لا أعرف لماذا يراودني إحساس أقرب إلي اليقين أن المخطط الجهنمي لتأجيج وتعميق الخلافات والتناقضات العربية والإقليمية علي مدي السنوات الأخيرة يمثل الفصل الأخير في المسرحية الدولية لحسم الصراع العربي- الإسرائيلي, حسما كاملا ونهائيا. وفرض التسوية الشاملة التي تلبي مخططات إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.. ومثل هذه الخريطة تقف في طريقها عقبة أساسية اسمها مشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي تحتاج إلي حل جذري لا يوفره- من وجهة نظر صانعي هذه المخططات- سوي برنامج متكامل لتوطين هؤلاء اللاجئين في العراق. وربما يعزز من صحة ما أقول به أن مشروعات ومخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية وخاصة دول الجوار ليست وليدة اليوم وإنما سبقت إعلان قيام دولة إسرائيل عام1948, ولكن الظروف الدولية والإقليمية لم تمكن بريطانيا من تنفيذ هذه المخططات بحكم أنها كانت تحتل مصر والأردن والعراق- آنذاك- وكانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني أيضا! والذين يعرفون تاريخ المشكلة الفلسطينية ودقائق المخطط الصهيوني منذ أكثر من مائة عام لا تغيب عنهم جملة حقائق ترتبط بهذا الموضوع وكيف أن زعماء الحركة الصهيونية مارسوا كل أنواع الضغوط منذ انتهاء الحرب العالمية الأولي عام1919 لدفع الحكومات البريطانية المتعاقبة للقبول بمشروعات المنظمة الصهيونية العالمية لترحيل عرب فلسطين إلي الدول العربية فقد تقدم حاييم وايزمان بمذكرة صريحة وحادة عام1930 إلي الحكومة البريطانية يبدي فيها استعداد المنظمة لدفع10 ملايين جنيه للحكومة العراقية مقابل قبولها توطين100 ألف عائلة فلسطينية في العراق أي نحو نصف مليون فلسطيني تقريبا. ثم تكررت هذه المحاولات مرات عديدة بضغوط ووساطات أمريكية قبل- وبعد- قيام الدولة العبرية. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الرأي الحر مثل المقاتل الشجاع... كلاهما يبتغي تحقيق أهداف سامية ويخوض المعارك من أجلها دون تفكير في العواقب ودون أن ينتظر الجزاء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله