بمناسبة الحديث الملتبس هذه الأيام حول' التغييرات الصحفية', وحول دور مجلس الشوري فيها, والتي يبدو أنها للأسف- تجري بالطريقة القديمة نفسها, ولكن مع وضع حزب' الحرية والعدالة' محل' الحزب الوطني'! يهمني هنا الإشارة إلي حالتين خاصتين في مؤسسة الأهرام, وهما:' السياسة الدولية' و'الديمقراطية'! فالمجلتان برغم فارق العمر الكبير بينهما- هما' دوريتان' متخصصتان, لا تنتميان إلي الصحافة (أي الصحف والمجلات) بالمعني العام للكلمة, ولكنهما تنتميان إلي' الدوريات' التي تحفل بها الحياة العلمية والثقافية في البلاد المتقدمة, خاصة في البلدان الديمقراطية, والتي تصدر عادة إما عن مراكز أبحاث كبيرة, أو عن' أقسام' في الجامعات, أو ربما عن مؤسسات كبيرة, مثل مجلة' الشئون الخارجية' الأمريكية التي تصدر عن' مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي'.. وهكذا. غير أن الأمر يختلف هنا في مصر, خاصة مع ضعف الإمكانات والموارد المالية لدي الجامعات ومراكز الأبحاث, الأمر الذي يبدو واضحا مثلا مع مجلة' مصر المعاصرة' التي تصدر عن الجمعية المصرية للقانون الدولي, والتي تعد من أهم وأقدم الدوريات المتخصصة العربية. غير أن مؤسسة الأهرام تكفلت مبكرا- بسد هذا النقص, فأنشأت السياسة الدولية في عام 1965 بواسطة د. بطرس بطرس غالي, ود. عبدالملك عودة في ظل قيادة حسنين هيكل, ولا تزال مستمرة حتي الآن لتكمل عامها الخمسين بعد ثلاث سنوات! أما' الديمقراطية', فهي وإن كانت حديثة النشأة تماما, حيث صدر عددها الأول في يناير 2001, فإنها ثبتت أقدامها كدورية مكرسة لبحث قضايا الديمقراطية, وهي كالسياسة الدولية- يصعب إدراجها ضمن' المجلات' السيارة الأسبوعية أو حتي الشهرية. إنها دورية متخصصة في' السياسات المقارنة', والتي تشابه مثيلات لها في العالم الديمقراطي المتقدم. وقد انعكس ذلك الطابع للمجلتين علي رئاسة تحريرهما, فالسياسة الدولية تولاها د. بطرس غالي ود. عبدالملك عودة, منذ إنشائها حتي عام 1990 حينما كلف كاتب هذه السطور برئاسة تحريرها إلي يناير 2011, ويتولاها الآن د. محمد عبدالسلام. أما الديمقراطية, فقد كانت د. هالة مصطفي هي التي بادرت بفكرتها ونفذتها منذ عددها الأول. وليس مصادفة أن د. محمد عبدالسلام, ود. هالة مصطفي يحمل كلاهما درجة الدكتوراه في العلوم السياسية (التي يفترض فيمن يتولي هذا المنصب) والتي تجعل رئيس تحريرها يخرج وكما كان دائما- عن مسألة وآلية اختيار رؤساء تحرير الصحف المثيرة للجدل هذه الأيام. المزيد من أعمدة د.أسامة الغزالى حرب