قرأت فى «الأهرام» حكاية السيدة اللبنانية التى مارست التسول منذ نعومة أظفارها فى شوارع بيروت، وعندما توفيت عن 50 عاماً منذ أيام، تبين أنها كانت من أغنى نساء لبنان وماتت مليارديرة حيث ان أرصدتها فى البنوك 1٫7 مليار ليرة لبنانية أى ما يعادل مليوناً ومائة ألف دولار أمريكي، وتكررت هذه القصة لمتسولين كثيرين فى مصر، لكن المصريين مستمرون فى العطف على المتسولين، لاسيما فى شهر رمضان، حيث يضعف الناس أمام مناظر العاهات بغض النظر عن كونها حقيقية أو مصطنعة باحتراف، ويضعفون أيضاً أمام الأطفال فى صحبة المتسولات بعيدا عما إذا كان هؤلاء الأطفال بالإيجار أم أنهم مخطوفون من ذويهم.. لقد انتشرت ظاهرة التسول بشكل مزعج يسيء إلى مصر لاسيما وأن المتسولين يختارون الأماكن التى يرتادها السائحون، وبرغم وجود قانون يجرم عملية التسول، فإن ما نشاهده من جيوش المتسولين فى الشوارع والميادين، وداخل وسائل المواصلات وأمام المساجد بل صعوداً إلى الشقق - قد يكونون ستاراً لعصابة تقتحم الشقة وتسرقها بالإكراه - يؤكد أن قانون تجريم التسول فى حاجة إلى تفعيل حتى لا يظل حبراً على ورق بدعوى أن التسول أهون من السرقة.. إن هناك كثيرين قد لا يجدون ما يسد رمقهم ولكنهم لا يمدون أيديهم، وينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالي: «لِلْفُقَرَآءِ الَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِى سَبِيلِ للَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيماَهُمْ لَا يَسْألُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» [البقرة/273]، .. إن هؤلاء هم الذين يستحقون بحق الصدقات والزكوات، وليس أولئك الذين يتسولون ويلحون بل يطاردون الناس فى كل مكان حتى داخل شققهم، وباتت هذه الظاهرة فى حاجة إلى وقفة حاسمة. مى عبدالرؤوف بسيوني