يوجه العالم اليوم انتباهه للفتيات الصغيرات فى محاولة لحمايتهن من الأخطار الصحية والنفسية المرتبطة بالختان, والتى قد تودى بحياة بعضهن. وبالنظر لأحدث الإحصائيات الصادرة عن منظمة الأممالمتحدة للطفولة «اليونيسيف» نجد أن نحو 37% من الفتيات فى عمر 15 إلى 19 عاما حول العالم يتعرضن لهذه الممارسة. شهد ملف مناهضة الختان فى مصر محطات عديدة ساعدت فى خفض معدلات الختان بين الفتيات اللاتى تتراوح أعمارهن بين 15و17 عاما، إلى 61 % عام 2015، بالمقارنة بنسبة 74% عام 2008، استنادا إلى نتائج المسح الصحى السكانى وإحصائيات المجلس القومى للسكان. وهو ما جعل اليونيسيف تضع مصر ضمن الدول التى حققت انخفاضا ملحوظا فى معدلات الختان بنحو 27% على مدار الأعوام الثلاثين الماضية. وهو ما يعكس تأثيرات عدة بحسب قول د.فيفيان فؤاد منسق الإستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث، منها التطورات الاجتماعية فى الأجيال الجديدة مثل زيادة معدلات التعليم، وأيضا الجانب التوعوى من خلال الحملات الوطنية ضد ختان البنات بتكاتف مؤسسات الدولة والإعلام والمجتمع المدنى إلى جانب دور إنفاذ القانون للحد من هذه الممارسات. وتستطرد: مصر تتوافق مع الالتزامات الدولية، وإن كنا نضيف أن القضاء على ختان الإناث يلزمه التزام مجتمعى وسياسى معا. فالدولة لديها التزام سياسى منذ 2003 ممثلا فى قوانين جعلت ختان الإناث جريمة يعاقب مرتكبها سواء كان طبيبًا أو غيره، وبغض النظر عن الدافع له أو ما ينتج عنه من أضرار. إلا أننا يجب ألا نغفل أهمية الوعى بأضرار هذه الممارسة على صحة الفتاة وحياتها المستقبلية بين أفراد الأسرة والشباب أنفسم، حتى نخلق أجيالا رافضة لهذه الظاهرة. وتستهدف الإستراتيجية القومية خفض المعدلات الحالية بنسبة تتراح بين 10 و 15% خلال السنوات الخمس المقبلة، وصولا إلى أن أكثر من نصف المجتمع رافض لختان الإناث. وتقول إن متوسط السن الذى تتم فيه غالبية حالات ختان البنات هو 10.سنوات، ولذا ترتكز الجهود على التوجه للأسر التى لديها أطفال إناث منذ مولدهن وحتى ما بعد سن البلوغ لشرح كل الحقائق المرتبطة بوظائف وأهمية الأعضاء التناسلية لكل من الطفلة و المرأة. وهو ما لا يمكن تحقيقه بدون تغيير ثقافى وإجتماعى داعم لحقوق الطفل والمرأة والأسرة المصرية بحسب قول د. فيفيان، ضاربة مثالا بتراجع قبول النساء فى المرحلة العمرية من 15- 49 عاما لاستمرار ممارسة ختان الإناث إلى 58% بدلا من 82% فى مسوحات سابقة. وهو ما يعنى أننا نسير على الطريق الصحيح. وطبقا لآخر مسح صحى ديموجرافى قامت به وزارة الصحة يصل معدل انتشار ختان البنات وسط السيدات اللاتى سبق لهن الزواج فى العمر الإنجابى من 15- 49 سنة إلى 92 %. بينما تقل وسط الفتيات الصغيرات فى الفترة العمرية من 15 - 17 سنة لتصل إلى 61% . وهو ما يشير إلى تخلى الكثير من الأسر عن ختان بناتها منذ منتصف القرن الماضى نتيجة انتشار التعليم وارتفاع مستوى المعيشة فى الحضر عن الريف، فلا يزال الريف المصرى متمسكا بهذه العادات إلى حد ما، وبخاصة الوجه القبلي. ومن اللافت أيضا فى نتائج هذا المسح أن الطاقم الطبى أصبح هو المؤدى للختان حيث تجرى 74% من الحالات على يد الفريق الطبى وليس الداية كما كان سائدا من قبل، وذلك تحت الزعم بأن الطبيب يستطيع عمل الختان للبنت فى جو صحى وأنه لن يعرض البنت للمخاطر التى قد تحدث من الدايات. وترى د.فيفيان أن هذا التحول الخطير و المستمر طوال السنوات العشرين الماضية رغم كل الجهود من قرارات وزارة الصحة والنيابة العامة لتجريم الممارسة، يتطلب منا استراتيجيات جديدة وحازمة فى مواجهة ظاهرة تطبيب هذه الممارسة، بتفعيل الدور الرقابى لوزارة الصحة و نقابة الأطباء لمتابعة العيادات، وأيضا تفعيل الدور الشعبى والمجتمع المدنى فى هذه الرقابة. وعلى صعيد المضاعفات الصحية فقد يسبب ختان الإناث ألماً شديداً أو نزيفا لفترة طويلة إلى جانب زيادة احتمالات العدوي، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن ختان الإناث يؤدى إلى احتمال حدوث 1-2 حالة وفاة إضافية لكل 100 حالة. ويقول د. وليد الخياط أستاذ أمراض النساء بطب قصر العيني، إن هذه العادة الخاطئة فى الأساس لا تعود بأى نفع صحى على الفتاة . وعلى العكس نرى فى الكثير من الحالات تعرض الفتاة إلى النزف الحاد ومشكلات التئام الجرح، وتسبب لها فيما بعد مشكلات أخرى كاحتباس التبول والمشاكل المهبلية، أو احتمالية الإصابة بالعدوى والالتهابات، وآلام الدورة الشهرية، وبعض المشكلات الجنسية، وزيادة خطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة كالولادة المتعسرة وغيرها. ذلك بخلاف الأضرار النفسية مثل انخفاض تقدير الذات والقلق.