استقبل السيد رئيس الجمهورية هذا الأسبوع رئيس المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة (ENA)، وذلك للدعم العلمى والعملى للأكاديمية المصرية للتدريب وتأهيل الشباب. وقد صدر القرار الجمهورى رقم 434 فى سنة 2017 بإنشاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، وتهدف هذه الأكاديمية الوليدة إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بمختلف قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، ويكون لهذه الأكاديمية مجلس أمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية ممثلين عن رئاسة الجمهورية، وزارة التعليم العالى والبحث العلمي، ووزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، ووزارة المالية، والمجلس الأعلى للجامعات، وعدد من الشخصيات ذوى الخبرة. وقد تم تصميم نظام التعليم فى الأكاديمية المصرية على غرار المدرسة الوطنية للإدارة فى فرنسا، وبالتعاون مع عدد من الهيئات والمعاهد والمؤسسات العلمية الدولية. وتهدف الأكاديمية إلى تجميع طاقات الشباب فى عمل وطنى يفيد الدولة ويبنى نهضتها، ونشر الوعى الثقافى والاجتماعى والدينى والسياسى بين قطاعات الشباب. وقد اعتبرها القانون هيئة عامة اقتصادية ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء فروع للأكاديمية فى المحافظات. وتعتبر المدرسة الوطنية للإدارة فى فرنسا- Ecole nationale d]administration - واحدة من أعرق المدارس العليا فى العالم، وقد أنشئت عام 1945، وتهدف مناهج الدراسة فيها إلى اكتساب الدارسين رؤية شاملة بشأن عملية تنظيم الإدارة العامة الفرنسية والدولية وطرق تسييرها وتطبيق الخبرات العملية وابتكار مناهج جديدة للعمل، وتؤهّل المدرسة كبار الموظفين الفرنسيين والأجانب للوظائف العامة، وتدربهم عملياً لتحمل المسئوليات التى تنتظرهم على الصعيد الوطنى والأوروبى والدولي. ومن منطلق حرصها على تنمية تبادل الخبرات بين الموظفين رفيعى المستوى والقضاة من الفرنسيين والمصريين، تسهم سفارة فرنسا فى مصر كل عام فى اختيار قضاة مصريين من القضاء العادى ومجلس الدولة بالإضافة إلى موظفين رفيعى المستوى من الوزارات المختلفة، بهدف الانضمام إلى صفوف مدرستين متميزتين فى فرنسا هما: المدرسة الوطنية للإدارة العامة (ENA) والمدرسة الوطنية للقضاء (ENM)، وتسمح الدراسات بالمدرسة الوطنية للقضاء بتطوير معارف القضاة حول الأسلوب الأمثل لإدارة النيابات والمحاكم الفرنسية، وتقوم المدرسة الوطنية للإدارة فى فرنسا منذ ما يزيد على ثلاثة وسبعين عاما باستقبال الطلاب الأجانب القادمين من مختلف القارات، وقد قامت بتأهيل ما يزيد على خمسة آلاف طالب أجنبى من مائة وثلاثين دولة ومنها مصر. وتهدف مناهج المدرسة الفرنسية فى الإدارة إلى ما يأتي: أولاً: تعميم تدريس علم الإدارة العامة فى الإدارات الحكومية والمزج بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي. ثانياً: عمل حلقات نقاش وعصف ذهنى لمناقشة المشكلات الكبرى للإدارة ووضع حلول عملية مختلفة لها واختيار الصائب منها لتطبيقه فى الواقع. ثالثاً: الانتقاء الأمثل للدارسين وفق معايير رفيعة تراعى احتياجات الإدارة وترشيحات الجهات الإدارية المختلفة. رابعاً: التبادل المستمر بين القائمين على التدريس والقائمين بمباشرة الإدارة العملية الفعلية، وخير تطبيق على ذلك هو انتداب السادة الأساتذة الزملاء المستشارين بمجلس الدولة الفرنسى لتدريس القانون بالمدرسة ثم انتدابهم مرة أخرى لفترات محددة للعمل كرؤساء فى الإدارات الحكومية وذلك بهدف تعريفهم عملياً على مشكلات الإدارة والصعوبات التى تواجهها وكيفية التغلب عليها، وهذا يساعدهم على الحكم الصحيح فى القضايا التى تعرض عليهم بعد انتهاء دراستهم النظرية والعملية بالمدرسة الوطنية. خامساً: المزج الجيد بين الإدارة العامة والإدارة المتخصصة وإدارة الأعمال وإدارة الخدمة المدنية وإدارة المقاولات وإدارة المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة لدعم الاقتصاد الوطني. سادساً: اتباع المعايير الدولية المعترف بها فى جودة الإدارة ووضع معايير أوروبية فرنسية جديدة للإدارة تختلف عن المعايير الأمريكية . سابعاً: التدريب المستمر للدول الصديقة والفرنكوفونية ومحاكاة المدرسة الوطنية للإدارة فى فرنسا فى غيرها من الدول مثل المدرسة الوطنية للإدارة الجزائرية، والمدرسة الوطنية العليا للمانجمنت فى المغرب، والمدرسة الوطنية الديوانية فى تونس، ومركز الملك عبد الله الثانى للتميز فى الأردن، والمدرسة الوطنية للإدارة فى فلسطين، والأكاديمية المصرية الوطنية للتدريب وتأهيل الشباب وغيرها. خلاصة القول إن الأكاديمية المصرية الوطنية للتدريب وتأهيل الشباب هى أمل شباب مصر فى التطوير الصحيح فى الجهاز الإدارى والإدارة العلمية الناجحة التى تحتاجها مصر لإدارة المدن الجديدة والمتاحف الجديدة والمصانع الجديدة وذلك على أسس علمية صحيحة تضارع فرنسا وغيرها من الدول المتقدمة. رئيس بمحكمة الاستئناف العالى بالإسكندرية لمزيد من مقالات ◀المستشار د.عبد الفتاح مراد