مدبولي: متابعة يومية من الرئيس السيسي مع الحكومة لتنفيذ الإنجاز الضخم للمشروعات التنموية    مستشفى الكويت الميداني في غزة يقلص خدماته بسبب الحصار الإسرائيلي    عاجل.. محمد صبحي يمتثل لقرار الزمالك ويوضح حقيقة تصرفه بعد مباراة سيراميكا كليوباترا    المشدد 7 سنوات غيابيا لثلاثة أشخاص لاتهامهم بالتعدي على آخر بأسلحة بيضاء في القليوبية    حجز محاكمة 19 متهم من أعضاء " خلية تزوير المرج " للنطق بالحكم    بوسي شلبي بعد أزمتها مع أبناء محمود عبد العزيز: "شكراً لكل الأصدقاء"    مهرجان روتردام للفيلم العربي يعلن قائمة الأفلام المشاركة في دورته ال25    وكيل وزارة الصحة بالقليوبية يتفقد المركز الطبي بالحي الثامن في العبور    الأرصاد: غدا طقس شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 40    المشدد 3 سنوات لعاطل تعدى بالضرب على صديقه في القليوبية    استعدادات بعثة الحج المصرية لموسم الحج لعام 1446ه    أبو بكر القاضي ل "البوابة نيوز": الاحتفال بيوم الطبيب سيكون برعاية الرئيس    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    بعد تحقيق مكاسب سياسية.. اتهامات التطرف ومعاداة الإسلام تطارد الإصلاح البريطانى    قانون الإيجار القديم... التوازن الضروري بين العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية    "الشناوي وسيحا وشوبير وحمزة".. يلا كورة يكشف تطورات ملف حراسة مرمى الأهلي    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    مقتل 3 مدنيين وإصابة العشرات في قصف مدفعى لميليشيا الدعم السريع على الفاشر    عوض تاج الدين: الدعم الرئاسي أحدث طفرة واضحة للمنظومة الصحية    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة تحكيم دورته 2    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    الدستورية تلزم الشركات السياحية بزيادة رؤوس أموالها خلال مدة محددة    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة.. فى عمق السكون
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 07 - 2018

جلسا على الشاطئ صامتين، تقبض كفها على الرمل فى تلذذ غريب، تتفلتُ من بين أصابعها الرقيقة حباته الناعمة، بينما راح زوجها يدخن سيجارته بشراهة، وهى تهتز بين أصبعيه.. البحر أمامهما يُغرِق مداه، أخذ يخامرها شعور غاضب مبهم، تحاول القبض على أطرافه الزئبقية فلم تستطع.. هى وهو والبحر وصوت اصطدام الأمواج المتمردة الثائرة بمصداتها، نداءات الباعة السريحة، لغط الصبية وصياحهم، كل ذلك وغيره لم يترك لهما فرصة للتفكير فيما حدث أو مراجعته؛ فما حدث قد حدث وانتهى وصار واقعاً، أمر لا يمكن إنكاره أو تجاهله.
ربما على غير توقع تمرُّ أمامهما شابة فتية رشيقة بلباس البحر، تخطر فى خطا غانجة، رمال الشاطئ تصفق على إيقاع خطواتها، تهذى التربة الملحة تحت قدميها البيضاوين، احتواها بنظراته الكاشفة فلمعتْ فى عينيه رغبة واضحة، أيقظتْ فى داخل زوجته غِيرتها الجامحة، تمتمتْ: « غلبت أنهيكَ والطبع فيك غالب، وديل الكلب لا ينعدل ولو... « تجاهدتْ تكتم بوادر غضبة، بل حاولتْ رسم بسمة مغرية على شفتيها الرقيقتين، ربما لتفصل بين لحظة آنية وأخرى آتية.
تركته فى سرحته الشاردة يمصُّ سيجارته، وخطتْ نحو البحر مسرعة حزينة متوترة، التفتَ فلم يجدْها، سحب النفس الأخير من السيجارة، قذف بالعقب فارتشق برمل الشاطئ المبتل، ونهض يلحق بها، عازماً على مصالحتها، واضعاً فى اعتباره أن يحفظ بقايا كرامته المهانة؛ ففى الصباح فقدتْ سيطرتها على أعصابها؛ مدّتْ يدها وضربته كفاً على وجهه فتهدل شاربه، حينما تمادى فى معاكسة جارتها المهذبة فى الشقة المقابلة، التى دمعتْ عيناها متأثرة، دونما مراعاة لمشاعرها أو وجودها، مع أنهما كانا لا يزالان فى شهر العسل.
ناوشت التساؤلات رأسه المجهد: لمَ حدث ما حدث؟!؛ فقد تزوّجنا بعد قصّة حُبِّ حالمة توشجتْ بلحظات رومانسية ناعمة، قصّة تناقلتها الألسنة فى حينا، هى امرأة غيور، أعرف ذلك وأحفظه، وأنا رجل نزق، لى نزواتى الصغيرة العابرة، هو قلبى مضمخ بهوى الحسناوات، فماذا أفعل فى طبع خلقه الله فيَّ.. ألا نتفق؟!، ألا يوائم بيننا الزمن؟!.
راح ينقّلُ خطواتِه فى بطء، مُحاولاً أن يبدو فى حالة اتزان انفعالى.. يضع كفه مفرودةً أعلى حاجبيه ليحد بصره على شئٍ بعينه.. لكن بلا فائدة؛ مجرد شخوص وظلال، مظلات وكراسى، بحر وناس، عوّامات وأطفال يؤرجحها البحر، حقائب ومناضد متناثرة هنا وهناك.. نوارس وطيور، تهبط تباعاً فى خطوط منحنية، تلامس وجه الماء الأملس الرجراج، تلتقط ما تيسر، وتصعد محلقةً بثقة وفرح وجمال.. ضحكات لاهية وثرثرات فارغة تتمدد، تنداح فى الفضاء، يعلو الموج وبقايا كئوس، أعقاب سجائر، فوارغ معلبات، بعض ماء يتناثر بأيدى أطفال عابثين، جو ومناظر تثير فى النفس رغبة عارمة لاكتشاف سر هذا الالتحام بين البحر والرياح والشمس والبشر، رغم تقلبات الأحوال.
بدا يومها منذ صباحه غريب الأطوار.. ها هو ذا نهارها يزحف إلى مشارف الغروب، يلامس أطراف الدجى، تتلون الأرض ببقايا أشعة الشمس الغاربة، وكأنها تحمل فى بطنها انفجاراً، قد يهلك الناس، يبتلع كل شئٍ، عواصف الرياح قد تأخذ فى أقدامها الراحة والسكينة وهدوء البال، لكنها عندما تتأمل أعماق الطبيعة وعناصرها تجدها جميلة، بل غاية فى الجمال.
تحين منها التفاتة فتراه – زوجها – يدنو منها فرحاً فارداً ذراعيه، محاولاً استمالتها واكتساب مشاعرها.. راح وهو يضحك مازحاً يُلقى إليها بمكعبات الشيكولاته وعلب العصير.. شئ ما فى داخلها بدأ يستيقظ، يصحو، يتحرّك، يدفعها دفعاً إلى استعادة علاقتها به، وإجراء حساب الربح والخسارة فى هذه العلاقة، بل تذكرتْ ما حدث فى الصباح، جموح نزواته المتكررة، غيرتها الجامحة عليه، لكنها تماسكتْ فبدتْ امرأة هادئة عاقلة.. تتأمله صامتة فتتيقن من ذات النظرة النزقة المراهقة، ونفس الدعوة فى عينيه الفاجرة، ترتبكُ كالعادة فيرتسم الارتباك على قسمات وجهها وحركة يديها، يصيح فيها: انطقى، تكلمى، عبري؛ صمتكِ يخنقنى يا امرأة.. ردتْ فى هدوء، بصوت خفيض واثق غانج:
- ألا تعلم أن نظراتك المحبة ولغتك الفاتنة يترجمها عقلى إلى هذا الحب الصامت؟!
أنتِ الحب، وإن شابه الجفا.
- أنتَ روحى، ولا روح سواكَ، أُحبُّ قلبك المضمخ بهوى النساء.
راح يطوّح رأسه منتشياً يدندن: « شايف البحر... « يلوِّح بيديه مستعرضاً أمامها قوته الواضحة على مصارعة الأمواج، وخبرته فى السباحة والغطس.. رأتْ موجة آتية خلفه غاضبة، اسقطته.. هى لحظة طالتْ قليلاً – وكما يحدث على غير توقع – آتى صوته من بين الأمواج واهناً مستنجداً.. ثم انقطع تماماً، تراجعتْ مذعورة، شقت المياه، اتجهتْ إلى الشاطئ أشد ذعراً، تضرب كفاً بكف، وتهذى بكلمات مبهمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.