لم يكن من الممكن أن تمر بسهولة تلك المشاهد الرومانسية لرئيسة كرواتيا كوليندا جرابار كيتاروفيتش التى استحوذت على اهتمام الجميع طوال المونديال، سواء لبساطتها ورقتها، حيث قدمت نموذجا فريدا من الرؤساء الشعبيين، أو لتشجيعها الجنونى لمنتخب بلادها، مما دفع شعوبا أخرى ومنهم العرب لتشجيع كرواتيا ولو على حساب فرقهم المفضلة، وهو ما لايفرق كثيرا لأن العرب اختاروا الاكتفاء بالمشاهدة كخيار استراتيجي! هناك من تحيز للمنتخب الكرواتى رغم أن الكثيرين مثلا كانوا يجهلون أن كرواتيا كانت ضمن الاتحاد اليوجوسلافى قبل انفصاله، لكن التصرفات العفوية للسيدة كوليندا التى لم يكن يعرفها أحد قبل انطلاق المونديال باستثناء السياسيين، كانت وراء لفت أنظار مشجعى الكرة لمنتخب كرواتيا، وإن كانت قطاعات كبيرة من المشجعين، وخاصة فى الدول العربية شجعت كفاح نجوم كرواتيا مودريتش وراكيتيتش وبروزوفيتش،من باب أن المغلوب على أمره يميل نحو من هو على شاكلته حين يواجه الكبار! كان الكروات بحاجة إلى تلك الطاقة الإيجابية التى غمرت بها رئيستهم كل من صادفها، فشعبها يئن تحت وطأة، اجراءات تقشفية غير مسبوقة منذ عام 2011 دفع إليها انكماش اقتصادي، مستمر رغم انضمام كرواتيا للاتحاد الأوروبي، ونجحت الرئيسة فى جمع شعبها حول فريقهم الوطنى يراودهم حلم الفوز بالكأس ومزاحمة الكبار فى كرة القدم، وهو دعم معنوى يحتاجه الكروات فى معركتهم لإنهاض الاقتصاد وهو ماتعاملت عليه بذكاء السيدة كوليندا التى نجحت فى لفت الأنظار إلى بلادها كمقصد سياحى وبلد قادر على جذب الاستثمارات. وعند المقارنة بين ماتحقق عربيا خلال المشاركة فى المونديال من حيث المكاسب والخسائر وما حققته كرواتيا، تجد أن العرب اكتفوا بخانة الخسائر ليس فقط لخروجهم الجماعى من الدور الأول، بل لأنهم لم يتركوا أى انطباعات إيجابية ولو على مستوى لفت الأنظار لبلدانهم، أما كرواتيا فقد حققت العلامة الكاملة فى خانة المكاسب رغم حصولها على المركز الثانى والفضل لكوليندا الحالمة ومودريتش ورفاقه الذين لم ينشغلوا بجمع الدولارات من الفضائيات أواللهو السمج فى التدريبات أو وضع قوائم المشتريات مع زوجاتهم اللاتى أقمن معهم فى نفس فندق الإقامة!