يبدو من المستحيل أن ننحى عواطفنا جانبا حين نحكم على المواقف أو الأشخاص، فقد دخلنا عصر العولمة وفرضت علينا آليات السوق الحرة وأصبحت حياتنا مجرد فواتير تلاحقنا يوميا ثمنا لمعيشة تغولت فى تعقيداتها ورغم كل ذلك لا نزال نصدر أهواءنا حتى فى أكثر الأمور تحكما فى مصائرنا. ويعد حب التملك والسيطرة من الممارسات المرتبطة بالعاطفة حين تجمح وعلى الأخص بين الزوجين وفى العلاقات الغرامية، وطغت تلك الغريزة على السلوكيات فى الملاعب فتحكمت فى علاقة الجماهير بفرقها المفضلة. ولا أدرى لماذا ارتبط فى ذهنى الهجوم الذى يتعرض له لاعبا النادى الأهلى عبدالله السعيد وأحمدفتحى من الجماهير لرفضهما الاستمرار مع الفريق دون الاستجابة لطلباتهما المادية، بالزوج الذى توقف عن الاهتمام بزوجته ولم يعد يستجيب لطلباتها رغم إخلاصها له، وعندما شعرت الزوجة بزوال التقدير طلبت الطلاق بحثا عمن يقدرها، فرفض الزوج وأقسم أنها لن تكون لغيره مع تمسكه برفض الاستجابة لمطالبها المشروعة! لكن ليست كل مظاهر حب الامتلاك شرا، فإن كانت تعبر عن اشتعال العواطف والاهتمام الزائد فهى مشاعر مطلوبة للتغلب على الفتور الذى يضرب فى مقتل أى علاقة يغلفها الاعتياد، أما إذا تحولت تلك المشاعر إلى (هوس) فنحن أمام حالة مرضية حين يتجاوز حب التملك حدود المشاعر المتدفقة ليتحول إلى محاولات مستميتة لامتلاك الأشخاص والأشياء لإرضاء الذات أولا دون مراعاة لرأى الطرف الآخر أو متطلباته، فهنا يصبح الأمر مرضيا ومؤذيا، مما يستلزم تحويل طرفه الفاعل إلى الطبيب النفسى ! حب التملك فى عالم السياسة (ماركة مسجلة) فأنصار مرشح ما أو تيار ما لا يتورعون عن محاولة إفساد أى انتخابات أو الدعوة لمقاطعتها فى حالة انسحاب مرشحهم أو حزبهم أوتوقع هزيمة قادمة، فالرغبة فى السيطرة وشهوة حرمان الآخرين من الانتصار تغلب على دوافع العمل على تحقيق الاستقرار السياسى فى البلاد. اسأل عن التربية والبيئة والثقافة حين تحكم على تلك السلوكيات المرضية فى السياسة والكرة والغرام، حين يسعى البعض لامتلاك كل شيء سعيا نحو السعادة الكاملة المستحيلة وهو ما قد يكلف أكثرهم جنونا حياته (انتحارا)!