للشهر الفضيل حضور روحى و مادى عند المصريين، ومن بين مظاهره "الفانوس" سواء الحديث منه أو القديم. غير أن القديم يلقى اهتماما خاصا من عشاق الفوانيس خاصة عند استخدامه للزينة. الفانوس المصري القديم هو الأجمل بتفاصيله، والأكبر بحجمه، و الغني بتفاصيله الفنية.. فهو فن له تاريخ كبير. أسامة جعفر- عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة – قال إننا كنا نستورد قبل 2016 فوانيس بنحو 25 مليون دولار من مدينة "شندا" بجمهورية الصين ، لكن بعد قرار ترشيد الاستيراد انخفض حجم الاستيراد إلى 2 ونصف مليون دولار فقط. أضاف: ولأننا نملك صناعة قديمة تغطى هذا الجانب كان المخرج الوحيد لهذه الأزمة هو الاتجاه إليها، ودليل ذلك أن استيرادنا من الفوانيس لم يعد يتعد نصف مليون دولار رغم تضاعف سعر الدولار بنسبة 110%. و يقول ان الفرصة سانحة الان لمناشدة الشرفاء والغيورين على هذا الوطن لدعم الصناعة المحلية ومنها صناعة الفوانيس و التى تبدأ بشراء آلات واسطنبات ومواد خام و وسيطة ، لكن يصطدم من يحاول الاستثمار فيها بتعامله معاملة الاستيراد الكامل وهذا يؤثر سلبا على الصناعات المحلية. أما عن بيع و شراء الفوانيس فقد ذهبنا إلى أكبر أسواقها فى منطقة السيدة زينب، وتحديدا المنطقة الواقعة أمام المسجد، لنشاهد سوقا كبيرة جدا. وهناك وجدنا أم منة التي قالت: أشترى الفانوس لابنتى التى تحب الشكل القديم من الفوانيس وتصر على تعليقه ، وتضيف رغم أنى متزوجة ولدى طفلة فإن والدىّ مازالا حريصين على شراء الفانوس لى حتى الآن قبل بداية شهر رمضان بأيام وأفرح به جدا . وبحثا عن مزيد من التفاصيل سألنا سيدة حلمى، وهى إحدى البائعات المشهورات فى السوق فقالت: ولدت فى هذه المنطقة وتوارثت المهنة أبا عن جد ولا أبيع إلا الفانوس المصرى المصنوع من الصاج . وعن مستويات البيع عبر السنوات الماضية تقول: منذ نحو 15 عاما ظهر الفانوس الصينى وانتشر بسرعة لأنه يعمل بالبطارية ويصدر أضواء ويغنى ويدور مما لفت نظر الأطفال وأقبلوا عليه ، كما أن سعره الرخيص شجع على انتشاره، وكان ذلك على حساب فانوسنا القديم الذى قل الإقبال عليه وكاد يموت فسارع الحرفيون بتطوير المهنة وزيادة حجمه وظهرت أشكال كثيرة معدلة، فكان فى الماضى يحتوى مكانا لشمعة أو لمبة جاز والآن بات يصنع باسطنبات وبزجاج ملون مطبوع أو مرشوش بالدوكو الأكثر تطورا بدلا من البوية القديمة كما يوجد زجاج مطبوعة عليه آيات قرآنية ورسومات من الفن الاسلامى ، وزاد حجمه حتى بات كل مكان فى مصر تقريبا يقتنى أحدها. الآن كثير من الأماكن يضع الفانوس، مثل مداخل العمارات والفيلات والمحال التجارية والمقاهى و الكافيهات وحتى المولات التجارية صارت تضع فى أيام الشهر الفضيل فوانيس عملاقة بأشكالها الجديدة ليعود من جديد الفانوس القديم الى الحياة ، وساعد على سرعة انتشاره الحد من الاستيراد. وعن أسعار الفوانيس فهى تتراوح بين 15 جنيها للصغير جدا و5000 لأكبرها وكانت ذروة البيع فى العامين الماضيين ثم بدأت فى الانخفاض من جديد هذا العام وأصبح أقل من العام الماضى بنحو الثلث وبدأنا الدخول فى دائرة ركود كالتى عشناها أيام انتشار الفانوس الصينى. أما محمد حسن صانع فوانيس فقال: لقد أدخلنا تعديلات كثيرة على الفوانيس وصرنا ننتج أنواعا جديدة كل عام وكانت ذروة الانتاج الموسم قبل الماضى لكنها عادت للانخفاض العام الماضى، واضطررنا إلى أجراء تعديل على بواقى انتاجنا بلف قماش خيامية عليها فصارت فوانيس عادية ملفوفة بقماش خيامية لأن التخزين أفسد مظهرها فاضطررنا لهذه الحيلة لبيعها ونخشى زيادة النسبة هذا العام بسبب الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار الخامات من قصدير ورصاص ، حيث زادت خلال عامين فقط بين 200 و 300% مع زيادة أجر الحرفيين ، وكل هذه العوامل أدت الى انخفاض الطلب من البائعين البيع هذا العام.