تحت عنوان آفاق التفاعل بين الفكر الاسلامي والفكر الغربي أقيم بدار العلوم الاحد والاثنين الماضيين المؤتمر الدولي الخامس عشر للفلسفة الاسلامية, بحضور لفيف من كبار الأساتذة المصريين المهتمين بالفلسفة, إلي جانب مجموعة من المختصين العرب والأوروبيين. شهدت جلسة الافتتاح كلمة للدكتور محمد صالح توفيق عميد دار العلوم يرثي فيها غياب الصيغة الإسلامية الشمولية التي سادت مراحل التوهج الحضاري للأمة, حيث تماهت القوميات, فلم تكن تركية ولا عربية ولا فارسية, ولم يكن الصدع الحضاري قد انشق بين دعاة التراث المتعصبين للماضي, وبين أنصار المعاصرة ومحاكاة أوروبا. أما د. حسام كامل رئيس جامعة القاهرة فيري أنه من الضروري توجيه جهود رأب الصدع المتزايد بين الشرق والغرب نحو جسور الفلسفة والشعر والأدب والفن. أما د. محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف ورئيس الجمعية الفلسفية المصرية فقد اختار أن يبدأ بالفيلسوف ابن رشد الذي أشار بالنظر في كتب القدماء ويعني بهذا فلاسفة اليونان بصرف النظر عن فروق الجنس واللون والدين. ويشير د. زقزوق إلي بغداد الخليفة المأمون التي شهدت قمة التوهج الحضاري الاسلامي, قائلا إن حركة الترجمة في ذلك العصر أحدثت نهضة علمية وثقافية غير مسبوقة في أي عصر ومكان. ثم يذكرنا د. زقزوق تعليقا علي موضوع المؤتمر آفاق التفاعل بين الفكر الاسلامي والفكر الغربي بحقيقة قد ينساها الغرب أحيانا لاسيما الآن, وهي أن النهضة الأوروبية قامت علي ترجمات العرب للفلسفة اليونانية خاصة أرسطو, كذلك العلوم والآداب, والشك المنهجي الذي جعل من ديكارت أبا للفلسفة الحديثة هو نفسه منهج الغزالي, كما أن الشاعر الألماني جوته في كتابه الديوان الشرقي والغربي قد اقتبس كثيرا من القرآن, وكان شديد الاعجاب بالشاعر الفارسي حافظ الشيرازي والمعلقات الجاهلية, وكذلك الأمر بالنسبة لدانتي الذي تأثر في الكوميديا الإلهية برسالة الغفران وقصة الاسراء والمعراج. ومن أهم الأبحاث التي ألقيت في المؤتمر ورقة بحثية عن الاستشراق اليهودي قدمتها د. هدي درويش و تناولت الظاهرة بشقيها: الاستشراق السياسي الذي يهدف إلي كسب التأييد العالمي واثبات حق اليهود في القدس, والاستشراق الديني, ويهدف إلي تشويه صورة الاسلام والمسلمين. ومن ضمن الضيوف تحدثت المستشرقة الألمانية د. ايرينا شنايدر عن المهاجرين المنحدرين من أصول اسلامية في ألمانيا. وتناول د. يوسف دوغان ود. فاضل يوزعان من تركيا أسباب ظهور التيار المحافظ وتطوره وأشار د. السمان النصري من السودان إلي أهمية وجود قواسم مشتركة بين الفكر الاسلامي والغرب.