يقول الله تعالى فى محكم تنزيله فى سورة الأعراف: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين)، يقول الإمام الطبرى فى تفسيره: تَضَرُّعَاً: تذللاً واستكانة لطاعته، وخُفية: بخشوع قلوبكم، وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه، لا جهاراً ومراءة. ويقول الإمام البغوي:خفية أي:سراً. وأورد الإمام أحمد فى مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيرُ الذِكْرِ الخفِيُّ، وخيرُ الرزق ما يكفي. يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين: لقد شرف الله تعالى عباده المؤمنين بزيارته، وبالوفادة عليه، وبمناجاته، والتوجه إليه، وإن شرف المناجاة لله سبحانه شرف عظيم، يحظى به المؤمن مرات عديدة فى اليوم والليلة، فكلما وقف للصلاة وقف بين يدى الله سبحانه، وكلما قرأ بفاتحة الكتاب ناجى ربه، فقد أورد الإمام مسلم فى صحيحه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالي:قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين، ولعبدى ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالي: حمدنى عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالي: أثنى عليَّ عبدى وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدنى عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بينى وبين عبدي، ولعبدى ما سأل فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال: هذا لعبدى ولعبدى ما سأل. وفى معنى (قسمت الصلاة) يقول الحافظ المنذرى فى الترغيب والترهيب: يعنى القراءة، بدليل تفسيره بها، وقد تسمى القراءة صلاة لكونها جزءاً من أجزائها. وعند الإمام البزار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام الرجل إلى الصلاة أقبل الله تعالى عليه بوجهه، فإذا التفت قال: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني؟ أقبل إليّ، فإذا التفت الثانية، قال: مثل ذلك، فإذا التفت الثالثة صرف الله تبارك وتعالى وجهه عنه. فهنيئاً لمن أكرمه الله تعالى بالتوجه إليه، والإقبال عليه، فإن فى ذلك خيراً كثيراً، وإكراماً من الله كبيراً، لأن من أقبل على الكريم أكرمه، والله تعالى ذو الجلال والإكرام.