أعجبتني فكرة قامت بها ثلاث فتيات مؤخراً من أجل سد جوع الفقراء والمساكين في مصر.. الفكرة مستوحاة من موائد الرحمن الرمضانية التي يقيمها المواطنون لإطعام الفقراء والمحتاجين، والفكرة تناولتها من قبل بنوك الطعام لسد جوع الغلابة. لكن الجديد في فكرة الثلاث فتيات يرجع إلى نجاحهن في ابتكار تطبيق موبايل جديد يساعد المجموعات والجيران على التعاون في تنظيم موائد طعام خيرية واستخدام الطعام المهدر فى المطاعم والمحلات لإطعام غير القادرين. نورا وليد ولينا وليد ونوارة النجار ذوى ال11 وال12 وال13 عاماً أطلقوا على تطبيقهم اسم "كوبايتس" Cobites، واستوحوا الفكرة من موائد الرحمن الرمضانية ليستمر إطعام غير القادرين طوال العام، وللقضاء على إهدار الطعام، وفقاً لما ورد في الأهداف المستدامة للأمم المتحدة، ومن خلال التطبيق اشتركت الفتيات في مسابقة تكنوفيشن Technovation العالمية في المرحلة الأولى، وتأهلوا للمرحلة النهائية من المسابقة، ليكونوا الفريق الوحيد من مصر تحت 15 سنة. تقول نورا وليد: من خلال البحث على الانترنت اكتشفنا أنه يوجد حول العالم 103 مليار طن من الطعام المهدر، و80% منه مهدر في الفنادق والمنازل والمطاعم، وفي المقابل يعاني 870 مليون شخص من الجوع حول العالم، وكل ما يحتاجونه هو ربع الطعام المهدر من أجل الحصول على وجبة يومية. ووفقاً للإحصائيات، فإن 25% من الأطفال في مصر يعانون من نقص التغذية و27% يعانون من الأنيميا بسبب ارتفاع سعر الطعام، فسوء التغذية لا يحدث فقط بسبب قلة الطعام، ولكن أيضا بسبب سوء جودة الطعام. أثناء شهر رمضان يتم عمل أكثر من 14000 مائدة رحمن لإطعام 109 ملايين شخص يوميا، إذن نحن قادرون على إطعام غير القادرين ومن هنا جاءت فكرة تطبيق كوبايتس. تشرح نوارة النجار، إحدى الفتيات الثلاث، آلية عمل التطبيق قائلة: كوبايتس هو أول تطبيق يتيح للأشخاص والمؤسسات تنظيم موائد خيرية بالتعاون معاً من أجل إطعام الفقراء، فيستطيع أى شخص يرغب إطعام غير القادرين إعداد مائدة، كما يستطيع الانضمام إليها من خلال التطبيق.. نحن في البداية، نتعاون مع المؤسسات الخيرية ليقوموا بحجز الأماكن لغير القادرين، لكن هدفنا لاحقا أن نضع أجهزة "تابلت" في أماكن عامة للحجز حتى يقوم غير القادرين بحجز أماكنهم بنفسهم أو بمساعدة أحد فاعلى الخير إن لم يكن قادراً على التعامل مع التكنولوجيا، فالفكرة شبيهة بنظام عمل أجهزة ال ATM في الأماكن العامة. لينا وليد إحدى الفتيات الثلاث تقول: لدينا موائد عامة وموائد خاصة، فالعامة متاحة للجميع لإطعام شخص غير قادر، والخاصة متاحة للشركات أو المؤسسات لتنظيم موائد مغلقة للأشخاص التابعين لهم، ومقدمي الطعام يمكن أن يكونوا أفرادا يريدون عمل الطعام أو شرائه للتبرع به لمائدة ما، أو يكونوا من المطاعم أو تجار الطعام، الذين يريدون بيع منتجاتهم بسعر مخفض بدلاً من إهدارها، فالأرقام تؤكد وجود أكثر من 10 آلاف مطعم فاخر بالقاهرة يهدرون الكثير من الطعام لالتزامهم ببيع منتجات عالية الجودة وطازجة، وبالتالي يمكننا الاستفادة به لسد جوع أشخاص وأطفال غير قادرة. من قلبي: الفكرة بالفعل جديرة بالاهتمام من الدولة، حتى لو أن مواطنون أنفسهم هم من سيقومون بتطبيقها، فعليها ورعايتها، لسد جوع كل فرد محتاج.. ويعد هذا التطبيق، وفقاً للفتيات هو الأول من نوعه بالوطن العربي، حيث لا يوجد أي تطبيقات تربط بين الأشخاص غير القادرين ومقدمي الطعام. من كل قلبي: على الدولة تشجيع هذه الأفكار البناءة، خاصة أنها نابعة من ثلاث فتيات مراهقات صغيرات في السن فكرن في كيفية إيجاد حلول تساهم في الارتقاء ببلدهم وسد جوع كل مواطن يعيش على أرض هذا البلد الأمين.! [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن;