* إفطار الطلاب جائز.. واغتنموا الفريضة التى تأتى فى العام مرة واحدة جاء رمضان هذا العام ولا يزال بعض الطلاب يواصلون امتحاناتهم، ويظن البعض أن الصيام معوق عن الاستذكار والتفوق، فيعطى لنفسه مبررا للإفطار لمجرد أنه يمتحن أثناء شهر الصيام، كما ينسى كثير من الطلاب أنهم فى شهر رمضان ولا يجد بعضهم حرجا من محاولة الغش واتباع أساليبه المختلفة طمعا فى تحقيق درجات أكبر حتى لو كان من غير استحقاق. علماء الدين يؤكدون أن هذا يخالف أهداف ومشروعية الصيام، مشيرين إلى أن العبادات من صلاة وصيام وغيرها إنما شرعت لإصلاح الدنيا والآخرة معا، ومن ثم فمن الخطأ أن يظن ظان أن مجرد أداء العبادة يجلب له ضررا معينا كضعف أو فقر أو نحو ذلك، ولكننا نحتاج إلى الإرادة والعزيمة وإلى نظام نوفق به أوضاعنا بين ما يتعلق بأعمالنا وممارساتنا اليومية وما افترضه الله علينا من فرائض. يقول الدكتور حذيفة المسير، أستاذ العقيدة والفلسفة المساعد بجامعة الأزهر، إن الأصل فى المسلم حين يؤدى العبادة لله تعالى أن يؤديها بإخلاص وإقبال على الله وطمع فى ثواب الله، ومن ثم فإنه لا يستشعر الحرج فى العبادة، بل يراها فرصة لتجديد الصلة بالله عز وجل. وصيام رمضان ركن من أركان الإسلام التى يعرفها المسلمون صغارا وكبارا، ورمضان فرصة لتطهير النفس من الذنوب وتعويدها على مراقبة الله عز وجل، لقوله تعالي: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”. والطالب الذى يأتى امتحان هذا العام أثناء تأديته عبادة (الصوم) لا يرى فى ذلك معوقا لتفوقه، ولا معوقا عن عبادته، فالواجب أن يرى فى رمضان فرصة لكى يخلص العبادة لله، ويتقن العمل والاستذكار قربى لله تعالي، وإذا كان الطالب قد يجد مشقة فى بعض الأحيان بالنسبة للمذاكرة لأجل صيامه، أو يخشى على نفسه عدم القدرة على التركيز فى الامتحان لأجل الصيام، فإنه يستطيع أن يأخذ استعداده لذلك بالامتثال لسنة النبى صلى الله عليه وسلم، بأن يتناول وجبة السحور بنية القدرة على أداء الامتحان والعبادة معا. وفى نفس الوقت فإنه يستطيع ان يأخذ فترة من النوم يستطيع بها ان يريح جسده، استعدادا لوقت المذاكرة سواء كان ذلك أول النهار أو فى أثناء الليل. ويوضح المسير أن الطالب إذا وجد أنه يحتاج إلى وقت الليل للمذاكرة، ليس واجبا عليه صلاة القيام فى مدة طويلة، وله أن يختار مسجدا يصلى بما تيسر من القرآن أو أن يصلى القيام منفردا، ليغتنم وقت الليل فى المذاكرة والتدبر، ويستطيع أيضا أن ينظم وقت المذاكرة مع قراءة القرآن، فإذا كان قد تعود فبل ذلك فى أوقات الفراغ وعدم الامتحانات أن يقرأ أجزاء معينة كل يوم فى رمضان، فلا مانع من أن يقلل هذا الكم أوقات الامتحان ليعطى نفسه الفرصة لكى يستعيد مذاكرة دروسه، ولا ينبغى للطالب أن يقلق بشأن ثواب رمضان وما فيه من فرص، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال:”إذا مرض العبد أو سافر قال الله لملائكته اكتبوا لعبدى ما كان يصنعه وهو صحيح مقيم”، ومعنى الحديث أن الإنسان إذا عرض له ما يشغله عما اعتاد عليه من القربى والنوافل، فلا يحزن فإن الله تعالى سيعطيه ثواب ذلك. لا للغش ويجب على الطالب أن يتخلق بأخلاق رمضان أثناء امتحانه، فلا يعقل أن يصوم لله ثم يبيت النية ويرتب طريقة معينة للغش، والنبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الغش فى الأمور كلها حين قال «من غشنا فليس منا»، كما لا يعقل أيضا أن يصبح الطالب صائما ثم يخرج أثناء صيامه ليقف فى الطرقات لينظر إلى هذه أو يتحرش بتلك، فالصيام خلق مع العبادة، وليس العبادة وحدها. .. والإفطار جائز ولكن ماذا لو تسبب الصيام بالامتناع عن الشراب والطعام فى غياب التركيز وزيادة نسبة التوتر لدى بعض الطلاب؟ يجيب الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا: رغم أن الصيام عبادة من أسمى العبادات لكن الله عز وجل من رحمته أن جعل لهذه العبادة أعذارا لمن لم يقو عليها، فقال سبحانه: «.. فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون». والطالب فى أثناء امتحاناته لديه شفافية بالله عز وجل، فهو يلجأ إلى الله فى هذه الفترة (الامتحانات) أكثر من غيرها طلبا لتوفيق الله وطمعا فى فضله، فإذا كانت لديه هذه الشفافية وهذه العبادة التى أمر الله بها فعليه أن يحافظ عليها قدر جهده، فالرخص هنا للمرضى وذوى الأعذار، والذى يقرر الحاجة إلى الإفطار من عدمه هو الطالب نفسه فهو أعلم بحاله، فضلا عن أن الصيام عبادة تكون بين العبد وربه. وإذا كانت الضرورة تقتضى الإفطار فعليه أن يستتر فى إفطاره دون جهر به. والحرص على أداء العبادات يجعل الصلة بالله قوية، فالصيام مصدر للسعادة والصحة، وقال صلى الله عليه وسلم”صوموا تصحوا”، فضلا عن أنه فريضة لا تأتى فى العام إلا مرة واحدة يجب اغتنامها وعدم التفريط فيها.