شعراء كبار من جيل الرواد أبدعوا أروع قصائدهم وأشهر أغانيهم عن النيل الخالد منهم من وصفه بشريان الحياة لكل المصريين ومنهم من قال إن مصر هبة النيل وبدونه تصبح مصر صحراء جرداء لا حياة فيها ولا نماء وعلى ضفتيه قامت أعظم حضارة عرفتها الإنسانية وغيرها من الصفات الأخرى، ولكن أمير الشعراء أحمد شوقى تميز عنهم جميعا ً بأن جعل النيل بكرمه وسخائه فى منزلة تأتى بعد المولى عز وجل «تُسقى وتُطعم لا إناؤك ضائق .. بالواردين ولا خوانك ينفق .. والماء تسكبه فيُسبك عسجدا ً .. والأرض تغرقها فيحيا المغْرَق» وهى أبيات من قصيدته عن النيل «من أى عهد فى القرى تتدفق .. وبأى كف فى المدائن تغدق .. ومن السماء نزلت أم فجرت من .. عليا الجنان جداولا ً تترقرق»، تذكرت هذا بعد لقاء القمة الذى عقده الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى هيلا ميريام ديسالين معبرا ً عن قلق مصر البالغ لاستمرار حالة الجمود التى تعترى المسار الفنى لسد النهضة اِلإثيوبى وأكد ديسالين للرئيس «أن بلاده تدرك أن النيل شريان الحياة لكل المصريين وأن اثيوبيا لم ولن تفكر بأى حال من الأحوال فى تعريض المصريين للخطر وأن النيل لا يمكن أن يكون هدفا ً للصراع بين البلدين»، مما جعلنى أعود بقصيدة شوقى عن النيل وأهميته بالنسبة لمصر وأطالب رئيس التليفزيون مجدى لاشين أن يضع هذه القصيدة على رأس اهتماماته ويصدر تعليماته بإخراجها فى شكل جديد مع لقطات حية للقاء الذى جمع بين الرئيس السيسى ورئيس وزراء إثيوبيا فى اجتماعهما الأخير الذى كان بمثابة رسالة طمأنة لكل المصريين فيما يتعلق بسد النهضة ، وكأنه قرأ من قبل الأبيات التى ركز فيها شوقى على أهمية النيل بالنسبة للمصريين ومصيرهم بدونه ولقطات اخرى تصور تدفق المياه من المنبع الى المصب وأطالبه أيضاً بترجمة هذه القصيدة الرائعة تكريماً لأمير الشعراء الى اللغات الاجنبية لكى يشاهدها ويستمع اليها الاشقاء والاصدقاء فى إثيوبيا والسودان وفى جميع المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية فى العالم وهى قصيدة مطولة تبلغ أبياتها أكثر من مائة وخمسين بيتا ً اختارت أم كلثوم من بينها الأبيات التى نسمعها الآن والتى سجلها السنباطى مع أم كلثوم من مختارات الإذاعة زمن الفن الجميل وتذاع فى فترات متباعدة جدا ً وفى اوقات غير مسموعة قد لا ينتبه أحد لبثها إذاعيا أو تليفزيونيا،ً وهى من وجهة نظرنا لا تقل أهمية عن قصيدة حافظ إبراهيم «مصر تتحدث عن نفسها» التى لحنها أيضا ً السنباطى لأم كلثوم ونشهد مقاطع منها يوميا ً مع لقطات عن المشاريع الكبرى التى تحققت على أرض الواقع فى عهد السيسى ومنها شبكة الطرق الفريدة وقناة السويس الجديدة ومشروع المليون ونصف المليون فدان والعديد من الكبارى والطرق والأنفاق وآلاف الوحدات السكنية فى القاهرة والأقاليم والعاصمة الإدارية الجديدة ، ولا ننسى ما قاله أمير الشعراء فى هذه القصيدة ويجب التركيز عليها عندما نعيد إخراجها مرة أخرى « وبأى عين أم بأية مزنة .. أم أى طوفان تفيض وتفهق .. وبأى نول انت ناسج بردة .. للضفتين جديدها لا يُخلَقُ» وقد تجلى أمير الشعراء أكثر وأكثر فى هذه القصيدة عندما خاطب النيل قائلا ً : « لى فيك مدح ليس فيه تكلفٌ .. أملأه حب ليس فيه تملقٌ .. فاحفظ ودائعك التى استودعتها .. أنت الوفى إذا أؤتُمنْتَ الأصدقُ» . وفى النهاية فقد استطاعت أم كلثوم فى هذه القصيدة أن تجمع بين عمالقة الشعر وأساطين الموسيقى وفى فترة زمنية واحدة تحسب لها حافظ إبراهيم فى «وقف الخلق» وأحمد شوقى فى «قصيدة النيل» ليكون السنباطى هو الموسيقار الكبير الذى اعتمدت عليه فى تلحين هذه القصائد الرائعة، ليكون سؤالنا فى النهاية إلى الأجيال الجديدة من الشعراء والملحنين والمطربين :أين أنتم من هؤلاء الرواد الكبار ؟.