التقت الفنانة العظيمة سناء جميل بالراحل الرائع الأستاذ لويس جريس وهما فى عز الشباب، كانت منطلقة بموهبتها الفذة فى المسرح القومي، وكان صحفياً لامعاً فى مدرسة روز اليوسف، وفعل كيوبيد فعلته، وخفق قلباهما معاً، وتحمسا للزواج، إلا أنه طلب منها التأجيل حتى يحسم بعض المسائل مع عائلته، فلم تسأله عن الأسباب واحترمت رغبته فى عدم الإفصاح. ولكن، ولما طال الأمر، ثارت هواجسها بأنه يتملص من وعده، فواجهته، فقال لها إن المشكلة مع والدته، وإنه يتحين الفرصة المناسبة لإبلاغها، لأن تغيير ديانته واعتناقه الإسلام مسألة تحتاج إلى تمهيد! تعجَّبت سناء جميل وسألته لماذا يريد أن يترك المسيحية، فتعجب بدوره أنها لا تعرف أنه لابد لكى يتزوج من مسلمة أن يعلن إسلامه! عندها فقط أدرك لويس جريس أن الفتاة التى يحبها قبطية مثله!! كان هذا فى السيتينيات الأولي، قبل نصف القرن، عندما كان الدين والتدين مسألة شخصية جداً وكان يندر التطرق إليها فى الحديث، ولم يكن الاستدلال على دين الفتاة من زيها ولا من عبارات تحفظها وتكررها، وكان يمكن لفتاة وفتى مختلفى الديانة أن يلتقيا ويقتربا ويتحابا ويقررا الزواج، ثم يتبعا بعد ذلك الإجراءات الملزمة لإتمام ما اتفقا عليه. ولم تكن هناك أسئلة تؤرق الجمهور، أيامها، عن دين الفنانين والعلماء، ولا إذا ما كانوا سيذهبون إلى الجنة أم إلى النار. ولم يكن الناس ممسوسين بالحيرة أمام كل أمر من أمور دينهم، وحتى مما ليس له علاقة بالدين، ولم تكن الدولة قد ورطت نفسها فى مسئولية توفير إجابات عن هذه الأسئلة، فتنشئ أكشاكاً للمارة لتهدى الحيارى من طالبى الفتوى فى مسائل باتت تغطى كل المجالات، ولم يكن البرلمان وضع عقوبات تعرقل الإبداع بدعوى محاربة ازدراء الأديان. يحكى لويس جريس أن شقة عرسهما كانت أمام مسجد يُرفَع فيه الأذان بصوت أخّاذ كانت تحبه سناء جميل، ثم حدث أن تغير المؤذن وجاء مكانه شخص آخر بصوت لا يُطاق، فنقلت شكواها إلى وزير الأوقاف واقترحت عليه أن يأتى بمؤذن أفضل، فاستجاب الوزير لها فى اليوم التالي. آه يا زمن! [email protected]