حالة من القلق والفزع تسود الآن أوساط الكثير من الفلاحين بعد انتشار فيروس «الجلد العقدي» وإصابة الآلاف من رءوس الماشية بثلاث محافظات فى صعيد البلاد خلال الأيام الماضية. وزارة الزراعة أعلنت حالة الطوارئ للتصدى لذلك المرض، فى الوقت الذى يصرخ فيه الفلاح ويخاف على ثروته الحيوانية من «النفوق» ، رافضا الإجراءات التى اتخذتها الوزارة بمنح300 ألف جنيه من صندوق التأمين على الماشية لتدبير الأدوية اللازمة للمحافظات الثلاث المصابة. ووسط تلك الصرخات والإجراءات ترى نقابة البيطريين أن إدارة الملف البيطرى فى مصر لاتسير على الطريق الصحيح ولاتتبع الطرق العلمية ، وتعتمد على الاجتهادات و«الفهلوة» وبالتأكيد الضحية هو الفلاح البسيط. د. حامد عبد الدايم الدكتور حامد عبد الدايم المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى قال إن مرض الجلد العقدى هو أحد الأمراض السيادية التى تستوجب التحصين الإجبارى ، وهو من أحد أهم الأمراض الفيروسية التى تنتقل بين الحيوانات عن طريق الناقلات الحشرية خاصة الناموس، ويسببه فيروس التهاب الجلد العقدى حيث ينتشر بصورة معدية ووبائية بين الأبقار مسبباً التهابا جلديا مع ظهور عقد ودرنات على سطح الجلد مع التهاب الأوعية الليمفاوية واوديما بالأرجل ومقدمة الصدر مسبباً إهدارا متصاعدا لحالة الحيوانات المصابة مثل الهزال وانخفاض إنتاج اللبن وكذلك العقم والإجهاض ، كما يسبب تلف الجلد مما يسبب خسائر اقتصادية فادحة فى مجال صناعة الجلود ، مشيرا إلى أن الهيئة العامة للخدمات البيطرية تقوم بتحصين رءوس الأبقار ابتداء من عمر ثلاثة أشهر فأكثر بجميع أنحاء الجمهورية من خلال برامج وحملات دورية للتحصين كل 6 أشهر، كما تحرص الهيئة على تنفيذ تلك البرامج قبل التوقيتات المتوقعة لانتشار المرض (موسم تكاثر الحشرات الناقلة) خلال شهرى فبراير وأكتوبر من كل عام ، حيث قامت الهيئة بالإشراف على تنفيذ حملة التحصين الدورى ضد المرض خلال هذين الشهرين حيث بلغ إجمالى ما تم تحصينه 882 ألفا و924 رأسا من الأبقار ، كما قامت بالإشراف على قيام الإدارات البيطرية بمديريات الطب بعموم الجمهورية بتنفيذ إجراءات التحصين الحقلى حول البؤر المصابة واستكمال برنامج التحصين الدورى ، حيث بلغ إجمالى ما تم تحصينه حتى الآن مليونا و860 ألفا و957 رأسا من الأبقار. وحول أسباب انتشار المرض فى مصر والمعوقات والمشكلات المصاحبة لتنفيذ أعمال الخدمات البيطرية قال المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة إن ذلك يرجع إلى انتشار الناقلات الحشرية ومنها الناموس بالأخص خلال شهور الصيف بسبب البرك والمستنقعات المائية والقمامة ، وعزوف العديد من المربين عن التحصين كونه بمقابل مادى ، وعدم قيام المربين بالإبلاغ الفورى عن ظهور حالات مرضية ، والتخلص من الحيوانات النافقة بطرق غير صحية بإلقائها بالقنوات والمصارف المائية دون الرجوع إلى أجهزة الطب البيطري ، وقيام المربين بعلاج حيواناتهم على نفقتهم الخاصة ، ولجوء بعضهم إلى شراء لقاحات خاصة مجهولة المصدر وتحصين حيواناتهم بمعرفتهم ودون اللجوء إلى أجهزة الطب البيطرى ، وارتفاع تكاليف العلاج للرأس المصابة، وعدم كفاية إجراءات أجهزة المحليات نحو القيام بدورها فى تنفيذ حملات الرش وتطهير البرك والمستنقعات والتخلص من القمامة. من جانبه قال الدكتور خالد فاروق العامرى نقيب عام الأطباء البيطريين والرئيس العام لاتحاد الأطباء البيطريين العرب إن إدارة الملف الطبى فى مصر لاتسير على الطريق الصحيح ولاتتبع المنهج العلمى فى الوقاية من الأمراض ، مشيرا إلى أنه لا توجد خطة حقيقية وسياسة واضحة فى الثروة الحيوانية ، وأن مايتم فى هذا الملف الهام هو مجرد اجتهادات وزيارات فقط للمتابعة دون اتخاذ الإجراءات العلمية ، موضحا أن هناك فارقا كبيرا بين الحملة القومية للتحصينات والبرنامج الوقائى ، فالحملة جزء منه ، ومايتم فى مرض« الجلد العقدي» هو حملة تحصينات فقط، ولاتتبع فيها الإجراءات السليمة والصحيحة فى معالجة هذا المرض. وأشار نقيب البيطريين إلى نقطة مهمة هى أن وزارة الزراعة لاتستعين بأساتذة الوبائيات وأساتذة الجامعات لمتابعة الثروة الحيوانية والتصدى لتلك الأمراض ومنها « الجلد العقدي» «والحمى القلاعية » وغيرهما ، مؤكدا أن حملات التحصين فى وقت انتشار المرض تسبب خطورة شديدة ، حيث يتم حقن الحيوان المصاب ب « مسدس حقن»، ويتم استخدام ذات المسدس بعد تلوثه مع حيوان آخر لايكون حاملا للمرض فيصير مصابا به، كما يتم فى أثناء تطبيق عملية التحصين استخدام «سرنجة» مع حيوان حامل للمرض ثم يقوم بتحصين حيوان آخر سليم ولاتبدو عليه أية أعراض فينتقل له المرض من الحيوان الأول.