اعتادت عيوننا على مشهد لا ينبغى أن نتعوده أو نراه عاديا تقليديا، وهو ترك البيوت فى أحياء بكاملها بالقاهرة والمحافظات مبنية بالطوب الأحمر دون تمليطها أو دهانها ونقاشتها، لا بل وأقول إن معظم بيوت العاصمة والمحافظات صارت بهذا الشكل القبيح المنفر، وزاد من سوء هذا المشهد العام، طلاء جدران كاملة من الطوب أو من تلك التى ينشع خلالها الصرف الصحى، دون تمليطها أو تمحيرها، وبحيث يزداد قبحها قبحا، وطبعا سنة وراء سنة كنا ننبه البيروقراطية المصرية والمحليات الظريفة المنصرفة إلى الغرق فى فسادها وإنفاق أموالنا فى أغراض بعيدة عما خصصناها له، ولكن شيئا ما كان ليحدث، وظاهرة البيوت الكئيبة القبيحة تتسع لتتمدد فى رقعة مساحية وسكانية أوسع، والجميع كان يرفع فى وجوهنا لافتات تقول إن البلد لا تملك إمكانات مادية تتيح لها تمليط ونقاشة العمارات، وأنها لا نملك إمكانية معنوية تفرض بها على السكان فى مثل تلك البنايات صيانتها ودهانها دوريا، وأنها تلجأ فى مشروع مثل الحفاظ على التراث التاريخى فى القاهرة الخديوية إلى استحلاب تبرعات شركات التأمين المالكة لمعظم هذه العمارات، أو استجداء بعض من يسمون رجال الأعمال الذين إذا أعطون مرة تحت إلحاح لا يعطوا الثانية، أو محاولة تذكير السكان بالقانون الذى يفترض أن نصوصه تلزمهم، وهكذا نظل قابعين فى دوائر عدم الجدوى وعدم الإمكان، وتظل ظاهرة منظر البيوت القبيحة المنظر تتسع وتكبر حتى تكاد تبتلع المشهد العام كله، ونتحدث بخفة واستعباط عن أن مصر بلد سياحى يجيئها السائحون من كل أنحاء العالم ليملأوا عيونهم بجمالها الأخاذ وكأنهم لم يروا موسكو وسوتشى وسان بطرسبرج وسائر المدن الروسية فى المونديال الفائت، نحن نفرض ضرائب من كل نوع على الناس، ولكننا فاشلون فى فرض ضرائب على الناس لإضفاء هذا الشكل الإنسانى الجميل الذى أتكلم عنه، ونحن أيضا فاشلون فى تخصيص موازنات تتناسب وهذا الاحتياج المهم الذى يرتبط بشكل بلدنا نظافة وجمال بيئته بما يعصمه ويحميه من ظواهر الإجرام والإرهاب والتخريب التى تترعرع فى ظل القبح. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع