لا أوانى الفضة ولا الفُرش الناعمة تقيم بيتا ، إنما يقيمة إمرأة كالست مليكة ورجل كزوجها .. تقاسما الضحك، كما اللقم، طوع حنانها قوته، كما أقام ظهرها قوة سنده ، فالتئمت ندوب قلبيهما بما مس بعضهما بعضا من تراحم،وامتلأ كل منهما بالآخر، فبات كل منهما يرى ما فى الكون من رحابة، ثم لا يرضى منه إلا الآخر، يكمله ويملأه. هما يتقاسمان كل شيء، حتى ضيافتك، فما أن تدخل بيتهما حتى تصافحك إبتساماتهم، تقدم لك الست مليكة الشاى الأخضر،مع أوراق النعناع، فيما يحمل «عم أحمد» زوجها أطباق المخبوزات المغربية والعسل الجبلى وزيت الزيتون المختلط بالبندق المطحون، فتجلس فى كنف دفئهما ، تستريح من رحلة بين جبال الأطلس القاسية ،القريبة من قريتهم، قرية أمليل المغربية،تسألهم عن معيشتهم، كيف يدبرونها؟ فيجيبونك أنهما يتقاسمان تدبيرها، دون أن ينسوا الفضل بينهما، عم أحمد يخرج كل يوم ساعيا للعمل تارة فى الزراعة وتارة فى السياحة وقت الرواج، على أن تدبر الست مليكة شئون بيتها وأولادهما،وإن هو شق عليه السعي، وجد يد الست مليكة تمتد قبله لتساعده، وإن هى شق عليها شئون بيتها، كانت يده تسبق يدها لطفا وتراحما. فى بيت الست مليكة ستعرف كيف يكون البيت وطنا يقيمه إثنان، وتعرف أن معادن الناس هى الأبقى وليست معادن الأوانى والحاجيات، وأن خير الرزق قسمة صفا.