من المعروف أن السرية سلاح أساسي في المخططات العسكرية وأعمال المخابرات، وأنه لا يمكن توقع نجاح أي عمل عسكري أو مخابراتي دون أن يُحاط بسرية تامة، حتى يُفاجأ العدو بالتحرك على أرض الواقع ولا تتوافر له فرصة الاستعداد وتوخى الحيطة والحذر منه. والغريب أن هذه القاعدة "البدهية" لا تنطبق على مخططات العدو الصهيوني٫ الذي يتعامل معنا بغطرسة ووقاحة، ويعتمد على مخططات معلنة منذ عقود، يعرفها العالم أجمع، ويعرفها العرب بالطبع، لكن رغم ذلك تجد تلك المخططات تُنفذ على أرض الواقع بنجاح تام، بل وتجد منها ما يُنفذ بيد أبناء الوطن، فينفذون مخطط بني صهيون وهم يظنون أنهم يعملون لصالح بلادهم، وليس أدل على ذلك من طوفان الثورات الذى اجتاح بلادنا بدعوى الإصلاح الكاذب، بينما هي جزء من المخطط الصهيوني لتدمير أوطاننا. ويأتى مخطط "برنارد لويس" لتقسيم العالم الإسلامى فى مقدمة ما يتم تنفيذه حاليًا على أرض الواقع، وكلما تم تنفيذ خطوة منه نبدو كأننا نتفاجأ بها وبعواقبها، مع أن المخطط بأكمله مُعلن منذ عقود، وتم إقراره رسميًا في الكونجرس الأمريكي عام 1983، وهو يُعد أصل مشروع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندوليزا رايس" المسمى "الفوضى الخلاقة". ولويس -الذي مات قبل عدة أيام- هومستشرق أمريكي الجنسية بريطاني الأصل، يهودي الديانة صهيوني الانتماء، كان أساس فكرته تفتيت كل دولة إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وذلك عن طريق دفع شعوب تلك الدول لتقاتل بعضها بعضًا، ولو نظرت حولك لوجدت ذلك المخطط واضحًا فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق، وستجده يُنفذ أيضًا في أفغانستان ولبنان، وغيرها من الدول، فبناء عليه تم إشعال حرب الخليج وضرب أفغانستان وزرع الفتن بين الشعوب العربية وتشجيع الثورات ودعمها. ولو عرضنا بعضًا من هذا المخطط "المعلن" والمدرج في ملفات الإستراتيجية المستقبلية الأمريكية، فسنجد أن الجزء الخاص بالعراق ينص على تفكيكها على أسس عرقية ودينية ومذهبية لتصبح كالتالي: دولة شيعية في الجنوب حول البصرة. دولة سنية في وسط العراق حول بغداد. دولة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل. وقد تم تقسيم العراق "فعليًا" إلى ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية بناء على ما يسمى "الفيدرالية"، أما سوريا فالمخطط يهدف لتقسيمها إلى: دولة علوية شيعية علي ساحل البحر المتوسط. دولة سنية في منطقة حلب. دولة سنية حول دمشق. دولة الدروز في الجولان. وهو المخطط الذي يقترب من التحقق، وأيضًا تحت سمع وبصر الجميع، ودون الخوض في التفاصيل، فإن الجزء الخاص بدول الخليج العربي في هذا المخطط مرعب بحق، ولو نُفذ فستضيع هوية بلدان الخليج بشكل كامل، كما يستهدفون فى خططهم تقسيم مصر إلى دويلات صغيرة. وهكذا يتضح أن عدونا لا يتحرك بشكل عشوائي، بل بمخططات محكمة ومعلنة، ومخطط لويس جزء يسير منها، وهناك خطط أخرى كثيرة، ومعلنة أيضًا، في مصادر صهيونية أخرى تبدو واضحة جلية، لكننا نتغافل عنها، ولابد أن نعرفها حتى لا نتحول إلى أداة يستخدمها الأعداء لتخريب بلادنا. لمزيد من مقالات د . عماد عبد الراضى;