الخبير: اسم الله الخبير ورد في الكتاب والسنة علي سبيل الاطلاق والاضافة ومرادا به العلمية ودالا علي الوصفية وكمالها والخبير سبحانه هو العالم بما كان وما هو كائن وما سيكون وما لو كان كيف يكون وليس ذلك إلا لله فهو الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يتحرك متحرك ولا يسكن إلا بعلمه ولا تستقيم حياته إلا بأمره وإذنه. قال تعالي( وما من دابة في الارض الا علي الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين)( هودالاية6) والله عز وجل خبير له جنود السماوات والأرض يخبرونه بالوقائع لتحقيق الحكمة في الخلق وهو عليم بالأشياء قبل إخبار الملائكة عنها وبعد الإخبار عنها وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصرثم يعرج اللذين باتوا فيكم فيسالهم وهو اعلم بهم كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون واتيناهم وهم يصلون) فسؤاله سبحانه لهم ليس طلبا للعلم فهو السميع البصير العليم الخبير ولكن لإظهار شرف المؤمن عند ربه وبيان فضله بين ملائكته وحملة عرشه الله هو الخبير الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولا تتحرك حركة إلا يعلم مستقرها ومستودعها والفرق بين العليم والخبير أن الخبير يفيد العلم ولكن العليم إذا كان للخفايا سمي خبيرا ومن علم أن الله خبير بأحواله كان محترزا في أقواله وأفعاله واثقا أن ما قسم له يدركه وما لم يقسم له لا يدركه فيري جميع الحوادث من الله فتهون عليه الأمور ويكتفي باستحضار حاجته في قلبه من غير أن ينطق لسانه الحليم: الحليم في اللغة صفة مشبهه للموصوف بالحلم وصفة الحلم تعني معالجة الامور بصبر وعلم وحكمة وفي مقابلها العجلة المفسدة لامور الدين والدنيا وقيل ان الحليم هو الذي لا يسارع بالعقوبة ويعفو عن السيئات الحليم من أسماء الله الحسني فهو من يؤخر العقوبة عن بعض المستحقين ثم يعذبهم وقد يتجاوز عنهم وقد يعجل العقوبة لبعض منهم وقال تعالي( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك علي ظهرها من دابة) وقال تعالي عن سيدنا إبراهيم( إن ابراهيم لحليم آواه منيب وعن إسماعيل( فبشرناه بغلام حليم) والحليم سبحانه هو المتصف بالحلم, والحلم صفة كريمة تقوم علي الحكمة والعلم والصبر والله عز وجل صبور يتمهل ولا يتعجل العقاب بل يتجاوز عن الزلات ويعفو عن السيئات, فهو سبحانه يمهل عباده الطائعين ليزدادوا من الطاعة والثواب ويمهل العاصين لعلهم يرجعون إلي الطاعة والصواب وخلاصة المعاني في تفسير الحليم أنه الذي لا يعجل بالعقوبة والانتقام ولا يحبس إنعامه عن عباده لأجل ذنوبهم بل يرزق العاصي كما يرزق المطيع وهو ذو الصفح مع القدرة علي العقاب فقد روي أن إبراهيم عليه السلام رأي رجلا مشتغلا بمعصية فقال( اللهم اهلكوا) فهلك فرأي رابعا فهم بالدعاء عليه فأوحي الله اليه قف يا إبراهيم فلو أهلكنا كل عبد عصا ما بقي إلا القليل ولكن إذا عصي أمهلناه فإن تاب قبلناه وإن أصر أخرنا العقاب عنه لعلمنا أنه لا يخرج عن ملكنا العظيم: العظيم في اللغة يقال لمن اتصف بالعظمة والعظيم هو من كبر واتسع وعلا شأنه وارتفع وقيل ان التعظيم هو التبجيل وقيل الكبرياء الله عز وجل هو العظيم الذي جاوز قدره حدود العقل وجل عن تصور الإحاطة فهو العظيم الواسع الكبير في ذاته وصفته فعظمة الذات دل عليها كثير من النصوص منها ما ورد عند ابن حبان وصححه الألباني من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي قال:( ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة بأرض فلاة وفضل العرش علي الكرسي كفضل تلك الفلاة علي تلك الحلقة) وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنه موقوفا:( الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالي) أما عظمة الصفات فالله عز وجل له علو الشأن كما قال في كتابه:( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)( الشوري:11) وإذا كان عرشه قد وصفه بالعظمة وخصه بالإضافة إليه والاستواء عليه فما بالك بعظمة من استوي عليه وعلا فوقه وينبغي أن نعلم أن عظمة الله في ذاته لا تكيف ولا تحد, لطلاقة الوصف وعجزنا عن معرفته فنحن لم نره ولم نر له مثيل فالله عظيم في ذاته ووصفه وجلال قدره كما أخبر عن نفسه وقال البادرائي: ان العظيم هو ذو العظمة والجلال فهو عظيم الشأن جليل القدر وقيل ان العظيم لغويا بمعني الضخامة والعز والمجد والكبرياء, والله العظيم أعظم من كل عظيم والأبصار لا تحيط بسرادقات عزته وكل ما سوي الله فهو حقير بل كالعدم المحض وقال تعالي( فسبح باسم ربك العظيم) وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يدعو عند الكرب:( لا إله إلا الله العظيم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش العظيم)