تواصل بعثة صندوق النقد الدولى برئاسة سوبير لال زيارتها لمصر لاجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الاصلاح الاقتصادى تمهيدا لصرف الشريحة الرابعة من القرض الخاص بمصر التى تصل الى 2 مليار دولار، ولاتزال البعثة مستمرة فى عملها للاسبوع الثانى على التوالى بعد انتهاء المؤتمر المشترك الذى عقد بالتعاون مع البنك المركزى بعنوان «التنمية المستدامة وفرص العمل» والذى حضره النائب الاول لصندوق النقد الدولى ديفيد ليبتون. وعقدت بعثة صندوق النقد العديد من اللقاءات مع عدد من الوزراء والمسئولين لمتابعة سير برنامج الاصلاح الاقتصادى وتطور المؤشرات المالية والنقدية وأهم اجراءات الحماية الاجتماعية التى يتم اتخاذها الى جانب تطورات مناخ الاستثمار والاعمال التى تستهدف جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية وزيادة معدلات التشغيل وإيجاد فرص العمل. ومن ناحية اخرى أكد ديفيد ليبتون النائب الأول لصندوق النقد الدولى فى مقال تحليلى على الموقع الالكترونى صندوق النقد الدولى أن زيادة الثقة فى السياسات والمؤسسات والأنظمة الحاكمة فى اى دولة تمكن الاقتصادات من تحقيق مزيد من النمو والتقدم ، مشيرا الى أن كثيرا من دول العالم شهدت تآكل الثقة فى المؤسسات الأساسية للدولة، مثل الأحزاب السياسية والحكومات الوطنية والسلطات الإقليمية، وكذلك فيما بين شركاء التجارة والاستثمار الدوليين.. وقال ليبتون إنه فى حالة نضوب مشاعر الثقة، أى عندما يصبح الاعتقاد السائد لدى الناس أن «النظام» لا يعبر عن قيمهم، ولا يخضع لسيطرتهم، وأنه لم يعد يعمل لمصلحتهم، فمن المؤكد أن مستوى الاداء الاقتصادى فى كل القطاعات سيعانى من الانخفاض .. وحدد ليبتون ثلاثة أسباب لتأكل الثقة وهى العولمة حيث يعتقد الكثيرون أن العولمة لم تحقق نتائج عادلة ولم تؤد الى وجود مسألة كافية للمسئولين وكذلك لمجتمع الأعمال الذى حقق مكاسب كبيرة منها.والسبب الثانى هو الأزمة المالية العالمية التى أدت الى زيادة تآكل الثقة حيث القى باللوم على الحكومات لعجزها عن منع وقوع الأزمة وزيادة الصعوبات ومضاعفة الاعتقاد بأن المؤسسات أصبحت حكرا على أصحاب المصالح وان الفساد أصبح مستوطنا ،وكانت المؤسسات المصرفية على رأس الجهات التى شهدت تأكل الثقة بالرغم من أن الدراسات الأخيرة أثبتت بداية عودة الثقة مع الإصلاحات التى تمت فى الجهاز المصرفى العالمي. ويرى ليبتون أن العنصر الثالث فى تآكل الثقة يتمثل فى التكنولوجيا وزيادة الاعتماد على التشغيل الإلكترونى و الذكاء الاصطناعى والتجارة الالكترونية مما يزيد المخاوف من انتشار الإجرام الالكتروني. ولعل من أوضح عواقب انهيار الثقة ازدياد الحركات والأحزاب السياسية والتوجهات الحمائية، إلى جانب الغضب الذى يجتاح بلدانا كثيرة نتيجة عدم المساواة فى الدخل والاتجاه الى وضع الثقة فى الكيانات المحلية فى محاولة لاستعادة الثقة والشعور بالسيطرة. ويحذر ليبتون من عواقب هذا الاتجاه نحو اللامركزية، حيث إنه كلما زادت الثقة فى المؤسسات اللامركزية انخفضت صلاحيات الذين يتمتعون بالثقة فى معالجة وحل المشكلات التى تتطلب بطبيعتها جهود السلطة المركزية على مستوى الدولة وكذلك المشكلات التى تحتاج الى حلول على المستوى الاقليمى والعالمي. وأشار الى أنه على الصعيد العالمي، يبدو الشعور بعدم الثقة فى الاتفاقيات والمؤسسات العالمية أكثر وضوحا فى عالم التجارة والاستثمار الأجنبى المباشر حيث يشهدان التحول نحو المفاوضات والمعاهدات الثنائية والحديث عن اتخاذ إجراءات أحادية. بينما التعاون من أجل تحقيق المكاسب المشتركة هو السبيل المؤكد الوحيد لتجنب مخاطر تصاعد التوترات التجارية ،ولكن لن تحظى العولمة بمزيد من الثقة إلا فى حالة تطوير الممارسات التجارية والاستثمارية بشكل حر وعادل. وقال إن عدم الثقة ليس بالأمر الجديد بالنسبة لصندوق النقد الدولي. فقد كان صندوق النقد فى قلب هذه الأزمة والجدل الدائر بشأنها. وتعرض الصندوق للضغوط مرارا وتكرارا من أجل الإصلاح بغية تلبية الاحتياجات والتوقعات المتغيرة للمجتمع الدولي. ونشعر الآن بهذه الضغوط مع المناقشات الدائرة حول شبكة الأمان المالى العالمي.