* 20 ألف فرصة عمل وفرها برنامج تحديث الصناعة خلال ثلاث سنوات * «كريتف إيجيبت» برنامج لتتصدر الحرف اليدوية قائمة الصادرات المصرية * مدير إدارة التنمية المستدامة : المبيعات السنوية للمشاركين ارتفعت 40% * الفنان سمير الجندى : نتمنى افتتاح العديد من الفروع و«عمر أفندى» كان الأنسب لنا
* مدير أول برنامج للتجمعات الحرفية : أنقذنا «فركة نقادة» و«الجريد» و«المنسج» من الاندثار
* فنانة سيناوية: البرنامج حول «التوب السيناوى» من عادة متوارثة إلى مصدر دخل لمئات السيدات بخامات طبيعية غير مكلفة .. وأدوات بسيطة تتخطى تعقيدات الآلة الصناعية.. وبأنامل دقيقة وأذهان إبداعية تتم المهمة الفنية.. ففي الحرف اليدوية كل قطعة يتم إنتاجها لا تتشابه مع الأخرى.. فلكل منها حكاية تروى على حدة.. وعلى الرغم من أنها تحتاج لوقت طويل وفكر مميز في تنفيذها، إلا أنها أصبحت تمثل استثمارا مضمونا في معادلة الاقتصاد العالمي .. وفي مصر تتنوع تلك الحرف ويتفرد بعضها على مستوى العالم فمن صناعة الكليم اليدوي، والخيامية، والأرابيسك والعقادة، والفركة .. حتى صناعة التلى، والفخار، والأثاث، لا تكاد تخلو محافظة في مصر من حرفة تتميز بها، مما دفع وزارة التجارة والصناعة - ممثلة في مركز تحديث الصناعة - للسعي نحو الحفاظ على هذا التراث وإعادة إحيائه ثقافيا واقتصاديا، من خلال تنفيذ برنامج لإحياء هذه الحرف تحت عنوان «كريتف ايجيبت ».
12عاما مرت على إطلاق برنامج «كريتف ايجيبت» فى عام 2006 والذى رصد ووثق كل الحرف اليدوية والتراثية فى جميع محافظات مصر، وكان الهدف منه - كما أوضحت سحر سكوت مديرة إدارة التنمية المستدامة بالبرنامج - هو إعادة إحياء تلك الحرف التى أوشك بعضها على الاندثار بسبب عدم اهتمام الأجيال الجديدة بها ولأنها لم تعد بالنسبة لهم حرفة تدر دخلا .. وتم التعرف على احتياجات أصحاب تلك الحرف، وتدريبهم على إنتاج سلع ذات جودة عالية، وحثهم على المشاركة فى التجمعات الحرفية أو تأسيس ورشهم الخاصة وتسجيل أوراقها بشكل رسمي.. فوصل عدد المشاركين بالبرنامج لنحو 300 مورد ما بين تجمعات حرفية وجمعيات وشركات وفنانين تشكيليين، وبدأ البرنامج فى تسويق منتجاتهم فى المعارض المحلية والدولية. وفى عام 2015 تم إطلاق أول منفذ تجارى فى منطقة حيوية بهدف إعادة تعريف الجمهور بالحرف التراثية والمشغولات اليدوية، فتم تأجير فرع عمر أفندى بشارع أحمد عرابى كأول فرع يقوم بعرض متميز للتصميمات المبتكرة ولا يتكلف المشارك به سوى نسبة تتراوح بين 20% و30% من سعر المنتج مقابل الخدمات التى يقدمها المركز للمشاركين.. وخلال الثلاث سنوات الماضية استطاع «كريتف ايجيبت» أن يسهم فى رفع متوسط المبيعات السنوية للمشاركين به بنسبه تصل إلى 40% وأن يوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لنحو20 ألف عامل واستطاع أن يربط بين المصممين والمنفذين من خلال توفير أماكن لعقد الاجتماعات والتدريبات داخل نفس المقر وهو ما يعرف بال «هاب». وتقول مدير إدارة التنمية المستدامة بالبرنامج : هدفنا الدائم كان إيجاد فرص عمل بدون استثمار كبير، وهو ما يتوافر فى الحرف اليدوية التى تعتمد على الفنان والحرفى الذى يبدع بيده ويقلل من نسب الإهدار، وخلال السنوات الماضية استطعنا تحقيق ذلك، وحتى بعد انتهاء تعاقدنا مع فرع عمر أفندى بدأنا نتفاوض للانتقال لمعرض آخر بمنطقة تجارية حيوية سيتم الاعلان عنها بمجرد التعاقد، وندرس تطبيق نظام حق الامتياز خلال السنوات القادمة لتتعدد فروعنا ونسوق المزيد من السلع للمشاركين بالبرنامج. نقل اضطراري توجهت إلى فرع عمر أفندى بالمهندسين، حيث كان العارضون يلملمون منتجاتهم استعدادا للانتقال لموقع آخر لم يحدد بعد، وإن كانت المؤشرات الأولية تشير إلى أن افتتاح الفرع الجديد سيكون فى أغسطس المقبل، والذى من المفترض أن يقع داخل أحد الأسواق التجارية الشهيرة بالتجمع الخامس، وفقا لماجد صبرى مدير أول برنامج التجمعات الحرفية بمركز تحديث الصناعة، وذلك لتحقيق واحد من أهم أهداف البرنامج، وهو تسويق منتجات الحرف اليدوية .. فبرنامج «كريتف ايجيبت» يهدف بالأساس لدعم هذا القطاع العريض غير المسجل والذى يتميز بحجم استثمارات قليل وفى نفس الوقت يحقق عائدا كبيرا. المنافسة الكبيرة واستطاع البرنامج خلال السنوات الماضية أن يشارك فى 15 معرضا محليا ودوليا، وبالرغم من المنافسة الكبيرة من بعض الدول الإفريقية والصين واندونيسيا والهند، فإن المعارض الدولية حققت عائدا كبيرا وبدأت فى فتح باب التصدير للمنتج المصرى كما ساهمت فى تطوير التصميمات كثيرا. ويعمل البرنامج مع الحرفيين المسجلين رسميا من خلال بطاقة ضريبية وسجل تجارى ولديهم عشرة عمال مؤمن عليهم على الأقل، وتم تعليق هذا الشرط الأخير بشكل مؤقت تسهيلا على الراغبين فى الانضمام لمظلة البرنامج وأتيح لمن لا يملك أيا من هذه الأوراق أن يعمل تحت مظلة جمعية أو أحد التجمعات الحرفية. دعم الحرفيين الصغار ويقول صبرى : لنحولهم من القطاع غير الرسمى الى الرسمي، ونساعدهم على زيادة مبيعاتهم واستمرارهم فى الحرفة ليحافظوا عليها من الاندثار ويزيدوا من أرباحهم ويستوعبوا عمالة جديدة»، وبفضل البرنامج تم انقاذ بعض الحرف اليدوية كادت تندثر منها «فركة نقادة» و«الجريد» وحرفة «المنسج» فى شندويل التى رصدها فريق مركز تحديث الصناعة أثناء مرحلة تسجيل الحرف عام 2006 - وهى عبارة عن التطريز بإبر الكروشيه على الشال القطن - حيث وجدوا سيدة مسنة واحدة فقط هى التى تجيدها وكانت تنقل خبرتها لاثنتين من الفتيات، فتدخل مركز تحديث الصناعة وتم تدريب 75 فتاة لينقلن الحرفة لعدد أكبر من الفتيات وتم تسويق منتجاتهن مما دفع عددا أكبر للعمل بهذه الحرفة. ويضيف صبرى : يستطيع هذا القطاع أن يقود نهضة الاقتصاد المصرى بسهولة شديدة، فأعلى صادرات تونس والمغرب والهند، تكون من الحرف اليدوية ومصر تملك مميزات لا مثيل لها فى هذا المجال حيث تتفرد ببعض الصناعات على مستوى العالم مثل الخزف والفخار والجريد والنسيج اليدوى فى أخميم وخشب السرسوع والألبستر والمرمر فى الأقصر، وهو أعلى مبيعات فى أى معرض خارج مصر». مكان مميز الفنان سمير الجندى واحد من الذين حملوا هم الحفاظ على التراث والحرف اليدوية منذ سنوات ولذلك كان من أوائل المتحمسين لكريتف ايجيبت ودورها فى الحفاظ على هذا الارث الثقافى من خلال الدعم والتطوير والتسويق ويرى أن اختيار القائمين على المعرض لهذا المقر بالمهندسين كان جيدا لموقعه المتميز القريب من عدة مواقع حيوية ربما يفتقدها بنقله لمنطقة أخرى مثل التجمع الخامس البعيدة قليلا عن قلب العاصمة، مشيرا إلى ضرورة التوسع فى إنشاء فروع أخرى جديدة لتسهم فى نشر الحرف اليدوية وتسويقها خاصة بعد أن تطورت كثيرا وأصبح الكثير من التصميمات مناسبة للاستخدام وليس الديكور فقط. بنات البادية ووسط المعروضات المتنوعة التقيت بها، فتاة من سيناء، كانت تجمع بعض القطع التى لم يتم بيعها استعدادا للانتقال للموقع الجديد لفت نظرى عباءتها المطرزة بعناية فلم تكن «صابحة» بنت البادية السيناوية تعلم أن هذا «التوب» ذا الألوان الباهية الذى أخذت فى تعلم غرزه الدقيقة منذ نعومة أظافرها سيكون يوما ما واحدا من محاور حياتها وسببا فى فتح بيوت مئات السيدات اللاتى اتخذن من تراثهن البدوى مهنة تدر عليهن دخلا ...حكت لى كيف تتعلم الفتيات فى سيناء صنع «التوب» بتفاصيله الدقيقة ونقوشه محددة الألوان فى سن السابعة وتبدع على مدار سنوات فى صنع «توبها» فهو ليس مجرد عادة تتوارثها ولكنه سيصبح فى النهاية كثوب زفافها. فى سنوات لاحقة تمردت صابحة إبراهيم حسن المهندسة الزراعية، ذلك التمرد الايجابى الذى يدفع بالمجتمع للأمام، فبادرت بدفع فتيات قريتها «نجيلة» بمركز بئر العبد ليخرجن من نمط الحياة القبلية وبدأت بدفعهن لاستخراج الأوراق الثبوتية ثم الاتجاه لمحو الأمية، ثم رأت أن الوقت حان لتعمل الفتيات ويحصلن على دخل مناسب فجاءت فكرة تطويع تراثهن ليكون لهن الدعم والسند، ومنذ 22 عاما عملت «صابحة» وفتيات البادية على نشر «التوب السيناوي» وإدخال تصميماته المتفردة فى جميع مستلزمات المرأة وبقى تسويق إنتاج هذه الحرفة اليدوية الإبداعية عائقا أمام «صابحة» التى كانت تنتظر المعارض لتسوق منتجات 732 أسرة تضم مئات الفتيات اللاتى يعملن معها فى هذا المجال، حتى تعرفت على «كريتف ايجيبت» الذى احتضن منتجاتهن وأصبح معرضا دائما لهن فى القاهرة الذى وصفته قائلة: «لم يكن متاحا لى بأى حال أن أتحمل تكاليف إيجار محل بالقاهرة، أو تعيين شخص ليكون مسئولا عن تسويق منتجاتنا هنا، ولكن «كريتف ايجيبت» أتاح لنا هذه الفرصة وأصبح للفتيات دخل شهرى دائم مقابل ما يباع من منتجاتهن بالمعرض الدائم، والذى شهد إقبالا كبيرا جدا على التصميمات السيناوية المختلفة». ثراء تراثي الفنان التشكيلى محمود مرعي، أحد الشباب المشاركين ب«كريتف ايجيبت» ومصمم تحف منزلية أكد أن الثراء التراثى الذى تتمتع به مصر لا يتوقف على التصميمات ولكنه يمتد للخامات المتنوعة المتوافرة لدينا، ولذلك عمل مرعى على الدمج بين الخامات المختلفة ليقدم منتجات تناسب الذوق العصرى وتكون قابلة للاستخدام، وقد ساعده انضمامه لبرنامج «كريتف ايجيبت» فى تلقى العديد من التدريبات والالتقاء بمصممين من خارج مصر. ويقول مرعى : تلقيت بعض التدريبات على يد مصممين من اليابان وانجلترا، ونحن بصدد الانتهاء من بعض الأعمال المميزة مع المدرب الانجليزي، ولم يوفر لنا البرنامج التدريب فقط ولكن الأدوات المساعدة أيضا من الطابعة ثلاثية الأبعاد وجهاز تقطيع الليزر وماكينة الفوم والتغليف». وقبل التدريب دفعت «كريتف» مرعى الذى كان يصمم بعض القطع الصغيرة ويسوقها من خلال المعارض والمحال إلى إنشاء شركته الخاصة التى تضم الآن 6 موظفين وعددا لا محدود من العمالة غير المباشرة، فوفقا للفنان الشاب فقد تخطى مشاكل وتكاليف إنشاء ورشة وتأجير منفذ للبيع بفضل كريتف وأصبح تركيزه أكبر على مجال التصميم، وهو ما يتمنى أن يرى مزيدا من الاهتمام به خلال السنوات القادمة فى برنامج كريتف مصر.