رابط وموعد الاستعلام عن الامتحان الشفوي لشغل 1000 وظيفة إمام بوزارة الأوقاف    الجامعة الألمانية بالقاهرة تشارك في منتدى الأعمال العربي الألماني ببرلين    عين شمس تبحث سبل التعاون الأكاديمي مع جامعة Vidzeme بدولة لاتفيا    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني محافظة قنا    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة    مصرع مسافرة وإصابة اثنين في سقوط لوحة إعلانية بمطار شرم الشيخ الدولي    إسكان النواب تناقش قانون تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي من حيث المبدأ    ننشر نص مشروع قانون العلاوة وزيادة الحافز الإضافى للعاملين بالدولة    وزيرة التخطيط: الرئيس وجه بتخفيف الأعباء عن كاهل الفئات الأكثر احتياجًا    "القابضة لمياه الشرب" تواصل لقاءاتها مع شركات القطاع الخاص الوطنية    بعد تنوع أساليب الاحتيال، خبراء يطالبون بزيادة إجراءات تأمين حسابات عملاء البنوك، و"المركزي" يكثف حملات التوعية    500 شهيد في غارات إسرائيلية على قطاع غزة خلال 3 أيام    الرئيس السيسى: مصر كانت ولازالت الأكثر تضررا من حالة عدم الاستقرار فى ليبيا    بطريقة ذكية، كيف تهرب أحمد حسن كوكا من دعم المثلية في فرنسا    منتخب مصر تحت 16 عاماً يفوز على أيرلندا 3 – 2)فى دورة بولندا الدولية    دي بروين: ربما لا أشارك في كأس العالم للأندية مع مانشستر سيتي    وزيرة الرياضة الفرنسية: موقف مصطفى محمد غير أخلاقي.. ويجب تغريمه ماليًا    مواعيد امتحانات النقل من الصف الثالث حتى السادس في المنيا    563 ألفا و818 طالبا وطالبة يؤدون امتحان المواد غير المضافة للمجموع بالشرقية    الإدارة العامة للمرور: ضبط 48397 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تخفيف عقوبة قاتل اللواء اليمني ب«فيصل» من الإعدام إلى المؤبد    «رغم تنازل الأب».. النقض تسدل الستار بإعدام طالبة بورسعيد.. والنيابة: الحية التي قتلت والدتها    المتحف القومي للحضارة يستضيف معرض "ألف كوب" في إطار التعاون الثقافي المشترك    افتتاح معرض حلي الكرنك الذهبية بالأقصر بمناسبة احتفالات اليوم العالمي للمتاحف    «توأم الروح».. تعرف على أفضل 3 ثنائيات من الأبراج في العلاقات والزواج    "الإغاثة الطبية في غزة": مليون مواطن يواجهون الجوع وتكدس بشري في الشوارع    بمشاركة 4 ملايين صوت.. الكشف عن الفائزين بجوائز الموسم التاسع من مسابقة كأس إنرجي للدراما    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح عيوب الأضحية    «الصحة» تطلق بثا مباشرا يدعو لوضع سياسات صحية أكثر عدالة بشأن رعاية الأمراض النادرة    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    FDA الأمريكية توافق على لقاح نوفافاكس لكورونا من سن 12 سنة    بدائل الثانوية العامة 2025.. شروط الالتحاق بمدرسة العربى للتكنولوجيا التطبيقية    ليفركوزن: لا توترات بشأن مستقبل فيرتز    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    حفيد عبدالحليم حافظ عن وثيقة زواج "العندليب" وسعاد حسني: "تزوير وفيها غلطات كارثية"    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    خذوا احتياطاتكم.. قطع الكهرباء عن هذه المناطق في الدقهلية الثلاثاء المقبل لمدة 3 ساعات    بعد عرض "كله مسموح".. كارول سماحة تشكر فريق المسرحية والجمهور    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    مستشهدًا ب الأهلي.. خالد الغندور يطالب بتأجيل مباراة بيراميدز قبل نهائي أفريقيا    في أجندة قصور الثقافة.. قوافل لدعم الموهوبين ولقاءات للاحتفاء برموز الأدب والعروض المسرحية تجوب المحافظات    رومانيا.. انتخابات رئاسية تهدد بتوسيع خلافات انقسامات الأوروبي    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا منذ بداية الحرب    1700عام من الإيمان المشترك.. الكنائس الأرثوذكسية تجدد العهد في ذكرى مجمع نيقية    زيلنسكى ونائب ترامب وميلونى.. الآلاف يحضرون حفل تنصيب البابا لاون 14    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    الرقية الشرعية لطرد النمل من المنزل في الصيف.. رددها الآن (فيديو)    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    انخفاض الليمون..أسعار الخضروات والفاكهة اليوم الأحد 18-5-2025 في سوق العبور    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نغير العالم؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 06 - 2018

صحيح أن جوهر التراجيديات إنها استبصار في المستقبل، استبصار يباعد عنا، ويمنع تخلينا عن المستقبل بإدراكنا الحكمة التي تتولد من المعاناة، وصحيح كذلك أن سؤال الرؤية التراجيدية، هو دائمًا ما يعبر عن صرخة التعاسة الإنسانية وهي تنادي الجواب المباشر كي تسترد عافيتها، مهما تكن درجة الاستحالة التي يكون عليها العالم في زمنه التاريخي والحضاري؛ إذ المسعى الذي يطرحه السؤال، كيف يمكن أن نغير وجه العالم؟.
إن سؤال الرؤية التراجيدية يقف على أنقاض أحداث المعاناة، وعند بوابة عالم المستقبل؛ لذا كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر هي موضوع تأمل ودراسة مجموعة من المسرحيين في منتدى بعنوان «حول المسرح والتراجيديا وأحداث 11 سبتمبر»، الذي دعت إليه مجلة المسرح الأمريكية، شارك فيه عدد من كبار المسرحيين المشتغلين بالصناعات الثقافية الإبداعية في الجامعات الأمريكية، بالإضافة إلى بعض الشخصيات من ذات التخصص في جامعات المكسيك وألمانيا وأيرلندا، وذلك تجاوبًا مع مفهوم التراجيديا في سياق هذه الأحداث التي تغير وجه العالم، ولمخاطبة الوقائع التراجيدية التي يجب عليهم مواجهتها، وتحديدًا الكشف عن المعاناة التراجيدية بين الثقافة كامتلاء روحي، وبين الممارسات السياسية المتحالفة مع الخواء الروحي والاجتياح بالقوة المادية الطاردة لكل القيم الإنسانية، وذلك فرضًا للسيطرة.
ضمت وثائق هذا المنتدى ستًا وعشرين مداخلة موقعة من أصحابها، منها مداخلة «آونا تشودري» من جامعة نيويورك، التي تؤكد أن الوهم المتغطرس بالسيادة المجردة والبعيدة والمرئية، يعد أهم عنصر في التراجيديا التي ألمت «بالبرجين»، وآمل أن نكون قد خرجنا بعبرة وعظة من سقوط «البرجين» سقوطًا عنيفًا، وهي عبرة وعظة تعرف في التراجيديا الكلاسيكية بمبدأ سقوط العظماء.
أصابت «آونا تشودري» في رصدها بأن سقوط » البرجين« هو قمة المعاناة، ومن فوق أنقاضهما تبدى طرح سؤال الرؤية التراجيدية: ترى إلى أين سيمضي العالم من قلب هذه الأحداث؟ إن شرط التراجيديا ليس نهايتها؛ وإنما شرطها الصحيح هو مساحة وقدر وكثافة المعاناة التي تعرضها، وتبلغ حدًا من الزخم والحدة، حتى إنه ما من نهاية يمكن أن تمحو انطباع هذه المعاناة الهائلة من الأذهان، فإذا ما تساءلنا: ترى هل يمكن أن يمحى حدث «البرجين» من الذاكرة؟ فلا يمكن أن تكون الإجابة أن قتل «بن لادن» و«الملا عمر» وغيرهما يساوي، أو باستطاعته أن يرفع المعاناة التراجيدية التي تشقي باستمرارها المرعب الذاكرة، فعلى القياس لا يمكن أن يمحو فقأ «أوديب» لعينيه معاناة الفعل التراجيدي، بقتله لأبيه ومضاجعته لأمه، إن تعظيم تأثيم الخطأ التراجيدي يعني أنه لا يعدله عقاب، إذ ما ينتج منه من معاناة هائلة، وعذابات مذهلة لا يبررها قصاص، ولا تلغيها أي أحكام وذلك لأن التراجيديا تبنى أفعالها وأحداثها على استحالة المراجعة، ولا تعرف المصالحة، وأيضًا لا تقبل المساومة، وذلك لأن قيمتها أنها محنة نستبصر من خلالها المستقبل بقدر إدراكنا للحكمة من معايشة أحداثها؛ لذا فإن «آونا تشودري» على حق فيما أعلنته عن أملها في إدراك العظمة والحكمة من معاناة «السقوط»، وذلك دفعًا لمستوى الوعي، امتلاكًا لأدوات القطيعة مع العماء مستقبلاً.
أما «ديانا تيلور» فإنها في مداخلتها تحاول القبض على الواقع، بإعادة ترتيب الأحداث على نحو يتيح فهم ما لم يفهم، فتتخذ من البناء التقليدي للتراجيديا إطارًا لهذا الترتيب، من حيث البداية والوسط والنهاية، فالبداية للحدث التراجيدي- كما ترى- ليست على النحو الذي بدأ به الحدث، فهي تتساءل: «هل يبدأ الحدث التراجيدي -حقًا- من الحادي عشر من سبتمبر؟ قد يقول بعضهم إنه تم اختطافنا قبل وقت طويل من ذلك التاريخ، ربما مع بداية الخريف السابق عليه، عندما خرجت الانتخابات عن مسارها «الطبيعي».
إن «ديانا تيلور» تحفر لتقرأ وقائع وممارسات أحداث مفتوحة وصارخة على خريطة المجتمع الأمريكي، تراها على صلة بامتدادات الحدث التراجيدي، كإشارتها إلى الخلخلة التي أحدثتها الممارسة السياسية لمصداقية إجراءات فحص بطاقات الانتخابات الأمريكية لمنصب الرئاسة. ومن الواضح أن «ديانا تيلور» ترتكز في بنائها للأحداث على الكشف عن ممارسات مشخصة في المجتمع الأمريكي، تستجيب لما يعرف في بناء التراجيديا بالاعتداء الجائر أو الانتهاك أو الاغتصاب لحقوق الآخرين، والذي يشكل أحد عناصر المعاناة.
وتتوالد إشارات «ديانا تيلور» لإخفاقات ممارسات في المجتمع الأمريكي تعريها في امتداداتها ماضيًا وحاضرًا: «فالبنود المهمة على الأجندة الوطنية، مثل تحسين التعليم وغيره، قد تبخرت، والضحايا ظلوا دون حصر، مع أنه تم التعرف عليهم، وسوف يزداد الضحايا عددًا كل يوم مع صدور تشريعات مناهضة للإرهاب والعواطف المعادية للمهاجرين، وقد يوضح آخرون أننا كنا في طريقنا إلى صدام حتمي منذ عقود مع الدول الإسلامية المنتجة للنفط، هل المواطن المدني من بين الضحايا المستهدفين؟».
إن «ديانا تيلور» تعترف -على المجاز- باستمرار وامتداد الممارسات التي يغيب عنها مفهوم حقوق الآخرين، وتفتقد القيم الإنسانية، ومعنى حياة الناس وموتهم على السواء؛ بل تكاد تتفق «ديانا تيلور» مع «آونا تشودري» في أن فهم العظة، وإدراك الحكمة لن يأتيا من النهاية؛ وإنما من فعل «السقوط ذاته»، إذ ترى «ديانا تيلور» أنه «بالنسبة إلى النهاية، يبدو أن لا شيء مؤكدا، إلا أن النهاية لن تكون سريعة، ولا معنى لها، ولن تطهرنا». وفي سياق رفضها تطرح بديلاً يخالف عنوان المنتدى؛ إذ ترى: «ربما كانت اللغة العربية، لا التراجيديا، هي اللغة التي نحن في حاجة إلى فهمها، حتى نفهم القضايا والمخاطر».
وبهذا المعنى فإن «ديانا تيلور» ترفض مبدأ الصدام الحضاري، وتؤيد فكرة الحوار الحضاري، فدعوتها إلى ضرورة فهم اللغة العربية تعني محاولة فهم حصيلة ما يمارسه أو يتداوله أو ينتجه أو يفعله أصحاب هذه اللغة، أي حصيلة مفاهيمهم ومناهجهم ووسائلهم وعلاقاتهم بقيمهم، أي فك الحصار عن مساحات الفهم والاستيعاب، ورفض الإقصاء، وتغذية الخلافات.
إنها دعوة إلى التواصل والتداول، تتطلب الاعتراف بحقوق الآخرين دون الاعتداء الجائر بالقوة المادية استهدافًا إلى الاستتباع كآلية لإدارة الوجود، أم أن القوة تبحث عن أهدافها؟
لمزيد من مقالات ◀ د. فوزى فهمى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.