* الإرهابيون دعاة هدم وتخريب ويقفون على النقيض من أتباع المنهج الصوفى أكد الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفنى لشيخ الأزهر والمشرف العام على رواق الجامع الأزهر، أن التصوف منهج ربانى وروحى ودعوة للبناء والمحبة والسلام ولم شمل الأمة والاستفادة من الطاقات الإيمانية فى البناء والإصلاح، وأن المنهج الصوفى يقف على النقيض من دعاة الفتنة والإرهاب والفكر الهدام. وقال فى حوار مع «الأهرام» أن التصوف هو رأس مال المسلمين الأوائل من التجار فى علاقتهم مع الشعوب الأخرى، ومفتاح النصر للقادة فى ميادين المعارك، ووسيلة الإعلام الفعالة فى الدعوة ونشر الخير والفضيلة. وأوضح أن أسباب ظهور الإرهاب فى سيناء كثيرة ومتنوعة، وان الجماعات الإرهابية تدعمها قوى كبرى تريد فرض هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط، وأن الدعوات الهدامة والأفكار الإرهابية لا تقوم إلا فى غفلة من وازع الروح والعلاقة مع الله .. وإلى نص الحوار:
شهدت أروقة وحلقات العلم بالجامع الأزهر تطويرا كبير خلال الفترة الماضية، ما ملامح هذا التطوير؟ وما أبرز الأروقة الموجودة حاليا؟ الأروقة الأزهرية كان لها دور تاريخى مشهود وحينما أنشئ الجامع الأزهر كانت تستقبل طلاب العلم من كل بقاع الأرض، وتخرّج منها كبار العلماء الذين عرفتهم الحضارة الإسلامية ومن أبرزهم: عمر بن الفارض، والدردير، والطهطاوي، ومحمد عبده، والأفغاني، والجبرتي، وغيرهم الكثير. هناك الرواق العباسى الذى تأسس فى عهد الخديوى عباس حلمي، وهو أحد أشهر الأروقة بالجامع الأزهر، وقمنا بتطوير الأروقة وأيضا الأنشطة بالجامع وتقنينها وإعادة تنظيمها بشكل يتوافق مع معطيات العصر وآليات التواصل التكنولوجي، وأوعية المعلومات الحديثة وذلك بهدف إحياء المنهج الأزهرى الأشعرى الوسطى الذى يحارب كل أنواع التطرف والاتجاهات المتشددة. كما يعد مشروع الرواق الذى يعمل تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أحد آليات تجديد الخطاب الدينى بما يشتمل عليه من محددات منهجية وثقافية تعيد للجامع الأزهر بريقه العلمى ودوره التاريخى وأهميته العالمية. وما الذى قدمه الرواق فى شهر رمضان؟ الجامع الأزهر دائماً ما يحرص على استقبال رمضان بشكل مختلف يتم فيه تنشيط كافة الفعاليات الدعوية والعلمية والثقافية، وقدم مشروع الرواق الأزهرى هذا العام نشاطات مختلفة منها رواق اللغات الأجنبية والذى بدأ بترجمة خطبة الجمعة بعدة لغات وإعطاء محاضرات فى العلوم الشرعية للأجانب كخطوة نوعية مهمة، وكذلك الرواق العلمى والدعوى والذى يتولى مسئولية تنسيق الدروس الدينية وفق المنهج والخطة الموضوعة لتحقيق الاستفادة القصوى لطلاب العلم والجمهور العام ممن يترددون على دروس العلم بالجامع، وكذلك رواق القرآن الكريم وعلومه والذى يعقد يومياً حلقات لتحفيظ القرآن وأحكام التجويد بالجامع ويقوم عليها نخبة من القراء المتقنين، كما يقوم حالياً بعقد مسابقة واسعة النطاق فى حفظ القرآن الكريم وحسن تلاوته صوتاً وأحكاماً وتقدم جوائزها خلال شهر رمضان المبارك. وكيف يواجه التصوف الإرهاب؟ الدعوات الهدامة والأفكار الإرهابية لا تقوم على حد تعبير مولانا الإمام الرائد الشيخ محمد زكى إبراهيم رائد العشيرة المحمدية - رحمه الله - إلا فى غفلة من وازع الروح والعلاقة بالرب، ولا يمكن أن تختل الموازين الاجتماعية والقيم الأخلاقية إلا حين تختل العقائد وتزيغ الكفايات الروحية فى هذا الجو المكفهر تشيع أوبئة القلاقل والحركات الفتاكة والإرهاب والجريمة، وينقلب الناس إلى بهيمية فاجرة، ووحشية مدمرة لا تعرف دينا ولا خلقا ولا ضميرا. ومن هنا يأتى دور التصوف باعتباره رأس المال الطبيعى المتأصل فى الأمة والقادر على مكافحة الإرهاب والتطرف والعنف، فالتصوف دعوة إلى الربانية وإلى الروحانية، فليست الإنسانية هذه المنظورات التافهة التالفة التى تتباغض وتتدابر وتتصاغر، إنما هى السر الإلهى الذى سخر الله له الأكوان والعوالم، وهى الأرواح وأثارها الطبيعية من الخير والجمال والرحمة والنور والحب والسلام والتقدم والإنتاج والحكمة والتسامى والإيمان واليقين والعلم والمعرفة. لقد كان التصوف هو رأس مال المسلمين الأوائل من التجار فى علاقتهم مع الشعوب الأخرى، وكلمة السر للساسة فى علاقتهم الدبلوماسية، ومفتاح النصر للقادة فى ميادين المعارك، ووسيلة الإعلام الفعالة فى الدعوة ونشر الخير والفضيلة، ومبدأ كل تقدم علمى وبناء حضاري، بل وأستطيع أن أجزم أن الأمة قد أصيبت فى مقتل يوم غفلت عن التصوف فى حياتها. ولماذا تكن الجماعات المتطرفة العداء الشديد للصوفية أكثر من الآخرين؟ من الطبيعى أن يكون التصوف باعتباره المنهج الربانى الروحي، ودعوة البناء والمحبة والسلام ولم شمل الأمة وجمعها على الأصول والأولويات واغتنام الممكن والاستفادة من الطاقات الإيمانية فى البناء والصلاح، من الطبيعى أن يكون هذا هو النقيض للدعوات الهدامة والأفكار الخبيثة والإرهابية لأنها لا تقوم كما قلنا إلا فى غفلة من وازع الروح. من هم الصوفيين بعيون الدكتور محمد مهنا؟ النبي، صلى الله عليه وسلم، كان متصوفا، وصحابته، رضوان الله عليهم، أيضا كذلك، فهو صدق التوجه إلى الله تعالى، ولو نظرنا للقرآن الكريم فقد آتى بالزهد والعلم والتوبة والصدق والإخلاص والعبادة والصبر والمعرفة، وكل ذلك من التصوف، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، قرآنًا يمشى على الأرض، وكذلك كان الصحابة كل بدرجته، فأبو بكر كان صديقًا، وعمر بن الخطاب كان فاروقًا، وعثمان ذو النورين، أليس هذا دليلا على التصوف وعلم أصول الفقه، وعلم أصول الحديث والبلاغة والأدب والنحو والصرف والتفسير، وما نحوها من العلوم الفقهية، وكلها موجودة فى القرآن؛ وإن لم تذكر بأسمائها، وأن فى نهاية القرن الثانى الهجري، عرف هذا العصر بعصر تدوين العلوم، وأخذت بعد ذلك فى التطوير، وهذا ما ينطبق على التصوف. كيف يخرج الصائمون من شهر رمضان وقد غفر الله لهم؟ إذا صام المسلم رمضان كما ورد فى الحديث إيمانا واحتسابا متخلقا بأخلاق رمضان متحققا بما ورد فيه من أحاديث تحض على التقوى والعمل الصالح غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فنسأل الله أن يغفر لنا فى رمضان، وعلى المسلم أن يدعو بما دعا الصحابة، حينما كان يأتى شهر رجب، فيقول اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان، وبلغنا رمضان، وبعد أن ينتهى رمضان عليه بالدعاء أيضا بأن يتقبل الله عز وجل الصلاة والصيام والقيام والزكاة، وأنصح نفسى والجميع بالتخلق بأخلاق رمضان، والتحقق بروحانياته ليس فى رمضان فقط وإنما فى كل الشهور والأيام، ورمضان دورة إيمانية لإرشاد المسلم للعمل الصالح بعد ذلك طوال العام، فرب رمضان، رب شوال، رب الشهور الأخرى، وأناشد الإعلام ألا يتغافل عن إبراز منظومة الأخلاق وعودتها بين المصريين.