يرتبط لفظ الشيخوخة بالضعف واقتراب الأجل. وهى أخطر المخاوف التى تراود الإنسان فى شيخوخته، لكن حين تنسحب تلك الصفة على مجتمع بكامله، تتخذ دلالات مغايرة، ويصبح الأمر لفرط حساسيته وخطورته بحاجة لأساليب مختلفة للتعامل مع الظاهرة، والتعاطى معها، وتلافى مخاطرها، واقتناص الإيجابيات إن وجدت. فمصطلح الشيخوخة السكانية يشير إلى زيادة نسبة كبار السن فى تركيبة الدول عن نسبة فئة القادرين على العمل، وما يصاحبها من تباطؤ معدلات التنمية. والعالم كله تقريباً يواجه هذه المشكلة الآن، حيث تظهر الاحصاءات التى أجرتها الأممالمتحدة أن القرن ال 20 هو قرن الانفجار السكاني، بينما سيكون ال21 قرن الشيخوخة السكانية، وسترتفع فيه نسبة الأكبر من الخامسة والستين إلى 19% بدلا من 5.2%، والصين فى مقدمة دول الشيخوخة، لأسباب عدة، ما يعطى للدراسة مشكلة الشيخوخة السكانية فى الصين أهمية قصوي. ويتناول هذا الكتاب الذى جاء باسم «التحول الديمغرافى فى الصين» مشكلة الشيخوخة السكانية فى الدولة الأولى بتعداد السكان فى العالم، وما يصاحب الظاهرة من تأثيرات مباشرة وحادة تجاه التنمية والتطور فى النواحى الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية، والشيخوخة لها سمات خاصة فى الصين، فهى الأسرع والأكبر فى العالم. وما يفاقم المشكلة فى الصين تزامن الظاهرة مع مرحلة الدخل المتوسط. فالصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، لكنها مازالت من الدول النامية، وتعيش مرحلة الدخل المتوسط، بما يصاحبه من مشكلات اقتصادية واجتماعية عديدة، وهى تحشد كامل قواها للخروج من هذا الوضع المتأزم، لأنها تعانى شيخوخة التركيبة السكانية من ناحية، وشيخوخة نسبية للفئة العمرية القادرة على العمل، وما يصاحبه حتميا من تباطؤ النمو الاقتصادي. وكون الصين دولة نامية يعطى للدراسة أهمية مضاعفة، فالدول النامية تربطها صلات وسمات اجتماعية واقتصادية مشتركة، وما تتخذه دولة من تدابير وأساليب لعلاج مشكلة يمكن نقله وتطبيقه فى دول أخرى تواجه نفس المشكلة، وهذا الهدف الأسمى لسلسلة قراءات صينية، القائمة على أيديولوجية معرفية محددة وهى نقل التجارب الناجحة وتعميمها. ويتناول الكتاب ظاهرة الشيخوخة السكانية، ومأزق الدخول المتوسطة، عبر سبعة مباحث كل منها يعرض لجانب محدد من المشكلة. فالأول يتناول تأثير الشيخوخة السكانية على النمو الاقتصادي، وإمكانية الخروج من مأزق الدخول المتوسطة قبل تفاقم المشكلة عام 2030، بعد انتهاء الظواهر الإيجابية التى تسبق الشيخوخة السكانية مثل «الربح السكاني» و«العائد السكاني»، وظهور «النزيف السكاني» و«الدين السكاني». والمبحث الثانى يشرح العلاقة بين الطلب الاستهلاكى والشيخوخة السكانية، وضرورة تنمية قصوى لصناعات الشيخوخة وبحث القدرات الاستهلاكية الكامنة لكبار السن. ويتناول المبحث الثالث الشيخوخة السكانية والتوظيف، وعلاقة الشيخوخة بالعرض والطلب للقوى العاملة. والمبحث الرابع يعالج علاقة الشيخوخة السكانية بالتمدن، ويهتم أكثر بالمشكلة فى الريف الصيني. والمبحث الخامس يتناول الشيخوخة السكانية والتحول الاجتماعي، مستشهدا بأنماط رعاية المسنين القديمة والحديثة، والاختلافات والتشابهات بين الريف والحضر، ويتناول المبحث السادس الشيخوخة وسياسات الضمان الاجتماعي. ويعرض السابع نتائج استطلاع حول رعاية المسنين والأوضاع الاقتصادية لهم فى 26 مقاطعة ومنطقة ومدينة فى الصين. الكاتب هو بروفيسور «تيان شوياه يوان»، عضو اللجنة الوطنية لتحديد النسل، ونائب رئيس جمعية كبار السن، ونائب رئيس جمعية علم السكان، وله مؤلفات عديدة، وأبحاث فى علم اقتصاد السكان والشيخوخة السكانية والضمان الاجتماعي. وترجم العديد من أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية، وفاز بالعديد من الجوائز الصينية. والكتاب من إصدار «صفصافة للنشر والثقافة»، ضمن سلسلة «قراءات صينية». وترجمه «محمد عبدالحميد حسين»، وراجعه د. «حسانين فهمى حسين» المشرف على السلسلة.