شكلت أزمة نقص الأسمدة فى الجمعيات الزراعية بمحافظات الجمهورية صداعا، بل كابوس للفلاح المصرى خلال الآونة الأخيرة، مما جعله يخضع لابتزازات السوق السوداء ويشتريها بأضعاف ثمنها ليتكبد خسائر متتالية ترهق موازنته واحتياجات أسرته...أسبوعان وينتهى الموسم الزراعى لهذا العام وصرخات الفلاحين لم تحرك ساكنا إلا فى الفترات الأخيرة عندما تولى وزير الزراعة الجديد المسئولية ليحرك المياه الراكدة ويفتح ملف الأسمدة رغم أنها أزمة متكررة كل عام - مع الشركات الموردة للحصص المقررة لوزارة الزراعة وهى نسبة ال 55% للجمعيات من الإنتاج، لتظهر الحقيقة جلية واضحة وهى أن عددا كبيرا من الشركات لم يلتزم إلا بتوريد نحو 30% من النسبة المتفق عليها، والباقى يتم تصديرجزء كبير منه، وطرح آخر فى السوق السوداء!، ناهيك عن سوء التوزيع للأسمدة فى عدد من المحافظات خاصة الصعيد.. والسؤال الملح فى هذا التقرير: لماذا يتم التعامل مع أزمة الأسمدة فى مصر وفق قرارات بعدية أى بعد حدوث الأزمة وتفاقمها وزيادة حدتها ؟..... الدكتور عزالدين أبوستيت وزيرالزراعة واستصلاح الأراضي دخل عش الدبابير بقوله إن أزمة نقص الأسمدة ترجع لوجود خلل فى منظومة التوزيع، حيث حصلت بعض المحافظات على حصتها كاملة، والبعض الآخر لم يحصل إلا على نسبة قليلة لاتتجاوز الثلث، مشدداعلى أن هذا لن يستمر طويلا، وقال إن وجود هذا الخلل جاء بسبب عدم التزام بعض الشركات بتوريد النسب المتفق عليها مع وزارة الزراعة، خلال الفترات الأخيرة من حصتها وهى نسبة ال 55% من إنتاجها، وهو ما أوجد فجوة كبيرة في الجمعيات الزراعية. ومن جانبه، قال الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين إن أزمة توزيع الأسمدة ترتبط بتطوير الإرشاد الزراعى كأحد المسارات المساعدة فى التوعية بآليات التسميد الصحيح، اعتمادا على قاعدة بيانات واقعية لهذه الاحتياجات وفقا لرؤية الدولة فى تطوير القطاع الزراعي، من خلال توفير الاعتمادات المالية أولا للحفاظ على الأصول الثابتة للإرشاد الزراعى بمختلف المحافظات والبالغة 220 مركزا إرشاديا، بالإضافة إلى تنظيم العمل الإرشادى بالتنسيق بين وزارة الزراعة ومديريات الزراعة بالمحافظات، مؤكدا اتفاقه مع ما قاله وزير الزراعة فيما يتعلق بضرورة التزام شركات إنتاج الأسمدة بتوريد 55% من إنتاجها لصالح وزارة الزراعة، وذلك ضمن الأدوار الاصيلة للدولة فى حماية صغار المزارعين، مع ضرورة التصدى لأية مخالفات تصدر عن التقاعس عن تسليم الحصص المقررة للدولة وألا يتم إصدار شهادات الموافقة التصديرية بدون الالتزام بهذه الحصص. وأوضح نقيب الزراعيين أن مصر تنتج 23 مليون طن أسمدة وتستهلك 12 مليون طن فى العام، متسائلا لماذا إذن توجد أزمة فى نقص الأسمدة؟، واجاب أن ذلك يحدث بسبب تلاعب بعض الشركات فى التوزيع وضخ الأسمدة فى السوق الحرة «السوداء» للاستفادة بفروق السعر الكبيرة، حيث تقوم الشركات بتوريد طن السماد لوزارة الزراعة ب 3 آلاف و200 جنيه للطن، بينما تبيعه فى السوق السوداء ب 6 آلاف جنيه، وبالتالى تستفيد من فرق الأسعار الكبيرة لتحقيق الربح، ومن ثم فإن بعض محافظات الصعيد مثل سوهاج وقنا وأسوان والأقصر لم تصل إليها إلا نسبة 40% فقط من الحصص المقررة لها من السماد حتى الآن، رغم أنه لم يبق سوى أسبوعين على انتهاء الموسم الزراعي! واقترح نقيب الزراعيين للتغلب على تلك الأزمة المتكررة كل عام وهى أن يتم تحرير سعر السماد، وتقديم الدعم النقدى للفلاح ليشترى السماد كما يريد، بعيدا عن تحكم الشركات وعدم التزامها بتوزيع الحصص المقررة لوزارة الزراعة. بينما يرى حسين أبوصدام نقيب الفلاحين أن منظومة توزيع الأسمدة تحتاج إلى تغيير كامل بل إلى نسفها، وأن عمليات النقص ستظل مستمرة مادام علاج الداء يتم بنفس الدواء، مؤكدا أن خطة وزارة الزراعة فى توزيع الأسمدة تسير بعشوائية، ناهيك عن وجود بعض أوجه الفساد فى الجمعيات والتى تقوم ببيع الأسمدة لعدد من التجار فى السوق السوداء، مطالبا بأن يكون الدعم للفلاح « نقديا» .