نزيلات تعرضن لإهانة الأزواج يتحدثن ل «الأهرام» .. نصائح المشرفات: «إياك والضربة الأولى» هو.. يمزق ثيابها ويجذبها من شعرها على رصيف الشارع قائلا: «اخرجى من بيتى.. لا أريد رؤيتك مرة أخرى.. خذى أولادك.. لن أصرف عليك مليما.. سأطلقك وأرميك فى الشارع». هى ترد: «لا تضربنى.. لن أحتمل إهاناتك لى أكثر من ذلك». هو يقول: «أنا كده وحافضل كده إن كان عاجبك»!. .......................... مشهد متكرر فى بيوت الزوجية، والنتيجة زوجة مهانة مطرودة من بيتها فى منتصف الليل مع أولادها، والرجل الشهم الهمام يعيش فى المنزل دون أن يكترث إلى أين ستذهب زوجته، وكيف ستعيش وتنفق على أولاده، لذلك فكرت وزارة التضامن الاجتماعى فى استقبال هؤلاء السيدات المعنفات المطرودات من بيوتهن، اللاتى خرجن تحت وطأة الإهانة والضرب معلنات رفضهن هذا الأسلوب غير الآدمى، فأقامت لهن بيوت الاستضافة المفتوحة أمامهن وأولادهن على مدار ال 24 الساعة المنتشرة فى جميع محافظات الجمهورية. وداد بركات إبراهيم مدير مركز استضافة وتوجيه المرأة بالمنصورة تقول: تم افتتاح المركز إداريا فى مارس عام 2004م وفعليا فى أغسطس من نفس العام، ومنذ إنشائه حتى الآن استقبلنا نحو 1700 نزيلة لتلقى الخدمات ما بين استشارات واستضافة. وحول الهدف من إنشاء المركز تقول : يستضيف المركز أى امرأة معنفة طردها زوجها من منزلها أو هربت بنفسها من جحيم معيشته على مستوى جميع محافظات الجمهورية، وليس شرطا أن تكون من قاطنات المنصورة، كما يستضيف المركز المتزوجات المصريات اللاتى يحملن الجنسية المصرية فنستضيفهن مدة تتراوح من يوم إلى 3 شهور، وفى حالة مد فترة أى واحدة منهن تستمر إقامتها لمدة 3 أشهر أخرى، ويكون هذا بعد موافقة اللجنة المشرفة محليا وبعد إرسال مضمون مشكلتها إلى وزارة الشئون الاجتماعية وعليه يتقرر مد تجديد إقامتها فى المركز . تمزيق ورقة الزواج العرفى وحول الخطوات التى يتخذها المركز بعد استضافة المرأة المعنفة تقول : نحاول حل المشكلة من خلال لقاء أطراف المشكلة كالزوج او الاهل، وعن أبرز الحالات التى لجأت إلى المركز تقول : لجأت إلينا العام الماضى فتاة متزوجة عرفيا من شاب قام بتمزيق ورقة الزواج العرفى وكانت حاملا فى الشهر الخامس، ورفض أن يعترف بالجنين فلجأت الينا وتحدثنا معها، ثم أقمنا عدة جلسات مع الأطراف ورفض الزوج الاعتراف بالجنين فاتخذنا الإجراءات الرسمية وصدر ضده أمر بالضبط والاحضار، فبدأ يطلب التصالح وعندما تم الصلح اتخذنا خطوة التصديق على الزواج وتزوجا وانتقلت إلى بيته وتعيش حياة هادئة معه واهلها بدأوا فى زيارتها بعدما تنصلوا منها. كما أتذكر انه لجأت الى المركز فتاة قامت باحراق نفسها نتيجة المعاملة السيئة التى تتلقاها من زوجة ابيها وتشوه وجهها ورقبتها فاستضفناها واجرينا لها عمليتين جراحيتين وعلى وشك اجراء الثالثة وتتلقى العلاج. تدريب على المشروعات الصغيرة وحول دور وزارة التضامن الاجتماعى تقول مديرة المركز: نتلقى من الوزارة اعانة سنوية قدرها 60 الف جنيه كما نوفر مستشارين قانونيين وطبيبات. وعما اذا كانت المرأة المعنفة تسدد أى رسوم مقابل استضافتها تعلق قائلة: اذا كانت المرأة المقيمة فى بيوت الاستضافة عاملة، فإنها تدفع ربع راتبها فقط، أما اذا كانت غير عاملة فنحن نتحمل اقامتها وكافة مصاريفها والوجبات الغذائية الثلاث يوميا، كما نقوم بتدريب السيدات المقيمات فى المركز على الحرف اليدوية ومساعدتهن على اقامة المشروعات الصغيرة «كالحياكة والكروشيه وعمل المعجنات والمخبوزات، وإذا أرادت المقيمة البدء فى مشروع جديد كالخياطة على سبيل المثال فنحن على الفور نرسل طلبا الى وزارة الشئون الاجتماعية لتسليمها ماكينة خياطة ونوجهها الى أماكن العمل لتنفيذ المشروع وكيفية تسويق انتاجها. وعن استقبال المرأة المعنفة بصحبة اولادها تقول : نستقبل أى فتاة أو امراة من سن 18 عاما فما فوق تعرضت للعنف النفسى أو الجسدى ونتعامل معها واولادها – اذا كان لديها أطفال- ونستقبلهم جميعا فاذا كانت فتاة صغيرة فتظل ملازمة لوالدتها طوال مدة اقامتها، أما الصبى فيستمر بصحبتها حتى عمر 12 عاما اذا لزم الأمر، واذا كان أولادها فى مراحل التعليم المختلفة فنعمل لها ولاية تعليمية ونرسلهم للحضانات التابعة للمركز بوجودهم واقامتهم فيه، ولحسن التنشئة يوجد بالمركز مكتبة وحضانة ومركز للمعلومات. وعن الاشراف الوزارى على هذا المركز دوريا تقول : هناك مشرف مركزى من الوزارة يزورنا مرة شهريا بجانب مشرف من المديرية، فهناك اتصال دائم بيننا وبين الوزارة للوقوف على حالة المركز ومناقشة جلسات الصلح. وعن عدد الغرف فى المركز تقول: يحتوى المركز على 12 غرفة منها غرفة للمشرفة واخرى لاستقبال الحالات وثالثة للاداريين ورابعة للتدريب على الخياطة والباقى لاستقبال النزيلات وكل غرفة بها 3 اسرة. وعن عدد الحالات التى يستقبلها المركز شهريا تقول : فى شهر يناير الماضى استقبلنا حوالى 11 حالة وشهر فبراير حوالى 6 حالات. والحمد لله قمنا بحل اكثر من 90 % من الحالات التى لجأت الينا وديا وقليلا ما نلجأ للمحاكم فى الزواج او الطلاق. واتوجه برسالة لأى امراة: لا تقبلى العنف مهما كان. واتوجه برسالة الى الرجل: لا للعنف فانسانية وكرامة زوجتك هى الأهم، وأنت مكلف بالحفاظ عليها لأنها أمانة من الله عندك تحت رباط الزواج، فعاشرها بمعروف أو سرحها باحسان، فبالطبع لن ترضى بهذا التصرف الأخرق لابنتك او لاختك مهما كانت المشكلات. وعن التواصل مع الحالات بعد خروجها من المركز تقول: جزء من عملنا فى المركز يستلزم متابعة أى حالة بعد خروجها بالاتصال تليفونيا بها للاطمئنان وتقديم المشورة اذا احتاجت. أما منال عاطف مدير مركز حماية المرأة واستضافتها بالجيزة فرع مدينة السادس من أكتوبر فتقول إن معدل لجوء السيدات سنويا الى المركز حوالى 60 حالة، فعلى سبيل المثال استضفنا العام لماضى 50 سيدة بجانب 49 طفلا، والملاحظ أن عدد السيدات المعنفات المطرودات فى تزايد عاما تلو الآخر، وعن اجراءات استقبال المرأة التى تعرضت لعنف تقول: المركز مستعد لاستقبال الحالات على مدار 24 ساعة وبمجرد لجوئها اليه نستوفى بعض البيانات الأولية واستلام أى أوراق ان كان بحوزتها، ونتركها تستريح فى الغرفة لمدة 3 أيام حتى تفكر كيفما تشاء وترتب شتات أفكارها وأوراق مشكلتها دون تدخل منا، ثم نبدأ فى الاستماع اليها وتحديد ابعاد مشكلتها وأطرافها ثم الاستماع لرؤيتها فى حل المشكلة، فهى من تضع حلولا لمشكلتها ودورنا ينحصر فى توسيع مداركها والمناقشة، و لا تخرج من المركز الا اذا كانت تقف على أرض ثابتة تعرف خطوتها التالية، وتكون قد تعلمت مهارة للكسب، وهو ما نسميه بتمكينها اقتصاديا لتقرر ان تبدا حياتها خارج المركز مرة اخرى، فنحن نتعامل مع المرأة المعنفة كأننا ولى أمرها. وعن اعتراض الازواج على لجوء زوجاتهم للمركز تقول : بالفعل أحيانا نجد من بعض الازواج اعتراضا منهم على لجوء السيدة الينا بدلا من اهلها، لكننا نتناقش معهم ونوضح لهم ان الخروج والدخول عندنا بمواعيد ولدينا خط سيرها اذا كانت تعمل. وحول اكثر مبررات الازواج شيوعا فى ضربهن لزوجاتهن تقول : المبرر الأكثر تداولا بين الازواج الذين يعنفون زوجاتهم: هو انها مستفزة لابعد الحدود وانهم يريدون الحصول على راتبها بطريقة مباشرة او غير مباشرة، فنقول لهم كل شئ يمكن السيطرة عليه واحتواؤه أيا كان ما عدا الضرب والاهانة، فهناك من يقتنع ويعتذر لزوجته ويخرجان سويا لاستكمال حياتهما، ومنهم من يكرر ضربها واهانتها وتعود الينا من جديد وهنا تكون هى صاحبة قرارها فى الطلاق منه أو مسامحته. وعن تعاطفها مع حالات بعينها أثارت لديها الشفقة تقول : هناك سيدة كانت تتشاجر مع زوجها وهددته باحراق نفسها وأمسكت بالولاعة فى لحظة غضبها، فما كان منه الا ان قام بسكب البنزين عليها فتشوهت أجزاء متفرقة من جسدها ومع ذلك اعتذر لها وعادت اليه، كما لجأت الينا فتاة قام شقيقها بربطها فى السريروضربها بانبوبة الاكسجين حتى قررت الهرب والقت بنفسها من الدور الرابع، كما لجأت الينا سيدة اشتكت من ضرب زوجها المدمن المبرح لها وحبسها فى البلكونة والقاء القاذورات عليها وعندما هربت منه ولجات الينا اعتذر لها متمسكا بها قائلا: لا استطيع الاستغناء عنك وهناك امرأة يقوم زوجها «بكهربتها» ولجأت الينا بهذا الشكل لاكثر من مرة فقلنا لها وماذا بعد هل ستظل حياتك هكذا ؟ فقالت انا سأحصل على طلاقى منه لاننى لم أعد أتحمل، وللعلم فإن المرأة التى تتعرض للعنف اكثر من مرة تتحمل زوجها أكثر من مرة لكنه اذا لم يتوقف سيكون امامها فى نهاية المطاف خياران الطلاق أو الهروب. إياك والضربة الأولى وتضيف: نصيحتى لأى فتاة مقبلة على الزواج أو امرأة متزوجة: لا تقبلى بالضرب من «أول مرة» لان تهاونك بالصفع من زوجك على وجهك سيعقبه تجرؤه عليك بضربك بيده ثم استخدامه لأى اداة فى يده كعصا أو حزام، وهنا سيتملكك الخوف أكثر وأكثر وهنا أنصح الزوجات ألا يقمن بتصعيد المشكلات الصغيرة واستفزاز أزواجهن «وهى حجة كثير من الأزواج فى ضرب الزوجات» لكن أقول لهن ايضا: اياكن والضربة الاولى! وتستكمل كلامها قائلة: اذا قام زوجك بممارسة العنف ضدك عليكى باعلان رفض اسلوبه، فاذا لم يتوقف اتخذى موقفا حاسما كأن تقفى بجانب أقرب نافذة واصرخى واطلبى المساعدة، او امسكى بهاتفك المحمول واتصلى بأحد افراد اسرتك واغلقى باب غرفتك عليك بالمفتاح حتى يأتى اليك من ينقذك، وهذه الطرق نتعلمها ضمن برامج تدريب وورش عمل تقيمها الوزارة لتدريب العاملين فى المراكز، لتعليم المعنفات كيفية التعامل وقت العنف.. وكيفية التعامل معه قبل لجوئها الى المركز وعمل «خط آمن» لعدم التعدى عليها. المطرودات يتحدثن وتقول «هناء» احدى نزيلات المركز بمدينة السادس من أكتوبر: انا متزوجة منذ 14 عاما فى المحلة الكبرى ولدى ابنة عمرها عمرها 13 عاما وولد عمره 8 سنوات و 5 شهور مريض بالغدد الصماء وهذه هى المرة الأولى التى احضر فيها للمركز، بعدما تزوج زوجى بامراة اخرى فى الاسكندرية وطردنى من شقتى واخذ أولادى منى بالقوة وضربنى ضربا مبرحا، «وعلى فكرة ليست هذه هى المرة الاولى التى يضربنى فيها» بل قام من قبل بضربى عدة مرات نتج عن واحدة منها نزيف فى الرأس، كما قام باحراقى بالمكواة وأخذ اموالى وأوراقى وألقانى فى الشارع وهددنى بتلفيق صور لى واتهامى فى قضية دعارة فانتظرت على باب مدينة الانتاج الاعلامى وحكيت لأحد الاعلاميين المشهورين حكايتى فاتصل بمديرة المركز هنا بمدينة 6 أكتوبر، وبالفعل استقبلتنى بحفاوة وقدمت لى كل سبل الراحة ومنذ قدومى هنا منذ 7 شهور وانا احمد الله ان لى مأوى، واقمت ضد زوجى كل الدعاوى القضائية الممكنة والتى تحفظ لى حقى من طلاق و نفقة وتبديد القائمة وحضانة لأولادى حتى صدر ضده حكم بالحبس 6 اشهر، وانا أتحمل مصاريف القضايا على نفقتى الشخصية. وتلتقط طرف الحديث «آمال» جارتها فى الغرفة المجاورة وتبدأ فى سرد حكايتها قائلة: عمرى 21 عاما متزوجة يوم 21 اغسطس الماضى بالهرم من رجل مطلق وأفهمنى أنه طلق زوجته الطلقة الثالثة، وفى نهاية يناير الماضى فوجئت به يطلقنى بعدما اشترطت عليه زوجته الاولى ذلك واكتشفت انها كانت الطلقة الثانية له وبعد طلاقى ب 10 ايام عرفت اننى حامل فى الاسبوع العاشر، وعندما اتصلت بطليقى واخبرته قال لي: هذا الابن ليس منى وابحثى له عن أب آخر بعيدا عنى، فذهبت الى أهلى وأخبرتهم فخيرنى والدى بين اجهاض الجنين والزواج من آخر، أو ألا يرانى فى البيت خاصة أن والدتى متوفاة وقد تزوج بعدها من أخرى، فرفضت اجهاض الجنين لانه حرام شرعا، فبحثت كثيرا عن أى مكان اجلس فيه حتى اضع المولود وبعدها سأبدا فى رفع دعاوى اثبات النسب والنفقة والسكن، وفى الحقيقة انا لا أسدد أى مصروفات بالمركز لأن راتبى محدود كعاملة فى أحد مصانع الملابس بالمنطقة الصناعية فى اكتوبر. وتعلق سها هانى منسقة الحماية الاجتماعية ومديرة مشروع تطوير مراكز استضافة وتوجيه المرأة بوزارة التضامن الاجتماعى : أن دور مراكز الاستضافة الأساسى هو استقبال المرأة التى لديها خلافات مع اسرتها وتخضع لجلسات من اطباء نفسيين واجتماعيين وتتحدث مع محام، وتوفير فرص عمل وهى الوحيدة التى تحدد خطواتها التالية سواء الصلح مع زوجها او طلاقها منه، وهناك 8 مراكز على مستوى الجمهورية فى القاهرة والجيزة والدقهلية والقليوبية والمنيا وبنى سويف والفيوم الاسكندرية، ومع قلة وعى السيدات بهذه المراكز اتفقنا مع محكمة الاسرة على استضافة السيدات الحاصلات على قرارات تمكين من الشقة ولم تنفذ، كما أن هناك منحة من الأممالمتحدة للمرأة تقدم بهدف تطوير البنية التحتية لبعض المراكز فتم تطوير فرعى الدقهلية والمنيا.