ما أحلى قراءة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، والتدبر في معنى آياته والتعلم من قصصه القرآنية مثل قصة سيدنا يوسف وقصة سيدنا أيوب عليهما السلام، ففي قصة سيدنا أيوب عليه السلام دروس وعبر يتعلم منها الناس كيفية الصبر على البلاء وجزاء ذلك عند الله سبحانه وتعالى. فسيدنا أيوب عليه السلام آتاه الله نعمة المال والبنون ورزقه من البنين سبعة ومثلهم من البنات. كما أنعم عليه بالأموال والأصحاب، وأراد الله أن يختبر قوة إيمانه وأن يكون قدوة للناس أجمعين، فابتلاه الله في ماله فخسره، ثم ابتلاه في أبنائه فماتوا جميعا، وابتلاه بمرض شديد حتى أقعده لدرجة جعلت الناس تنفر منه، وألقوه خارج المدينة حتى لا تنتقل إليهم العدوى، ولم يبق معه سوى زوجته، التى اضطرت إلى العمل عند الناس لتسد حاجتها وحاجة زوجها. واستمر أيوب في البلاء ثمانية عشرة عاما، وهو صابر ولا يشتكي لأحد حتى زوجته، ولما اشتد عليه المرض قالت له زوجته ادع ربك يا أيوب يرفع عنك البلاء والأذى، فسألها سيدنا أيوب كم لبثنا في الرخاء؟، فأجابت زوجه: لبثنا ثمانين عاما، فرد عليها قائلا: إنى أستحى من الله لأنى ما مكثت في بلائي المدة التي مكثتها في رخائي. واشتد عليه المرض أكثر وخاف الناس من زوجته أن تنقل إليهم مرض زوجها. وباتت لا تجد عملا فقصت بعضا من شعرها وباعت ضفيرتها كي تأكل هي وزوجها، ولما سألها من أين لك هذا، فلم تجبه وبعدها باعت ضفيرتها الثانية، ولما كرر عليها السؤال وألح في معرفة الحقيقة كشفت عن رأسها، وهنا نادى أيوب ربه، فقد جاء بالقرآن الكريم "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ" وعلى الفور جاءته الاستجابة الربانية "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ" فردت إليه صحته وقام صحيحا معافى كما كان من قبل مرضه. جاءت زوجته ولم تعرفه، فقالت له هل رأيت المريض الذي كان هنا فوالله ما رأيت رجلا أشبه به إلا أنت عندما كان صحيحا؟، فقال لها: أما عرفتني؟، فقالت: من أنت؟، قال أنا أيوب. ويقول ابن عباس إن الله لم يكرم أيوب وحده لصبره على البلاء، بل أكرم زوجته التي تحملت معه وصبرت في أثناء الابتلاء وردها ثانية شابة، وولدت لأيوب ستة وعشرون من الذكور دون الإناث، فسبحانه وتعالى القائل "وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ". اللهم اجعلنا من الصابرين وارزقنا صبر أيوب على ما نعانيه من البلاء في هذا الزمان واختم رمضان بقبول أعمالنا وصلاتنا ودعائنا، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، ونجنا من النار يا أرحم الراحمين يا الله. [email protected] لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى;