أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي, ولد الشافعي بغزة سنة خمسين ومائة. وحمل إلي مكة وهو ابن سنتين. قال رضي الله عنه: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين, وحفظت موطأ مالك وأنا ابن عشر سنين. وقال: ما كذبت قط, وما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ. في كتاب الزهاد مائة أعظمهم محمد صلي الله عليه وسلم قيل أن الشافعي طلب العلم بمكة حيث وجد فيها الفقهاء وعلماء الدين, لينهل من علمهم, فبلغ شأنا عظيما في الفقه, ثم رحل من مكة إلي المدينة ليدرس الفقه والحديث علي يد الإمام مالك. انتقل الشافعي إلي العراق يدرس الفقه والحديث من أهل العراق, حتي اجتمع له فقه أهل الرأي وأهل الحديث, وقد أقام ببغداد نحو سنتين, ثم انتقل منها إلي مكة بفقه جديد يجمع بين هذين الفقهين, فأقام بها نحو تسع سنين يدرس فقهه الجديد, ثم رحل ثانيا إلي بغداد ليضع فيها ذلك الفقه الجديد. ولكن الشافعي لم يجد مجالا لهذا الفقه الجديد في بغداد فانتقل من بغداد إلي مصر, وفيها وجد المجال لنشر مذهبه في الفقه. صار العالم محمد بن إدريس الشافعي من أشهر العلماء والمتفقهين, وظل علمه ومذهبه في الآفاق وملأ الدنيا, وانتشر ذكره, وكثر دارسوه ومستمعوه في جميع أنحاء الدنيا. وهبه الله من تحصيل العلوم ما لم يجتمع لغيره, من معرفة تفسير كتاب الله, وحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم, وأقوال الصحابة والتابعين, ومعرفة اللغة العربية. وهو أول من بدأ بعلم أصول الفقه واستنبطه, ولم يكن معروفا قبله. وكان يحيي الليل كله إلي أن مات. وللإمام الشافعي عدة مؤلفات جليلة أهمها: كتاب الأم, واختلاف الحديث, وأصول الفقه, ورسالة( الإمام الشافعي), وسنن الإمام الشافعي, ومسند الإمام محمد بن إدريس الشافعي. وفي يوم شكا إليه رجل رمدا أصابه في عينه, فكتب له في رقعة: بسم الله الرحمن الرحيم, فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد]. وعلقها عليه, فبرئ. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: من أصابه هم أو غم أو سقم, فليقرأ كل يوم حين يقوم من منامه أربع مرات: قوله تعالي, بالحق أنزلناه وبالحق نزل]. توفي الشافعي رضي الله عنه بمصر ليلة جمعة في آخر يوم من رجب سنة204, ودفن بمقابر يطلق عليها اسمه حتي الآن في الإمام الشافعي, وهي بالقرب من منطقة المقطم.