الأهلى والزمالك ومركز شباب الشرابية.. مثلث يعبر عن الهرم الاجتماعي..ويحقق التوازن بين اليمين والوسط و(اليسار إن وجد)..عشاق كرة القدم يحدثونك هكذا ببساطة عن كيفية إصلاح الحياة الحزبية ويقولون إن الأمور والله العظيم متشابهة جدا.. شوف سيادتك الاستاد فى الماتشات المهمة تجده مكتظا بالجماهير عن بكرة أبيه. الناس فى المقابل سوف تقبل على ملاعب الأحزاب إذا طبقت قوانين الألعاب الرياضية بحذافيرها وعوامل الجذب معروفة، وهى تنحصر فى الشفافية والتنافسية واللعبة الحلوة. من هنا يبدأ الحراك الاجتماعي، ومن هنا تتحرك الكتل الصامتة مع كتل الاصلاحيين فنضمن فى النهاية وصول لاعبين ماهرين إلى الفريق القومى ويحصل الوطن على كأس الأمم فى التقدم والرخاء. وكلما كانت الفرق (الأحزاب) قوية زاد الحماس وزادت المشاركة والمتعة. سؤال: لماذا تنجح الأمور فى كرة القدم ولاتنجح بنفس القدر فى الحياة الحزبية؟!.. الإجابة معروفة لنا جميعا. الأحزاب فلوس وقدرات تنظيمية وتشريعات تحفيزية وحرية. هكذا يكون اللعب على المكشوف فتختفى الألاعيب والتكتيكات والخداع. والمشكلة الأهم فى كل ذلك هى عزوف (الفراودة) عن المشاركة الحزبية خوفا من عمليات الاستهداف والتربص التى تحدث عبر الأزمنة.. ولكن المعضلة الكبرى هى فساد التمويل وعمليات غسل الأموال ومحاولات الهيمنة والتأثير على أصحاب القرار لتحقيق مكاسب شخصية.. الدولة هنا ضامن رئيسى وضابط إيقاع. فى إسبانيا على سبيل المثال تخصص الحكومة مائة وأربعين مليون يورو للمجموعات البرلمانية وكل حزب يحصل على نصيب أكبر حسب عدد المقاعد التى يحصدها فى الانتخابات.. ولا يستطيع الحزب أن يتلقى مبالغ خاصة غير معلومة المصدر إلا بما لايتجاوز خمسة فى المائة من المنحة الرسمية التى تقدمها الدولة. أما الأفراد فلايحق لهم تقديم تبرعات أكثر من ستين ألف يورو .. إنها قوة القانون وقوة الرقابة. مثال آخر على آليات التمويل والرقابة..هذه ألمانيا لاتضع حدودا للتمويل الخاص أو سقفا للهبات ولكن تقوم بتشجيع الناس على التبرع وتخصم هذه الأموال من الضرائب, والدولة تمنح مبلغا آخر من المال لكل يورو اضافى تبرع به القطاع الخاص. ومن يخالف ذلك يقع تحت طائلة القانون.. بالمناسبة الحكومة الألمانية شجعت حزب الخضر فأصبح الآن منافسا قويا ولاعبا رئيسيا فى المشهد السياسي، ولولا القوانين ورعاية الدولة ماقدر له أن ينمو ويكبر وينافس. طبعا أتمنى أن تتم عملية إحياء حزب الخضر المصرى مرة أخرى من أجل أن يحقق أهدافه التى وضعها مؤسسه الدبلوماسى والإصلاحى المعروف حسن رجب كى يحافظ على البيئة. نعود إلى قضية فساد الأحزاب. ايطاليا أطلقت عملية تطهير تحت عنوان (الأيادى النظيفة) ووضعت ضوابط وقررت تقديم دعم مالى من أجل ضمان الشفافية تدعيما للتجربة الحزبية ..تلك تجارب أوروبا صاحبة الديمقراطيات العريقة فهل نستطيع استنساخ تجاربها؟ ما الذى تحتاج مصر إليه الآن؟ ببساطة تحتاج إلى ثلاثة أحزاب كبرى على الأقل. حزب «دعم مصر» مثلا، وحزب الوفد، وحزب التجمع . إنها نواة جيدة لانطلاقة جديدة تضمن اندماج الشباب فى قنوات شرعية للمشاركة والتعبير. آن الأوان أن يقدم مجلس النواب الدعم التشريعى للحراك الحزبي، وآن الأوان أن تسهم الحكومة بالدعم والتنظيم، ولتكن البداية مع إنشاء حزب «دعم مصر» لأنه من حق الرئيس أن يكون لديه حزب، ولكن لابد أن يقابله منافس وليكن حزب الوفد، ويتم تدعيمه بقوة ثم حزب التجمع ويعاد احياؤه وبث دماء شابة فى شرايينه, هذا هو الحل العملى بدلا من المحاججة بتاريخ الأحزاب السابقة فى الفساد والانتهازية. لمزيد من مقالات جمال الشاعر