حالك من حال إلى حال، أنت شهر قلة الطعام فجعلوك موسما للموائد والمقليات والحلويات والسمبوسات والإبداعات والتفنن بالمعجنات والمحشيات. انت شهر الزهد والتخفف من متاع الدنيا وزينتها فجعلوك موسما رائجا لأغلى الثياب وآخر الصيحات والتصميمات، واحدث الأواني والصواني. انت شهر الاعتكاف والانقطاع للعبادة والطاعات، فجعلوك شهر التنافس على المسلسلات والفوازير والمسابقات والنكات. وسعاد وحياة. ظلموك يا رمضان: انت شهر اليقظة والحركة والنشاط والبركة، فجعلوك شهر النوم والكسل والخمول والإجازات ولا يستيقظون في نهارك إلا ساعات. ظلموك يا رمضان: حتى صرت شهر الإسراف والمسرفين. اطنان من الطعام اطنان من الفضلات . اطنان من الفائض في الثلاجات. اطنان من أنواع الطعام في الفريزرات، وفاضت الأسواق وازدحمت الممرات بمعارض و(خذ وهات). ظلموك يا رمضان: وغيروا حالك من حال إلى حال! لا، رمضان لم يتغير، فهو درة الشهور، وهو شهر العبادة والسرور، نحن من تغير شغلتنا الدنيا عن الدين ولم نقدر رمضان حق التقدير. أخذنا القشور والمظاهر وحب الدنيا والظهور وانشغلنا بها عن حقيقة رمضان، شهر أطيب الزاد رمضان زاده (التقوى) قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (183) البقرة. انتبه، اجعل من رمضان هذا محطة تغيير(غير نفسك) وامسح غبار عام من الذنوب، واجعل من رمضان محطة زاد ووقود، وتزودوا فإن خير الزاد (التقوى) ولا تقتن إلا (لباس التقوى) فلباس التقوى ذلك خير، واجعل بضاعتك فيه (القرآن) فهو أعظم معين على التقوى. تاجر مع الله وابتغ سلعته الغالية ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك واحذر أن تكون من (المسرفين) فتخرج من رمضان من الخاسرين.