كم من قصص للرسوب والإحساس بالفشل تعرض لها عدد كبير من المبدعين حول العالم فى بداية الحياة الدراسية أو العملية مما أصابهم بالصدمة والإحباط.. لكنهم استطاعوا تجاوز آثار الفشل واستثماره لاكتشاف الذات والقدرات والمهارات وتحويله الى طاقة وحافز للنجاح. د.عماد مخيمر أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب جامعة الزقازيق يقول إن الرسوب أو الفشل يعد جزءا من تجارب الحياة والإنسان الطبيعى يمر خلال رحلة الحياة بالكثير من الأحداث التى تكسبه الخبرات، معظمها تكون أحداثا ناجحة وبعضها فاشلة، ويوجد نوعان من الشخصيات يختلف تأثير الرسوب عليهما: الأول هو الشخصية الهشة التى لو تعرضت للرسوب أو للفشل فى حياتها اعتبرته عيبا فى الشخصية والتى سريعا ما تفقد الأمل وتصاب بالانهيار والإحباط وأزمات صحية، وقد تصل إلى حد الانتحار، والشخصية الثانية هى القوية التى إذا تعرضت للفشل ازدادت صلابة، ويكون لديها الطموح والحافز والمثابرة والرغبة فى تحقيق الذات وإحراز النجاح، وهذه الشخصية تعتبر الفشل ما هو إلا طاقة وتجربة جديدة فى الحياة، وهذه النماذج هى من استطاعت تحويل خبرات الفشل سواء فى التعليم أو العلاقات الاجتماعية إلى نجاح أعظم، وهناك العديد من هذه النماذج من المبدعين والفنانين والعلماء والرياضيين وفى جميع المجالات على مستوى العالم: (مثال العالم توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائى كان تلميذا ذكيا لكنه فشل فى دراسته وعندما أرسلت إدارة المدرسة خطاب فصله أرسلت الأم خطاب رد الى مدرسته قالت فيه: «إن ابنى الذى تصفونه بالغبى الفاشل سوف ينير العالم» وعندما سئل أديسون بعد اختراعه المصباح أنت فشلت 999 مرة ونجحت فى المرة الألف، فكان جوابه: احاولت وتعلمت أن هناك 999 طريقة لا تؤدى الى نجاح المصباح الكهربائى»، وأيضا السباح العالمى مايكل فيلبس استطاع تحويل تعثره الدراسى نتيجة إصابته باضطراب فرط الحركة إلى بطولات عالمية.. وهذا ما نسميه «قوة الفشل وطاقة النجاح». فمعظم الناجحين فى كل المجالات قد بدأوا حياتهم بخبرات فشل ذاتية ثم أدركوا الأسباب التى أدت إلى فشلهم وتعلموا منها أو من خبرات الآخرين، ثم استثمروها لتصبح خبرات للنجاح، ويستكمل د.مخيمرحديثه ويقول: إن تجارب الفشل أيضا فى العلاقات الاجتماعية مثل الطلاق قد تؤدى الى الدخول فى علاقة جديدة ناجحة وأكثر كفاءة للطرفين، وإذا نظرنا أخيرا الى عدم توفيق منتخبنا القومى فى كرة القدم وإصابة الجميع بالإحباط فعلينا أن ندرك الأسباب واستثمارها والتعلم من فرق المنافسين الآخرين وتحويلها الى خبرات للفوز وتحقيق الأهداف. وبعد إعلان نتيجة الثانوية العامة فمن المهم تهيئة الأبناء لتقبل النتيجة مهما تكن فقد يكون كثير منهم لم يحققوا النتائج المطلوبة، فيجب على الأهل الوقوف بجانب أبنائهم وعدم إحباطهم ماداموا قد بذلوا كل جهدهم ولم يقصروا، فقد يصاب بعض الطلاب باليأس والإحباط، وهو يعتقد أن النجاح فى الحياة شهادة الثانوية العامة وكليات القمة.. ولكن من الممكن عندما يلتحق بمعهد أو بكلية أقل مما توقع أن يجتهد ويطور قدراته ومهاراته وأن يحقق فيها نجاحات أكبر ويصبح متميزا. وهناك شروط لتجاوز الرسوب والفشل وجعلها طاقة نجاح كما يقول أستاذ علم النفس وهى: - أن يعترف الفرد بالتقصير وعدم بذل الجهد الكافى، وألا يلقى أسباب الفشل على الآخرين، وأن تكون لديه الرغبة فى تجاوز الفشل والإصرار على النجاح على قدر الإمكان، ومن المهم تشجيع ودعم الأسرة للاستفادة من خبرات الفشل فى تحديد الهدف وفى رسم خطة جديدة لتحقيق النجاح، وعلى المحيطين بالإبن من خارج الأسرة من الأصدقاء التشجيع والدعم والتحفيز على تجاوز كبوة الرسوب والبدء فى اكتشاف خبرات جديدة. علينا أن ندرك أن تحقيق النجاح والتفوق فى الدراسة ليس المعيار الوحيد للسعادة وإثبات الذات فى الحياة، فلولا الاختلاف فى الأذواق والدراسة والمهن لتوقفت الحياة، وأن الله سبحانه وتعالى يقدر دائما الأفضل، ويقول تعالى: (..وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) آية 216 سورة البقرة.. أخيرا أنصح الأسرة بعدم الشحن ورفع سقف التوقعات المبالغ فيها، وأن تكون على قدر الإمكانات حتى نتجنب ردود الأفعال من الغضب الشديد والإحباط، وهناك معادلة نفسية تقول: كلما زاد سقف التوقعات غير المناسبة مع القدرات والإمكانات زاد معدل الإحباط.