هذا الشهر يكمل عامه السابع والسبعين فى عمر كرّس فيه جهده أكثر من 50 عاما فى خدمة العمارة والفن ؛ فقد كان له منهج وفكر وفلسفة، ورسالة تكاملت بين الفن والعمارة والثقافة والانتماء الوطنى.. رسالة إنجاز لم يكن هدفها ماديا، لكنه ظل أستاذا ومعلّما حتى هذه اللحظة. عن عصام صفى الدين أتحدث، المعمارى الذى لا يحب الا أن يلقّب بالوصف التعريفى الذى يفضّله المعلّم وقد أفاد فى الكثير من المواقع التعليمية، ما بين تدريس العمارة والفنون والآثار بمعاهد السينما والمسرح والسياحة، وبنفس الكفاءة، بفعالية واخلاص أجمع عليه زملاؤه وتلاميذه والذين أصبح منهم وزراء ومحافظون وأساتذة . كنت على مقربة منه وزاملته فى تدريس الفن البصرى بكليات العمارة، ولمست فيه من السمات ما أصبح نادرا ، وأستطيع أن أجزم - بما لا يدعو مجالا للشك - أنه يستحق كل الصفات التى ذكرتها، وكان مدخل ذلك كله من كونه فى الأصل فنانا بالفطرة منذ صغره، والى أنه اختار دراسته للعمارة بقسمها بكلية الفنون الجميلة، وما صادفه من معلّمين للتربية الفنية وللفن والعمارة طوال فترة دراسته ، وحتى بداية تأسيس رسالته والعمل على تحقيقها من خلال عدة خيوط تكوّن جديلا ثقافيا وفنيا واحدا، مهتما بكل ما هو مصرى تراثى، مؤمنا بجدواه الايجابية فى محاضراته وندواته ومعارضه، اضافة الى تأسيس علم العمارة الشعبية ومناهج استنباط الطابع المعمارى.. وأخيرا تأسيسه بيت المعمار المصرى فى درب اللبانة الذى أنشئ عام 2016 الذى أودع فيه وثائقه وأوراقه الثمينة والتى سعت الى شرائها هيئات ومؤسسات أجنبية بأى ثمن، وقد عاصرت فى مقابل ذلك - جهوده المضنية وثباته وتصديه للعراقيل الادارية والفساد والبيروقراطية التى كان يفتعلها المسئولون والتى كادت تحول بينه وبين تحقيق حلمه الوطنى فى إنشاء هذا البيت الذى أصبح قبلة للدارسين والباحثين فى الفن والعمارة من أنحاء العالم. تراه تارة مع الفنانين فتحسبه من زمرتهم يتحدث فى سيرتهم وتاريخ الفن، وتارة أخرى تراه مع المعماريين واثقا من أساسيات ومنهجيات التعامل مع العمارة المحلية وعموم الفكر والنقد المعمارى والدراسات البيئية، وتكامل العمارة والفنون. ولم لا..وقد تتلمذ على فكر حسن فتحى ورمسيس ويصا واصف وثروت عكاشة وجمال حمدان وعبد السلام الشريف وحسين بيكار وغيرهم. ورغم أنه نال واستحق مايزيد على 17 تكريما من جهات متعددة, فإنه مازال يذكر فضل أساتذته عليه، سائرا على دربهم فى أن يكون القدوة لتلاميذه ومريديه فى تكامل الفنون والثقافة والعمارة ومثالا حقيقيا للوطنية وحب مصر. لمزيد من مقالات ◀ د. محمد الناصر