعليم وذلك خلال احدى الفعاليات التى أقيمت فى مقر اليونسكو بباريس. ومعروف أن أودرى أزولاى التى كانت وزيرة الثقافة الفرنسية هى ابنة زعيم الجالية اليهودية فى المغرب وتعد قضية معاداة السامية من أهم القضايا التى آلت على نفسها الدفاع عنها. وتعد هذه هى المرة الأولي التى تُصدر فيها وكالة تابعة للأمم المتحدة منشورا خاصا لهذا الموضوع. ويستعرض التقرير الذى أعدّ بالتشاور مع خبراء من بلدان أوروبية وبلدان فى آسيا الوسطى وأمريكا الشمالية، الأشكال المعقدة والمتعددة للأحكام المسبقة وأشكال التمييز المعادية للسامية، ويقدّم أيضاً توصيات عملية يُستعان بها للتصدى لهذه الممارسات من خلال التعليم. ولما كان لتعزيز التعليم من أجل المواطنة العالمية، التى تعدّ إحدى أولويات خطة التنمية المستدامة لعام 2030، من أهمية مركزية, فقد أسهمت المنظمة فى قضايا مواجهة التطرف العنيف بوجه خاص. إذ تعمل، فى هذا السياق، على تعزيز نظم تربوية وتعليمية قادرة على تزويد الطلاب بالمهارات اللازمة التى تمكنهم من التصدى للتحديات العالمية وبالتالى المساهمة فى بناء عالم أفضل ينعم بقدر أكبر من السلام والتسامح. ويؤكد بيان منظمة اليونسكو حول هذا الموضوع أنه يقدّم مثالاً جديداً على الأعمال التى تقوم بها اليونسكو من أجل مكافحة معاداة السامية. وستنظم اليونسكو حلقة نقاش رفيعة المستوى بهذا الشأن بهدف حشد المجتمع الدولي، وذلك فى إطار اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التى ستُعقد فى شهر سبتمبر المقبل، وقالت أزولاى إبّان فعالية تدشين هذا المنشور: «يجب ألا تتحمل المجتمعات اليهودية مسئولية مكافحة معاداة السامية بمفردها، لأنها آفة تتفاقم وتستفحل شرّاً وتعيث فساداً فى المجتمع ككل. وتنطوى مكافحتها على الدفاع عن حقوق الإنسان، لأنه لا يمكن فصل العنصرية ومعاداة السامية عن بعضهما البعض إذ توحدهما كراهية الآخر». وأضافت: «أن التعليم يحتل قمة أولويات المنظمة، ويعد عاملاً قوياً فى هذه المعركة. ولذلك، يجب العمل من خلاله بغية مواجهة التطرف ونزع فتيل العنف. وتقع على عاتقنا مسئولية دعم المعلمين والمربين فى هذه المهمة، إذ يقفون عاجزين أحياناً أمام كمّ الأحكام المسبقة التى تتجلى بلا أى حرج».ولا شك أن السيدة أودرى أزولاى ترغب فى إعطاء توجه جديد لليونسكو الذى ظل طوال نصف القرن الأخير يحارب جميع أشكال العنصرية والتفرقة فى العالم بحيث تضع معاداة السامية ضمن اولويات عمل المنظمة وتضع القضية اليهودية فى قلب اهتمامات المنظمات الدولية على قدم المساواة مع كل اشكال العنصرية والتفرقة فى العالم. وكانت اليونسكو قد أصدرت منشورا مهما فى عام 2011 بالتعاون مع المكتب المعنى بالمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان ومجلس أوروبا على إعداد منشور بعنوان: «مبادئ توجيهية للمربين لمجابهة التعصب والتمييز ضد المسلمين، والتصدى لظاهرة كراهية الإسلام من خلال التعليم». والسؤال هو: ماذا سيكون دور وموقف الدول العربية ودول العالم الثالث عامة من هذا التوجه الجديد لليونسكو من فرض موضوع معاداة السامية على رأس أولويات المنظمات الدولية وهو موضوع سيكون له آثار صخمة على العمل الجماعى الدولى الذى رفض حتى الآن وضع معاداة السامية على قدم المساواة مع معاداة الإسلام ومع جميع أشكال العنصرية والتفرقة فى العالم؟